المقالات

بالامس كانوا معي واليوم قد رحلوا

2248 00:38:00 2007-04-04

( بقلم : المهندسة بغداد )

 قراءة أية الكرسي ونادي علياً وبعض الادعية غدت من البديهيات التي أستعين بها وكل الناس على عاديات الزمن عندما اهم بالخروج من المنزل هذا ان لم تستوقفني والدتي لتعبر بي قلعة ياسين او ترمي خلفي ببعض الماء وشفاهها تخاطب بارئها بان يحفظ لها وديعتها عنده وتستمر  بسرد التوصيات حتى اغلق الباب وما ان اغلق الباب حتى تقع عيني على حديقتنا المتواضعة والتي جفت بها اغلب الاشجار فلم تعد نضرة كالسابق باتت حزينة وكئيبة مهجورة وسليبة لقد سُلبيت راعيها انه ابو عباس رحمه الله  .

بالامس كان هنا يرتب السواقي ويزيل الحشائش الضارة وانا ارقبه خلف النافذة فتفانيه بالعمل مع اولاده شي نادر وحكمته والتزامه تسمو به لان يكون موطن اعجاب وتقدير فعندما كان يحين وقت الصلاة ونجلب له سجادة كان يردها شاكراً قائلا بانه لايوجد اطهر من الماء والشمس والتربة فيصلي واولاده في حدقيتنا بخشوع وصوت جهوري امتاز به هذا الرجل الطيب .

واليوم لقد رحل الى جوار ربه مع ابنه الشاب الصغير بعد ان قتله الجبناء ممن يركبون سيارات الموت في حي الظلم بعد قيامه بجريمة كبيرة الاوهي رجوعه من حسينية لاتأدية صلاة الصبح !.

تخرج الحسرة من ثنايا صدري واترحم على روحه الطاهرة واستمر بالمسير لاصعد باص العمل واستخرج كتاب الادعية الذي لايفارقني ويشغلني عن رؤية عاصمتي الحزينة الا ان الباص يقف عند ذلك التقاطع وذلك الكشك .

بالامس كان يقف في التقاطع رجل يبيع الجرائد لااذكر ملامح وجهه التي يغطيها بجرائده غالبا متناقلا بين السيارات كل ما اتذكره تلك الضحكات التي يتبادلها مع زملائي في باص الجامعة فلقد كان هذا الرجل يقف في هذا المكان لسنين نراه كل يوم ونشتري منه الجرائد ليقوم زميل بقراءة الابراج لنا جميعا ففي عهد الطاغية لم نفكر يوما بقراءة مقالة فكلها (بالروح بالدم ...) الا الابراج كانت ملكا للشعب حينها !

واليوم لقد رحل ايضا الى جوار ربه بعد ان انفجرت عليه عبوة زرعت بذات التقاطع والمؤلم في الامر ان هذا الرجل كان يخبرنا انه من مكان بعيد الا ان رزقه هنا لم يكن يعلم ان الذين لايخشون الله تسببوا  ان يكون موته هنا ايضا ،وشائت الصدف ان نمر بالموقع بعد الانفجار بنصف ساعة ولم نسال من الذي استشهد فلقد تطايرت جرائده لمسافة كبيرة ممزوجه بدمه الطاهر وكانها تخبرنا بالذي جرى لصاحبها .

اعتدت قراءة الفاتحة وكل زملائي عندما نمر بالتقاطع يوميا وقد غاب عنه ذلك الطيب واعود لاستغفر ربي واتكأ على النافذة جالبة حسرة بعد اخرى وليسير الباص ويمر من امام الجامعة .

بالامس كانوا هنا فادي ومصطفى و ... ذلك الفادي الذي طالما اشبهته بالمصرع فهو يدور حول نفسه وحول الاخرين يضحك ويشاغب ويساعد والابتسامة لا تفارقه رغم انه ابن وحيد لاسير غاب عن الوطن ولم يرجع الا قرابة السقوط ليجد ابنه شابا وعندما قص علينا فادي قصته بعد التخرج وقفنا مندهشين كل هذه المأساة لم تغير في روح فادي المرحة كان يحدثنا كيف التقى اباه اول مرة بطريقة كوميدية ابكت الحضور ضحكاً فحتى مأساته كان يهوينها على زملائه .

واليوم يرن هاتف المنزل لتخبرني زميلتي بأن أقرا سورة الفاتحة على روح فادي ومصطفى الزميل الاخر لقد خُطف فادي من مكان عمله واقتيد الى جهة مجهولة كمصطفى في حادثتين منفصلتين وتخبرني ذات الزميلة انها ذهبت للعزاء لدارهم ورات الاب في حالة لاتوصف يتمنى لو انه لم يرجع اما الام وزوجة فادي الحامل ينتظران في الباب روجوعه . اه يا فادي عشت محروما من حنان الاب ومت ولم ترى ابنك  رحمكما الله يا فادي ومصطفى وحقيقة يازميل الدراسة استرحمك الله الا انني غير مصدقة للامر هل صحيح ان دخلت للجامعة لن اجدك هناك تؤذي هذا وذاك وتعمل ضجة في كل مكان تحل به والكل سعيد بك ويعزك  هل ستكون هناك هل؟!! ساعد الله اهلك وزوجتك وزملائك .

وهنا انتبهت انني وصلت الى مكان عملي ولانتظر غد جديد اصعد فيه ذات الباص واستذكر الا ان القصص تزداد يوما بعد اخر للاسف حتى انني غدوت احسب كم الانفجارات الكبيرة فقط بين مكان عملي ومنزلي القريب نسبيا فوجدته عشرون انفجار هائل ناهيك عن عبوات ومأسات ما بين قبل مرورنا او بعد مرورنا وقد انجانا الله منها اما لاننا قوم لا نستحق الشهادة او لان بارئنا يذخرنا لخدمة المجتمع واستذكار الشهدائ الذي يولم قلوبنا وصرت لا اعلم شيء في طريقي سوى قراءة الفاتحة لهم واسال الله القبول .

نسال الله ان يحفظ شبابنا وينير قلوبهم وعقولهم بطريقة تجعلهم يحفظون ارواحهم قدر المستطاع خدمة للدين فالجُبن خيبة والاقدام بطريقة رمي النفس بالتهلكة خيبة اكبر والشاب العراقي محجوز بين مطرقة المعيشة وسندان الارهاب اعانهم الله وايانا

ورحم الله من قرا الفاتحة على ارواح من ذكرت اسماءهم في المقالة وجميع شهدائنا وكل مغدور ومظلوم  سحقته افة الارهاب ونسالكم الدعاء لقلوب متعبة لما ترى وتسمع بان يقويها رب العزة على مصابها والحمد لله رب العالمين على كل شيء ونساله الفرج بظهور صاحب العصر والزمان ع ليملا الدنيا نورا وعدلا انه سميع الدعاء

اختكم لمهندسة بغداد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك