قاسم العجرش
بالرغم من أن وضعا جديدا يسود العراق اليوم، قوامه توجه معظم الفاعلين السياسيين نحو التهدئة، وخفض حدة نبرات أصواتهم، وبالرغم من التصريحات المطمئنة، بشأن العلاقة بين أقليم كوردستان والحكومة المركزية، أو بين التحالف الوطني وبين التحالف الكوردستاني، إلا أن الشارع العراقي، يشعر أن لهذا الهدوء خاتمة ليست سعيدة، فغالبا ما تسبق العواصف أجواءا ساكنة!
الشارع العراقي الذي نعنيه، ليس الشارع الكوردي، فهذا الشارع يعرف جيدا؛ ما سيؤول اليه مستقبل إقليم كوردستان، وهو يسير مع قيادته بثبات نحو ذلك المستقبل، وسيصلون الى محطة يحذفون فيها كلمة "أقليم"!
الشارع غير الكوردي ليس متفائلاً من النتائج! وهذا رأي تقوله كثير من الفعاليات السياسية والأجتماعية، ونراه مبثوثا هنا وهناك، وقد بلغ حد الشياع!..وليس ثمة حرج من طرحه في الإعلام، لأن طرحه "مصلحة" وطنية، لجهة وضع النقاط على الحروف، ولجهة تبيان الحقائق..
فالذي بات ليس خفياً؛ أن كثيراً من القوى الكوردستانية، قد أدارت ظهورها للعراق الموحد، وذلك ما يصرح به المسؤولين الكورد؛ وبلا إنقطاع، كما أنه بات من أدبيات الثقافة والإعلام الكورديين، بل أصبح وسيلة يلجأ اليها أي كاتب كوردي، ليثبت من خلالها "كوردايتيته"، والكاتب الكوردي الذي لا يتحدث عن الإنفصال، ينظر اليه اليوم في أربيل بإزدراء!
هذه الآراء والكتابات؛ لا تعبر عن آراء فردية، تقال في أجواء الديمقراطية، بل أنها بالحقيقة منهج لحقن الرأي العام، بمطالب القيادات الكوردستانية، وطموحاتهم بدولة مستقلة..
ويعزز هذا المنهج، أن القيادات الرسمية الكوردستانية، عندما تجري مباحثات مع المركز في بغداد، حول قضية ما، فإن أجواء المباحثات، تعطي إنطباعا بأنها بين دولتين، وليس بين جهتين عراقيتين داخليتين!
في هذه الأجواء؛ لم يخرج مسؤول كوردي رسمي بمستوى رفيع، ليطمئن العراقيين بأن إقليم كوردستان، هو "جزء" ثابت في "كل" هو العراق، وأن الأصوات التي تنادي بالإنفصال لا تعبر إلا عن وجهة نظر أصحابها! وأن يقولوا ما يطمئن الشعب العراقي، وقواه السياسية الوطنية، الى أنهم ماضين في طريق بناء العراق، الواحد الموحد الفيدرالي، وفقا للأطروحة الديمقراطية، وأن الإختلافات ليست أكثر من إختلافات على الآليات، لا أختلافات بالجوهر..
إن العراقيين من غير الكورد، يجلسون اليوم على جمر علاقة ليست مستقرة، مع شركائهم الكورد، و لذلك يتعين على القادة الكورد، أن يعلنوا ما يريدون صراحة، وإن كانوا راغبين بعراق موحد، فإن عليهم الإعلان عن أن علاقة التحالف الوطني مع التحالف الكردستاني، هي علاقة إستراتيجية، ولن تتفكك كما يراهن بعض المتصيدين بالمياه العكرة، وان التفاهمات بينهما مدعمة بتضحيات ودماء مشتركة، وليست تفاهمات واستحقاقات ومكاسب مادية.
أن الحركة الكوردية؛ من أهم أركان التحالف التاريخي بين القوى الوطنية العراقية، وهي التي ساهمت مع تلك القوى بنحو فاعل، لإسقاط نظام الطغيان الصدامي، وأن الكورد أصحاب حق في هذه الأرض أسوة بإخوانهم من باقي المكونات.
كلام قبل السلام: ثمة من يسبحون في إتجاه السفينة، وثمة من يضيعون وقتهم في إنتظارها..!
سلام....
https://telegram.me/buratha