المقالات

مهلاً أيها الشعب: لا تصنعوا طاغية جديد!

1742 18:09:14 2014-12-23

"الشعوب تصنع الطغاة" حكمة طالما أطرقت مسامعنا، وداعبت مشاعرنا للحظات، ثم تتلاشى عن أذهاننا، وكأنها إحدى عبارات جلد الذات، وربما هي كذلك بالفعل، فجلد الذات هو أحد وسائل الشعوب، التي لا تفقه مصالحها، وعادة ما تُلدغ من الجحر ذاته عدة مرات! لا يخرج الطاغية من رحم أمه، وهو طاغية! وإنما يتم صنعه من قبل الشعوب، حيث يشرع بالإستخفاف بشعبه؛ يرفع رايات الإصلاح، والحرية، والعدل، والمساواة، فيطيعه الشعب الخانع، والخارج للتو من بركة طاغية سابق!

هكذا يُصنع طاغية جديد، حيث يتراخى الشعب عن مواجهة إنحرافاته الطفيفة، في مستهل حكمه، فيغفل أو يتغافل عن نقد حكومته وتقويمها! وربما ينخدع ثانية بتزويقات الحاكم الجديد وزخرف قوله، وأصوات مزاميره! نعم بتلك الصورة يُصنع الطغاة؛ شيئاً فشيء، وهكذا تلدغ الشعوب مراراً وتكرارا، وخيار الناس يتساقطون، مرة تلو أخرى! فتارة يُصنع الطاغية على حين غرة منهم، فتكون الزلّة الأولى مقالة! وأخرى يصنعونه بأيديهم!
ثم يزول ذلك الطاغوت، من بعد زمان طويل، وجهد جهيد، ودماء مسالة، وأرواح تزهق، وأعراض تنتهك، ودور تهدم، ومساجد تعطل، وبلاد تصبح خربة! حتى إذا ما شاءت السماء، وعاد المُلك الى أهله.

ما هي الا هُنيهة؛ إذ تقدمها طاغية آخر، ينبع من مجتمع الأخيار كما ينبع الماء! فترفّ له الأعلام، وتدق المزامير، وتركع الهامات، حتى إذا ما نضج أمره، وجرت حيلته؛ كشّر عن أنيابه، وهمّ أن يسير بسيرة سلفه! هكذا تبدأ مرحلة صراع جديدة، وكأنها جعلٌ من الخالق كي يتعض الخلق! وتلك سنّة الشعوب! بيد أن الشعوب لا تقهر، وإن طالت فترة الجور، فالخيرة فيمن بقي صابراً، عالقاً في الغربال، إذ ينتفض أولئك الأبرار، فيسقط الطاغوت، فيخلفه آخر!

ذلك هو حالنا في وطننا المنهوب، وشعبنا المهتظم منذ الأزل، إذ جاء الأكديون وأزاحوا السومريين، وجاء العباسيون وأبادوا الأمويين، وجاء الإنكليز وأزالوا العثمانيين، حتى قام فارس الجمهورية فأنهى المَلكية، ومن ثم ألقت مرساها عند شاطيء القوميين!
هنالك إذ أطبقت الأرض على جرانها بعذاب ونُصب، حيث أستوثق الأمر بيد فرعون العصر، فسام الخلق سوء العذاب، ما لم يفعله فرعون في مجده! حتى أنجلت سحب الديجور، وأنفلق فجر الديمقراطية، إذ يستجيب الرب لدعاء الخيرين، لنداءات (نريد قائد جعفري)!
يا للرب وللفرج؛ إذ قادها الجعفري، ومن ثم خلَفه المالكي، فنكأ الأخير الجرح، وطعن طعنته، ولدغ لدغته، وكاد أن يفعلها؛ لولا بقية شيوخ تخشع، وأطفال رضّع، وشبّان وهبت زهور سنيها، قرباناً لمغفرة تلك الخطيئة العظيمة!
الى من بقي من الأبرار عالقاً بين طيات الغربال، مستمسكاً بعرى التوفيق والتسديد، رفقاً بأنفسكم وشعبكم، وبحكومتكم الفتيّة، فلا تعيدوا الكرّة، وعليكم بالنقد البنّاء، وتقويم الزلل، وإقامة الأمت والعِوج، ولات حين مندمِ.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك