المقالات

التهجير ألقسري – معالجة أولية

1726 03:17:00 2007-04-03

( بقلم : السيد ابو مرتضي العسكري )

بدون حاجة لشروحات عن مشكلة التهجير ألقسري الذي تعرضت له أطياف واسعة من أبناء شعبنا على أيدي عصابات التكفير، لأن هذا موضوع اشبع بحثا وتناولته الصحافة والمؤسسات الإعلامية حتى بات من برامج الأحزاب والقوى والكتل السياسية، بل و مادة دائمة في البيانات الصادرة عن مراجع الدولة ومجلس النواب وتصريحات المسؤولين الشبه يومية.. وتحصيل الحاصل إننا نقف أمام مشكلة وطنية, والمشاكل الوطنية تكون معالجتها من هذا المنطلق.. مشكلة وطنية بمعنى انتشارها على مساحة الوطن العراقي كله.. ومشكلة وطنية بمعنى أنها خارجة عن قدرت الأفراد والقوى المحلية على معالجتها.. ومشكلة وطنية بمعنى أنها تحتاج إلى حلول جذرية لا ترقيعية.. ومشكلة وطنية لأنها نشأت وتكونت وفقآ لمسببات سياسية بدعاوى وطنية.   وفي قبالة ذلك فأن وقوف الحكومة ومجلسي الرئاسة والنواب عاجزين إزاءها أو مهملين لها في أحيان أخرى أو تاركين مهمة حلها للزمن، يفصح عن إن الإرادة السياسية لحل هذه المشكلة غير متوفرة ألان على الأقل, وهو مؤشر خطير, بل إن بعض التحليلات تذهب ابعد من ذلك، إلى حيث التصور بأن هناك إرادة سياسية ربما رسمية مشجعة على التهجير متصورة أن فيه الحل للعقدة الطائفية التي تعاني منها مناطق متعددة ذات وجود مختلط للمذاهب والمكونات متناسية أن سياسات التهجير أمر أسسه  النظام السابق وكان من أصعب مورثاته إيانا، ومن المؤلم إن مثل هذا التحليل الذي يذهب إلى وجود مثل هذه الإرادة يجد له مصاديق على ارض الواقع، والمعطيات التي أمامنا كثيرة في هذا الصدد، ولعل في إيراد بعضا منها هنا يؤكد ما ذهبنا إليه, لأن إهمال المشكلة منذ البداية و ( القبول بها ) أدى إلى تفاقمها, حيث أن أجهزة الدولة لم تكتف بالإهمال في بداية الأمر بل ( نفت ) أو (انكرت) حصولها بالمرة في البداية، ثم ( قللت) من أهميتها على الرغم من تصاعد وتيرتها, وإذا صدقنا أن ذلك كان بحسن نية وتخطيط لتقليل انعكاساتها السياسية و خفض مستويات الاحتقان الطائفي في البداية، فان الاستمرار على هذا النهج بالتعامل بعد تصاعد المشكلة إلى مستويات بلغت مئات الألوف من الأسر المهجرة مع ما رافق ذلك من ارتكاب مجازر بشرية ، يعد تهاونا وتقصيرا لا يمكن السكوت عنه.بل وتشكيل مصمم للمشكلة.

 وبديهي إن احد وسائل المعالجة هو في رعاية الأسر المهجرة وتقديم الدعم المالي لها وهو أمر شهدنا فيه أيضا تهاونا وإهمالا جسيمين، فمبلغ الـ (100000) دينار المقدم لهذه العوائل لا يسد حتى أجور ارتحالها إلى ألاماكن البديلة على بؤسها، وشمول هذه الأسر بشبكة الرعاية الاجتماعية مقتصر على الأسر التي هجرت قبل شهر 10/2006 وما صدر في وسائل الإعلام من إعلانات في دوائر الهجرة والمهجرين من ضرورة المراجعة إلى فروع الوزارة في المناطق التي ارتحلت إليها الأسر لاستلام المعونة بقي حبراً على ورق, وكذبة كبيرة بالحقيقة. وحتى لو استلم المرحلون مبلغ الـ (250000 ) دينار المعلن عنه فهل يعوضهم عن أملاكهم ومساكنهم وأموالهم التي صادرها التكفير يون وفقاً للتعميم الذي صدر عن هيئة علماء السنة ؟ ثم هاهي الدولة بقضها وقضيضها يقف أمامها من قاموا بعملية التهجير بكل صلف وغرور وعنجهية دون أن تقتص منهم أو حتى تعاتبهم! او ليس من واجب الدولة والحكومة أن تحمي المواطن ؟ وإذا كان كذلك، فأين حق مواطن فقد  أملاكه جراء التهجير الذي حصل نتيجة إما لعدم إمكانية أجهزة الدولة من توفير الحماية له أو تقصيرها أو (رغبتها!!) في تمرير هذه السياسة؟

