المقالات

البردقوش المنتظر

1719 05:04:00 2007-03-21

بقلم: د. احمد راسم النفيس (كاتب مصري)

نقلا عن جريدة القاهرة بتاريخ 20-3-2007زارني أحد مرضى السكر في عيادتي حيث حكى لي قصته مع باعة الوهم المستوطنين في إحدى الفضائيات (الإسلامية)!!.سئم الرجل من تكرار تعاطي حقن الإنسولين بصورة يوميه لأنها تذكره كل يوم بأنه مريض وهو يريد أن يعود كما كان قبل ثلاثين عاما وكان أن اهتز الرجل طربا عندما شاهد بعينيه إعلان البردقوش العجيب الذي سيعيد شبابه جديداً جديدا, وصحته حديداً حديدا ووداعا للمرض والإنسولين!!.عاش الرجل أحلى لحظات عمره لمدة أسبوع واحد بعد أن توقف عن تعاطي الحقن وعاد إلى طبيعته الأولى في تناول الطعام من دون ضابط ولا رابط ثم بدأ يترنح بعد ذلك وعندما ذهب لقياس مستوى السكر في الدم وجد أنه تجاوز الخمسمائة أو يزيد!!.لم يجد الرجل بدا من العودة إلى أرض الواقع مرة أخرى بعد أن تأكد له أن ليس هناك حلولا سحرية لأي مشكلة وأن (البردقوش المنتظر) لا يعدو كونه وصفة مؤكدة للموت السريع لا فارق بينه وبين (وصفة بندر المنتظر)!!.تنحصر الآثار المدمرة (للبردقوش المنتظر) في إطار مرضى السكر الذين يشكلون قطاعا محدودا من السكان لا يتجاوز 6% فقط لا غير (يسهل التضحية بهم فداء للبرداقوش؟!) خاصة وأن هناك من يفضل الموت بدلا من تعاطي دواء صنعه كفار الدانمارك, ويريد دواء إسلاميا من دون أن يتعب في اختراعه!!. إلا أن (وصفة بندر) تهدد أمة بأسرها بحرب جاهلية لا تبقي ولا تذر كما أنها وصفة فاشلة سبق لها أن جربت وأصابت كل من استخدمها بالعمى الجزئي والشلل الرعاش والهلاوس المرضية فضلا عن فقدان الذاكرة مما شجع جماعة العشابين العرب على إعادة بيع نفس الدواء القاتل لجماعة العميان العربية والدولية!!. تقول النشرة الطبية الملحقة بوصفة بندر السحرية:(سنراقب المتطرفين عن كثب!! خلقنا هذا التحرك، ونستطيع التحكم به. ليس الأمر أننا لا نريد أن يرمي السلفيون القنابل؛ إن الأمر يتعلق بالجهة التي يرمونها بها ـ حزب الله، مقتدى الصدر، إيران، والسوريون أيضا إذا استمروا بالعمل مع حزب الله وإيران(.ولأن السيد بندر هو أحد عباقرة السياسة العرب شأنه شأن معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص فهو حريص على أن يخلد هذا الإنجاز باسمه في سجل المفاخر والأمجاد ومن ثم فهو لم ينف ما نسب إليه ولأنه يراقب هؤلاء السلفيين عن كثب سواء كانوا في بلد المنشأ (حيث سيفجرون أنفسهم لاحقا) أو في العراق بلد المصب والمصائب حيث يفجرون أنفسهم الآن ضد (حزب الله ومقتدى الصدر والإيرانيين والسوريين) ولذا فالرجل يعرف من فجر شارع المتنبي في بغداد شارع المكتبات وأحال الكتب والبشر إلى رماد وأشلاء وهو أيضا يعرف الانتحاريين الذين فجرا نفسيهما في مدينة الحلة الواقعة جنوب بغداد وسط الزوار المتوجهين إلى مدينة كربلاء لإحياء ذكرى أربعين الحسين حيث لقي 93 شخصاً مصرعهم وأصيب 147 آخرون - إصابة 40 منهم بالغة يوم الثلاثاء 7 مارس 2007.ولا شك أن هؤلاء (الأوغاد القتلى) يستحقون أكثر من هذا لأنهم يشكلون التربة الخصبة التي أنبتت (حزب الله ومقتدى الصدر والإيرانيين والسوريين) ومن ثم فهم أهداف مشروعة لوصفة بندر السحرية أو البردقوش السياسي المنتظر!!.