يبدو أن المقارنة مجحفة جداً، بين خروج المالكي من المنصب وما سجله التاريخ لشخصيات تاريخية تركوا مناصبهم بالإستقالة، بعد قرائتهم مجريات الأحداث بواقعية، ولم يفعلها لأن الأمن وصل الى الإنهيار وتراجع الإقتصاد والفقر الى أدنى مستوياته، وأستشراء الفساد والمحسوبية لدرجة فقدان ثلث مساحة العراق، و15 مليار فساد إداري وبقدرها سوء إدارة وغيرها يفقد سنوياً.
إنشغل المالكي بتطوير مفهوم السلطة على حساب الدولة والحزب، وسعى للإستمرار بالحكم وليس تطوير حزب قادر على إحتضان القوى الأخرى.
واقعاً لم يطور المالكي حزب الدعوة اوالمناطق الشيعية الأخرى خلال تواجده بالسلطة، مندمجاً في تحالفات أشخاص وتفتيت التحالفات المقابلة، ولم يعمل على تطوير التنظيم والتنظير، وكسب المزيد من الشباب ومطارحة الأفكار التي تحكي تاريخاً من روايات المشانق والمواكب الجنائزية وسياط الجلادين، ومنافي تطارد حتى المصلين.
إعتقد ان التغلب هو مشروع السلطة وتحالفاتها ومنها الحصول على المناصرين، والمؤيدين والمستفيدين على مشروع الحزب، ترك البناء على قاعدة الحزبية وإعادة التنظيم وتلافي الأخطاء، ومصدرية الجماهير التي تقوى على الطغاة في منظار الدعوة، وعاش شيخوخة إعتماد دولة القانون على أصوات لا تنتمي الى ذلك الحزب العريق، حتى لم يصدق احد ان حزباً قهر نظريات الشيوعية والبعثية يتمثل بالأصوات العالية والتشنج، ولم يشابه اسلوب اتبعه المجلس الإعلى بالإنفتاح على الشباب ومشروع تجمع الأمل وإقامة المشاريع والأطروحات والخطاب الوسطي.
حزب الدعوة من حيث القيادات الأولى يشابه حركة الأخوان المسلمين وإشتقاقاتها من الحركة الأردوغانية، حيث تطورت الثانية، ولكن الأخوان سرعان ما انتهى دورهم وأسقطتهم التظاهرات المليونية بعد 85سنة تاريخ حزبي وحكم لسنة واحدة، بإبتعادهم عن المناهج المدنية والإجتماعية والفكرية والإقتصادية، وحكموا على انفسهم بالإعدام وإعتبار حركتهم محظورة وألقي في السجن معظم قادته، تلافى ذلك قادة الدعوة بالضغط على المالكي بالإبتعاد عن الساحة.
المالكي لم ينتهج منهج المجلس الأعلى والتيار الصدري في التقارب مع الجمهور وفتح مكاتب مناطقية، ولا مثل حزب الله الذي تبنى المقاومة ولا يتأثر بالحكومات، وأخطأ المالكي حينما تبنى سياسة التصعيد الذي بان وضوح فرقه الشاسع مع سياسة العبادي، الذي عاد للتحالف الوطني وإعتماد السياسة الهادئة، وبعد اسبوع من استلام حكومته غابت الكثير من الأصوات، وتوجه الشارع للهدوء وترقب الامل والتغيير الذي نشدته المرجعية..
المالكي أخطأ ولم يراجع إبعاد الحزب وتقريب المناصرين والعائلة، وإعتقد ان الزعامة تأتي من الفصيل الإنتخابي المؤيد؟! فحصلت كتلة الدعوة في دولة القانون تقريباً ما يساوي بدر ومستقلون، وخسر صقورالحزب وتفوق الأقارب؟!
التغيير جاء متأخراً بعد اصرار المالكي على عدم التنحي، لكن قبول حزب الدعوة لرأي المرجعية الصائب، ليكون العبادي اول رئيس يحصل على تأييد دولي منقطع النظير، ومساعدة العراق في معركته ضد الإرهاب.
المالكي لم يطور الحزب بالإمكانيات والصلاحيات التي استخدمها لإبراز شخصيات خارجه، ويتضح انه تنازل مرغماً وقد عبر في اعتراضه الضمني يوم امس بعد لقاء عدد من المحافظين، على خطوات العبادي في العمليات العسكرية، ونسي إنه لا يزال رئيس الحزب وقد حكم 8 سنوات ويعرف ان البرنامج الإنتخابي صوت له البرلمان، ورئاسة الجمهورية لا يحق لها الإعتراض، وما قالته المرجعية في تأييد الحكومة ولكن هنالك ملاحظات، فأعتقد انها على مناصب النواب الثلاث للرئيسين وكماليتها وبذخها، وتشبث المالكي بالسلطة هو من قتل حزب الدعوة، ولكن الدعاة تداركوا ذلك في الوقت الضائع.
https://telegram.me/buratha