إن الدولة ليست مسؤولة فقط عن تعويض الأملاك المفقودة أو التي احرقها الارهابين والتي تعود للأسر المهجرة ،بل مسؤولة قانوناً عن تعويض اسر ضحايا الإرهاب عن فقد المعيل وتوفير راتب تقاعدي لهذه الأسر يحفظ ماء وجه هذه الأسر ويغنيها عن الوقوف على أبواب اللئام! وإذا كان دستور العراق يؤكد في ديباجته إن الإسلام مصدر رئيسي للتشريع  فان الدولة مسؤولة عن ديات الشهداء والجرحى والمعوقين جراء أعمال الإرهاب وفي مقدمتهم من تعرض لظلم مزدوج بالتهجير والقتل.  ولعلنا في طرحنا هذا لا نغالي في نقل معاناة تلك الأسر إذا وصفنا أنها ألان تواجه مشاكل اجتماعية وأخلاقية خطيرة أيضا وهذه الأسر وعددها كما أسلفنا أصبح مئات الألوف فقدت ثقتها تماماً بالدولة والحكومة بل إن اسم الدولة والحكومة أصبح لها عنواناً للتقصير ومثالا ً للظلم ومثاراً للسخرية والتندر. واغلب هذه الأسر لم تحصل من الدولة ومؤسساتها على شيء يستحق أن يحكى عنه, وكل الذي حصلوا عليه هو بطاقة الأسر المهجرة – التي قال احد موظفي دائرة المهجرين لأحد الذين. سألوه بعد إصدارها لهم ماذا نصنع بها فأجاب(انقعوها واشربوا ماءها)...

ومازال معظم الأسر المهجرة بدون حصة تموينية لبقاء حصصهم لدى وكلاء المواد الغذائية في مناطق سكنهم الأصلية وعجز أو امتناع أجهزة وزارة التجارة عن نقل بطاقات تموينهم إلى المناطق التي ارتحلوا إليها، وهاهي البطاقات التموينية الجديدة  للعام 2007 قد صدرت، ولكن وزارة التجارة لم تنقلها إلى المناطق الجديدة على الرغم من أن المواطنين المهجرين قدموا ألاف الطلبات إلى مراكزهم التموينية الجديدة والتي كانت تعدهم بأنها ستحول تجهيزهم حال صدور البطاقات الجديدةإلى وكلاء بالمناطق التي ارتحلوا إليها، وقسم كبير منهم لم يستلم الحصة التموينية لسنة مضت، بل إن وزارة التجارة تطلب منهم مراجعة مراكز التموين في مناطقهم القديمة لاستلامها وهو أمر مستحيل وأشبه بالدعوة للانتحار.

إن عظم المشكلة يتطلب جهداً بحجمها وربما أكثر منها حتى يمكن تجاوزها, والحلول ممكنة وهي إن بدأت بالأمن فأنها تنتهي به ودعواى أجهزة الدولة للأسر المهجرة بالعودة إلى دورها هي بمثابة دعوة إلى القتل على يد الارهابين الذين مازالوا يمسكون بالمناطق التي هجروا منها تلك الأسر... ثم كيف يطمئن الذين هجروا مثلا من الطارمية وسبع البور والاسحاقي ومحيط بلد  والد جيل وأبي غريب والخضراء والعامرية والجامعة والعدل ومازالت الجوامع مراكز للإرهاب وأئمتها يصيحون بكل عقائرهم (اقتلوا الروافض حيث ثقفتموهم ) وكيف يمكن أن مثلاً أن يعود من احرق جيش عمر داره في حي العامل بأثاثها وافلت بجلده بعياله بالوقت الضائع – وما هي الضمانة التي تقدمها أجهزة الأمن له وهي منشغلة بتأمين أمنها وامن جامع أبو بكر الصديق! الذي انطلقت  منه زمرة الشر الإرهابية لتقوم بعملها الدنيء الذي قتل أي إمكانية للتعايش مستقبلاً .. وحتى إذا دسنا على جراحنا فمن يضمن أن ينكأ الضاري والد ليمي واضرابهما تلك الجراح التي تزداد عمقا يوما بعد يوم..ومن الله التوفيق                                                                                                                                        السيد ابو مرتضى العسكري

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك