قصة العشق الحسيني تبدأ من أطفالنا، فكل طفل يُكبر على صوت الحسين، ويستنشق به أنفاس حريته، ويتعلم مع أول خطواته مبادئ ثورته، ليخط بأنامله أول حروف نهضته. بكل الدنيا، يتعلم الطفل قصةً لأسطورةٍ خيالية، لا واقع لاسمه وفعله الا في مخيلة كاتبها وراويها، لكن قصة الإيثار والبطولة والإقدام لأبي الفضل العباس، حقيقة واقعة لا يمكن لإحد أي ينكرها، كما جبل الصمود والإباء زينب لا يمكن إنكارها، فهي أنموذج صادق لقوة أمرآة أمنت بدينها وربها، وحقيقة رسالة جدها، وعدالة قضية أبيها وأخوتها، لتنطلق من تكليفها الشرعي وتنصر الحق وأهله.
ومع كل هذه النماذج والتربية الأخلاقية العالية التي تقدمها لنا ملحمة الطف، هنا نقف متسائلين، كلما مر علينا موسم عاشورائي مفعم بالايمان، لماذا كان للطاغية صدام وزبانيته ذلك الموقف الصارم بوجه ذكر مصيبة الحسين واحياء أمره؟
فهل كان شخص الحسين "عليه السلام" ينافسه على كرسي السلطه، أم كان يهدد الامن القومي لدولته البعثية؟
والجواب هنا موجه لمن لا زال ذلك السؤال يجول في باله وتزدحم الاستفهامات في عقله، في أن الإمام الحسين "عليه السلام" كان بثورته ونهجه الإصلاحي المكمل لنهج الرسالة الإسلامية، يمثل تهديد واقعي لكل طاغي مستبد يستعبد الناس ويريد أن يفرض سلطانه عليهم، وصدام وزمرته، كانوا فاهمين لحقيقة وبعد منعهم للشعائر الحسينية والسير لكربلاء، فحركة الإمام وثورته تمثل ذلك المحرك الفكري للانتفاضة بوجه الطغاة ورفض الظلم وطلب الإصلاح.
كما أن الأيدلوجية البعثية القومية المغلقة، لا يمكنها القبول بالنهج الاممي الوحدوي للثورة الحسينية التي جَمعة كل العالم تحت رايتهما وتوحدت كل اللغات بفكرها، لتصبح ملهمة العالم، ونبراس طريقهم التحرري، فهل بعد كل هذا يقبل الطاغية، بذكر الحسين وأحياء أمره!
فأن أردنا أن نبقى أحراراً رافضين العبودية والطغاة، ثائرين بوجه الظلم والفساد، أملين بمستقبل الأحرار، داعين الى دولة العدل والمساواة، بقيادة صاحب العصر والزمان "عجل الله فرجه"، علينا أن لا نقطع تواصل أبناءنا مع الحسين، فهو سر الارتقاء، وجوهر البقاء، والمدرسة التي تحافظ على النجاح، حتى يرث الله الأرض لعباده الصالحين، ونَضمن عدم تكرار وجوه الطغاة ان تعود لتتسلط على رقاب الاحرار، وأن يزول كل ظالم بصرخة هيهات منا الذلة.
https://telegram.me/buratha