المقالات

هواجس كاتب ما بين العقل والجنون

1566 19:17:00 2014-09-23

كنت جالساً يوماً ما في مَحَلٍ, يبيع العباءة العربية, كان يجلس رجلان كبيران في السن, تكلم أحد هما فقال: كم يُحِبُ الخالق العراق, حيث وضع به ألحضارة, واختاره ليكون مَهدَ الأديان, ومرقداً للأنبياء والصالحين.

فبادره الرجلُ الثاني قائلاً: بل قل كم نحن جاهلون ومنافقون! بحيث أرسل لنا الباري العزيز, هذا العدد من الرسل والأولياء, فلم نتعظ ولم نرتضي لأنفسنا, أن نكون سادة العالم, بل جهلاء خاضعين, ننعق مع كل ناعق! 

بقيت هذه الكلمات راسخة في ذهني, كأنها كلمات مسمارية, تم حفرها, من قبل كاتب سومري أو آشوري حاذق. بين فترة وأخرى, تُراودُني أفكاراً كأنها هذيان مجنون, فينشغل عقلي بأسئلة تُحيرني, هل أصبحت انساناً غير طبيعي؟

نحن العراقيون, كما نقرأ في دروس التأريخ, بكل مراحل الدراسة, شَعبٌ ذو فكر واسع مبدع, فأول الحضارات هنا, بابل حمورابي, آشور شلمنصر, أور أتوحيكال الملك, الزقورة والقيثارة, إمبراطوريات غزت العالم, ملوك يهابهم العالم, قوانين مكتوبة برمزية على اسطوانات ورقم طينية, تحدد مناحي الحياة, كيفية التعامل مع العقوبة لمن يخالف, لكِنَّي لَم أجد من تلكم القوانين تطبيقاً.

بُعث الاسلام في بيئة جاهلية, وسط جزيرة العرب, دخل العراق ألمُمَزق, مابين شرقي وغربي, كالحمل يتعاركُ عليه ذِئبان, مع ثعلب ماكر, رابضٌ في أقصى الشمال, متحينا ألفرصة, ليأتي على ما تبقى من الفريسة!  الإسلام دين التشريع ألكامل, والمعاملة الطبيعية بين الإنسان وأَخيه, عبادةٌ للواحد الأحد, رسولٌ كريم, أخوة ومحبة.

أرى نفسي عندما أقرأ تلك الايام, أني في عالم مثالي, فأُفاجأُ بإنتكاسة الأفكار الإسلامية الإنسانية, فأول ما قام به الأعراب بعد وفاة حامل الرسالة, إغتصاب للحكم, قتلٌ لأحفاد الرسول ص, سبيٌ لنسائه من بلد الى بلد! حيث جرت الواقعة الكبرى في كربلاء ألعراقية, وكأنهم يقولون: يجب ذبح الإنسانية في مهد ألحضارة.
غَضَبَ الرحمن على الأمة فسلط عليهم شِرارَهُم, أراد لهم أن يرتقوا, فأبوا إلّا الهبوط إلى أدنى الرتب, فتعساً لقومٍ حُمِّلوا أرقى رسالة, لم يُكَلفوا أَنفُسهم بالحِفاظ عليها.
فمتى تتم صحوة العراقيون؟ ليختاروا طريقهم الحقيقي, الذي أراده لهم رب الكون, ليقودوا العالم إلى بر الأمان, بعد الخلاص من الطغيان.
بدل التباكي على التأريخ السحيق, والتباهي بأول حرف, كأن الرحمن لم يقل في سورة العلق/5" عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ".
قبل أن يبتلع العالم سَيل من الدماء كالطوفان, فما نراه اليوم هو كأيام الجاهلية الأولى, ما بين قتل وسبي نساء وإغتصاب, ناهيك عن التخريب وسلب الأموال. 
لِحِين تَحقيق المعقول, أبقى تائهاً كالمجنون, عسى أن أجد المجهول.
مع التحية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك