حيدر حسين الاسدي
عبرنا مرحلة الديكتاتورية الصريحة التي عاشها العراق لـ 35 عام، ووصلنا الى مرحلة الديمقراطية، والتي كنا نحمل لها أمال كونها تجربة تكون بين طرفين، حاكم ومعارض احدهما مسؤول عن تنفيذ السياسة العامة الهادفة للارتقاء بالواقع الهزيل، والأخر معارض يراقب الأداء ويقوم الأخطاء، للحد من أي شذوذ عن المسار الصحيح.
التجربة العراقية أثبتت بُعدها عن العمل السياسي الحقيقي، وما يطبق على ارض الواقع تقاطعات وتناحرات، بين كتل تبحث عن مصالحها، وعداء شخصي بين زعماء كتل، يطرح بتصريحاته سموم في الشارع، تنتج صدامات فكرية طائفية اجتماعية، لم تثمر الا تعطيلاً لعجلة التطور والنهوض لعشرات السنين.
من يتبنى دور المعارضة يرسم لنفسه دور المدافع عن الحقوق والسد المنيع ضد سارقي قوت الشعب، حقيقة الأمر غير ذلك! فتقاطع المصالح والصراع على السلطة سمة يلاحظها المتابع، الجميع يسعى الى السلطة، والغالبية يحاول ان إشباع جوعه السياسي وسياسته الجائعة لامتيازات السلطة، القليل يحاول ان يطبق مبادئه وأدبياته الوطنية على ارض الواقع.
الفاشل يحاول خلط الأوراق والألوان أمام أعين الناخبين، ومن يريد ان يصحح المسار بات في موضع الإثبات انه ما زال يحمل تلك القيم والأهداف، اختلطت الرؤية وضاع الحق في زحمة الباطل، وأصبح المواطن يعلن الحيرة واليأس من إنتاج عملية سياسية صحيحة.
الخوف يعتلي صدورنا من مقبل الأيام، بعد أن ضاعت بوصلة الاختيار، وتقاعس الأبناء عن بناء جدران الوطن المتهالك، مرتكبين خطأ فادح في ترك الأمور على الغارب، منتظرين حلول لا تأتي من الخفاء، وهل بقي صبر للانتظار لأربع سنوات أخر، تتابع بها الأزمات وعاجل الانفجارات، وصراع السياسيين الصبيان وهم يطلقون تصريحات غير مدروسة من هنا وهناك.
21 مليون بطاقة انتخاب تمثل عدد الأصوات، التي تحمل على عاتقها تغيير واقع العراق، في حسن الاختيار وتشخيص مكامن الخلل وعدم التكرار، فالكثير من الوجوه المطروحة للاختيار تحتاج منا الى delete واستحداث شخصيات تمتلك روح العمل والإرادة، لنكن أكثر ذكاء ونطوي وجوههم من صفحاتنا، فهل نرتكب نفس الخطأ والمعصية مرة أخرى بحق أنفسنا، ونحول ظهورنا مرة أخرى سروجا يمتطونها؟! لن يتمكن من الإجابة على هذا التساؤل إلا تيار شهيد المحراب بمشروعه المتكامل لبناء الدولة العصرية، هذا المشروع المستند الى ثروة مرجعية حفرت في الضمير الشيعي العراقي عميقا، مقدما قافلة طويلة جدا من التضحيات، نبدأ بعدها ولا تنتهي، و تيار الشهيد الصدر، الذي قارع من خلال منبر الجمعة طغيان صدام، وقدم مؤسسه الشهيد الصدر الثاني قربانا على مذبح حرية وإنعتاق العراق والعراقيين من جور الصدامية البغيضة، وقاوم المحتل الأمريكي بضراوة تشهد لها مقبرة شهدائهم في وادي السلام بالنجف الأشرف، الأجابة المنتظرة هي أن يفكك أتباع التيار الصدري، الأسباب التي كمنت وراء إعتزال زعيمه السيد مقتدى الصدر الحياة السياسية، والإشارات الضمنية التي بعثها لهم، حينما أشار الى أن تيار شهيد المحراب هو الأقرب اليه فكريا وعقائديا وأجتماعياوسياسيا، وهي أشارة الى توجه سياسي وأنتخابي يجب أن يفعلوا ما يحققه، فهل هم فاعلون؟!
https://telegram.me/buratha