الآثار الجانبية لوصفة بندرولأن أي دواء في هذه الدنيا يمكن أن تكون له بعض الآثار الجانبية ولذا تذكر النشرة الطبية لخبير البردقوش السياسي بعض هذه الآثار التي لا تدعو للقلق ولا تثير الريبة (إن سمعت بعض الانفجارات أو أصوات الرصاص بالقرب من رأسك, فلا تقلق فنحن نراقبهم عن كثب!!! وإن سمعت بعض أصوات السب والشتم والتكفير بالقرب منك أو عليك, فلا تقلق فنحن أيضا نراقبهم عن كثب!! وإن قتل بعض الفرنسيين أثناء ذهابهم لأداء العمرة فلا تقلق ولا تمتعض فنحن أيضا نراقبهم عن كثب!! وسنلقي القبض عليهم عن كثب!!! وإن أحسست ببعض الغثيان أو القرف الشديد لكثرة ما تشاهده من جثث وأجساد محترقة من كثب فيمكنك أن تتعاطى دواء ضد القيء وأن تصمد حتى تفشل الخطة الأمنية في العراق عن كثب وإلى أن يرضخ العراقيون لمن يطالبهم بتعديل دستورهم ليفرغوا هم بعد ذلك لوضع دستور لبلادهم التي ما زالت حتى الآن بلا دستور ومن ثم فهم لا يحتاجون تعديل شيء لا وجود له!!).برداقوش إعلاميجلست أتابع (عن كثب!) لقاء مسجلا مع أحد هؤلاء الانتحاريين والذين جرى تفجيرهم عن بعد (وليس عن كثب!!) ونجا على طريقة (أعطني عمرا وفجرني عن بعد في صهريج نفط)!!.إنه نموذج للبلاهة والعته متجسد في إنسان له عينين ولسان وشفتين, فالرجل ذهب إلى العراق ليقتل من أوصى السيد بندر بقتلهم ولكنه كان يتصور على ما يبدو أنه سيركب فرسا أبيض ويقتل على طريقة سيلفستر ستالوني ويعود إلى حضن أمه بعد ذلك حميدا مجيدا يرتدي ثوبا جديدا ولكنهم أركبوه صهريجا من الغاز وطلبوا منه إيصاله إلى نقطة محددة وما إن وصل إلى هذه النقطة الكائنة وسط حي سكني حتى فجروه عن بعد وكان أن نجا هذه المعتوه رغم احتراق أغلب جسمه ورغم احتراق المئات من البشر وعشرات المساكن المحيطة!!.من الذي ساق هذا المعتوه المخدوع ليجري تفجيره وسط المدنيين الأبرياء ومن الذي يكذب ويحرض في وسائل الإعلام صباح مساء ليسوق هؤلاء إلى حتفهم ومعهم المئات كل يوم؟!.أليسوا هم خبراء البردقوش الإعلامي والديني الذين يكذبون ويحرضون على القتل والانتقام العشوائي ويقدمون خرافاتهم على أنها حقائق غير قابلة للنقض أو الدحض والتشكيك؟!.لقد تضخمت إذا واستفحلت ظاهرة الدجل السياسي والطبي والإعلامي فهي تعكس رغبة جامحة في الحصول على حلول سحرية سهلة مهما كانت درجة لا أخلاقيتها حتى ولو كانت حلولا وهمية تجاوزها الزمن وتطور المجتمعات نحو التكامل العلمي والأخلاقي ومن ثم فمهما حقق خبراء البردقوش من نجاحات زائفة فهي لن تصمد ولن تستمر طويلا والأيام المقبلة كفيلة بكشف هذه الحقيقة.(اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً * أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً) فاطر 43-44.دكتور أحمد راسم النفيسArasem99@yahoo.com
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
خالد الحسيني
2007-03-22
اقول للدكتور هذه البلوى التي بليت الامه بها هونتاج سياسات منحرفه لتاريخ طويل بداء من السقيفه وتبلور منذ الحكم الاموي فلا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم والعاقبه للمتقين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك