المقالات

سحق رأس أفعى الإرهاب والخراب ولكن ألا تولد أفاع جديدة ؟!

1942 04:38:00 2007-01-06

سقوط صدام كنظام بكفة وإعدامه بكفة أخرى ،وان ما مضى بين هذين الحدثين قد مضى بإخفاقاته وبإشكالاته وبايجابياته ،ولكن ما لا يمكن غفرانه للجميع هو ان لا يكون زوال صدام هو الرمح الأخير في جعبة الإرهاب ........ ( بقلم : طالب الوحيلي )

بين نشوة الانتصار التي اجتاحت ضحايا صدام او ورثتهم بعد ان حانت ساعة القصاص الفعلية ووقف على منصة طالما شهدت أنين وشهيق المعدومين الأبرياء في زمن هذا الشيطان ،فقد تعرف عليها بعض ذوي الشهداء الذين اعدموا فيها واجبروا على التطلع الى الأنفاس الأخيرة كيف تتحشرج في صدورهم ليقف خلفهم ضحايا آخرين يترقبون حلول دورهم حيث روى لي شخص صاح بهلع حين بثت التلفزيون مشاهد تنفيذ حكم الإعدام بالطاغية قال إنها الشعبة الخامسة في مديرية المخابرات العسكرية وراح يسرد بعالي صوته كيف استدعي لهذه المديرية دون ان يدور بخلده انه سوف يحضر حفل إعدام أبناء عمه الثلاثة وإذ وقف في الجهة المقابلة للمنصات الأربعة (التي خصصت إحداها لصدام)ادخلوا الضحايا وكان عددهم اثني عشر شهيدا وأوقف أبناء عمه واحد خلف الآخر دون ان تقيد أيديهم حيث كانت تنهال عليهم الضربات من قبل الجلادين بواسطة أنابيب من حديد مما يضطرهم للامتثال وحين شنقت الوجبة الأولى انداحت منه صرخة فزجره الحراس محذرينه بان يعدم معهم أن أتى بتصرف مماثل ،بعد التأكد من مفارقة الضحايا الحياة سحبوا جثثهم الى الأعلى لكي يحرروها من الحبال بعد ذلك القوا بها الى الأسفل ليتم العمل مع الضحايا الآخرين، وكان احد الأشقاء قد فارق الحياة قبل تنفيذ الحكم به ،حيث تناهى للمتحدث السمع بهذا الشأن ومع ذلك نفذ به الحكم المشئوم ..ولابد لكل واحد منا ان يستحضر أسماء شهداءه ويتخيل ما عمل بهم الجلادون بأمر هذا الطاغية اللعين ،مع فارق كبير بين الأدب الجم لجلادي صدام واحترامهم للموقف الرهيب وتعاملهم معه برأفة بعد منحه فرصة في قول ما يشاء ورفض ما يريد فيما كانت طريقة إعدامه أسرع من لمح البصر ،وذلك عكس ما كان يفعله جلادوا شهداءنا الأبرار اذ كانوا يتلذذون بطرق موتهم وتعمد إطالة أمد احتضارهم دون ان يمهلونهم بنطق الشهادة .

وقد يبدأ الحديث ولا ينتهي حول هذا الحدث التاريخي الذي يستحق ان يكون بداية عهد العراق الجديد ونهاية كلية لنظام البعث ،فهو التاريخ الحقيقي لسقوط الدكتاتورية والذي استغرق يوم 9نيسان 2003 اذ لا جدوى من سقوط نظام حكم يتمتع رمزه بالحياة ويستأنس أنصاره وأيتامه بأمل رجوعه الى الحكم بعد ان جمعتهم بؤرة الوهم والعبودية لشخص وصنم الطاغية ،وقد شهد العراق زخم الجرائم البشعة لقوى الإرهاب التي لابد انها خرجت من جحور ودهاليز المدرسة الصدامية وضمن تكتيكات أشيع خبرها منذ إحراق أول بناية او دائرة حكومية في بغداد ومنذ أول عملية خطف او تسليب وقعت ،فيما كانت جيوش الفساد والتخريب الاقتصادي والإداري هي من سمات ومخلفات بقايا البعث الذين تمددوا وتمرغوا في غفلة من القوى المتصدية وعدم إفساحها المجال في تطبيق قانون اجتثاث البعث على وفق رؤيا عراقية مدركة لحقيقة المكون البعثي وامتداداته الواقعية .وللإعلام لمساته المرعبة سواء كان سلبيا ام ايجابيا ،فقد انهار باعدام صدام حاجز الحياء او المجاملة للقنوات الفضائية العربية والعراقية المعروفة بمواقفها القذرة اتجاه القضية العراقية في ماضي العراق وحاضره فراحت تؤبن الطاغية مرة وتختلق الأكاذيب او تحرض او تفتري ضد الشعب وقواه الوطنية وتجربته الجديدة ،اذ غفروا كل جرائم صدام وبيضوا كل تأريخه الأسود وعكسوا الوجه الصريح للرؤيا الطائفية والعنصرية للخطاب الشعبي للأنظمة العربية التي شارك بعضها بمواقف لا يمكن غفرانها دوليا حين أعلن الحداد او حين سمح بإقامة صلاة الغائب على روح صدام الآثمة ،ولتتيح المجال للأبواق الصدئة في الزعيق وفي العواء والنباح على وفق حملة ظالمة تجلب في ثناياها بوادر عداء عربي لشعب مبتلى بأغلبيته الشيعية والكردية ،غير عابئة بما جار به صدام طيلة حكمه على العراقيين والعرب أجمعين ،ومتناسية واقعها البائس وانحطاط أنظمتها وما يمكن ان يمثله لها العراق من تجربة خلاقة وسندا قويا لو دعم واسند من عمقه العربي ،لكن الجهل الذي يطبق عليها وما تمليه طواغيت الإعلام عليها سوف يفقدها هذا الكيان الحضاري والاقتصادي الهائل ليحول الأمر الى انفصام ابدي ،ولذلك ما يبرره لانهم قايضوا الشعب بأغلبيته بشخص جلاد قميء يستحق ان يعدم ملايين المرات ..

وبين ذهول ايتام صدام الذين تحقق يتمهم بعد ان شاهدوا غير مصدقين الكابوس الذي لابد ان يرسخ في أذهانهم وقائدهم الرمز والذي اتخذوه ربا فأباحوا قتل الأبرياء وذبحهم قرابين تحت قدميه ،وجندوا أنفسهم لكل رذيلة رغبة في إرضاء شهوته للدماء ،شاهدوه وحبل المشنقة يضيق على عنقه وليعلن إعدامه ،والجميع يتوقع ردة فعلهم وما يمكن ان يقومون به من تصرفات تكشف إصرارهم على موالاة الطاغية والإعلان عن صورتهم الإرهابية بعد ان نقلت لهم جثة سيدهم بالرغم من تقدير الحكومة لشيخ عشيرة البو ناصر وثقتها بحكمته ،الا ان مظاهر العزاء في تكريت والرمادي تدل على ان الضالعين فيها ما هم الا إرهابيون متمرسون بقتل الشعب العراقي وتهجير الاسر الآمنة والساعون لإشعال الفتن المدمرة لاسيما بعد اجتياحهم لحرم الإمامين المظلومين العسكريين في سامراء وأداء صلاة الغائب على روح الطاغية وهم من قبل من هدموا هذه الروضة الطاهرة ،والانكى من ذلك حضور مجالس العزاء أشخاص ملثمون تدل أزياءهم على منزلة رفيعة مما يثير الشك بكون هؤلاء من نجوم المجتمع الجديد ،بل لعلهم والله اعلم ممن فجع بإعدام صدام من أعضاء مجلس النواب او من أطراف حكومية عرفوا بميلهم الطائفي والبعثي!!!

بين انتشاء أغلبية الشعب العراقي بإعدام صدام ،وبين ذهول وفجيعة أيتامه من عرب او عراقيين ،لابد ان تعاد قراءة الهزائم التي لحقت بقوى الإرهاب و الانتصارات التي تحققت لشعبنا ونظامنا الديمقراطي ،تلك الانتصارات التي لم تستثمر بصورة واقعية فذبلت أغصانها في قيض الأحداث الساخن ،وانعكست في بعض الأحيان لتكون غصة في حلقوم الشعب المبتلى ،ولا داعي لاستذكارها ،لكن أهمها اليوم هو موت رأس الأفعى والوحي المحرك للخراب ،حتى ان عزة الدوري خرج من (موميائه) ليصرخ في عبيد صدام عبر بيان له جاء ( فيه من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فأن الله حي لا يموت) حيث وصل الأمر بهذا الإمعة الى الإقرار بعبادتهم لصدام ،مع تحفظنا على أصل الحديث والمناسبة التي تمثل بها (الفقيه) عزيز ابو الثلج وتشبيهه لطاغية مجرم لا أصل له بأقدس اسم عرفته البشرية !!

والخلاصة ان سقوط صدام كنظام بكفة وإعدامه بكفة أخرى ،وان ما مضى بين هذين الحدثين قد مضى بإخفاقاته وبإشكالاته وبايجابياته ،ولكن ما لا يمكن غفرانه للجميع هو ان لا يكون زوال صدام هو الرمح الأخير في جعبة الإرهاب ،والمسمار الاخير في نعشه ،مما يقتضي على الحكومة تأكيد ارجحيتها في اتخاذ المواقف الحاسمة وتأكيد قدرتها على ان تكون بمستوى التحدي الجديد لاسيما وانه قد أصبح في إطار إقليمي يقتضي وضع إستراتيجية جديدة على المستويين الداخلي والخارجي ،وتقييم كافة الملفات التي لم تحقق متطلبات المواطن العراقي وأحلامه التي لم تتحقق الا في القصاص من الطاغية صدام ورؤيته أخيرا وهو معلق بحبل المشنقة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك