( بقلم : هلال آل فخر الدين )
يثير بعض الكتاب مقولة ان محاكمة صدام او اعدامه (مانعة صواعق) بين التفجير والتهدئة في العراق ..!وهذا يعني وبكل بساطة ان صدام شخصية عظيمة لايمكن تجاوزها ولها في الامة مكانة كبيرة لايجوز عبورها لما يملكه من رصيدا ضخم في ضمير الشعب من الحب والولاء لايمكن تغافلها اوالاستهانة به ابدا .!
وهذه المقولة بشقيهاسواء التفجير ام التهدئة مقولة كاذبة ليس لها نصيب من الصحة بل هي فاشلة من اساسها وذلك لاتستحق النقاش الطويل اوالرد العميق لسخفها ومجانبتها للواقع وتمحلها الغريب للامور وما تحملة من تناقضات في مقابل بديهيات ثابتة منها:
اولا:ان صدام نكرة ولايمثل اي طائفة من الشعب العراقي وان نزى على سدة الحكم بالحديد والنار
ثانيا:ان فضائع صدام وجرائم زبانيتة طالت كل افراد الشعب سنة وشيعة واكراد وتركمان وكلدان واشور ومن غير تميز كما امتدت الى دول الجوار وعرضة الامن والسلام العالمي للخطر ومن اعلان حربها الشاملة على الانسانية جمعاء وتنكرها لكل قيم الاخلاقية والاعراف الدوالية
ثالثا:ان الشعب العراقي كله يدا واحدة وقلبا واحدا ضد كل من عاداه ورفع عقيرة الابادة والاجرام او اساء اليه
رابعا :ان الشعب العراقي يتبراء من كل مجرم وسفاك وهذا ماجبلت عليه نفسه وماصقلتها رسالات حضارة وادي الرافدين العريقة والامثلة التاريخية كثيرة على ذلك من لفظه للطغاة وتبره من السفاكين وكل ارجاس الشر والعدوان امثال زياد وابن زياد والحجاج والمتوكل ...الخ
خامسا:ان الشعب العراقي وكل قواه الخيرة مشغولة بتضميد الجراح الغائرة التي سببتها جرائم النظام المقبور وانهاض العراق واخراجه من محنته وادخاله في المجال الحضاري ومن اوسع الابواب
فلا يتوهم احدا قط ان اعدام صدام سيثير امرا ما بما يخل بالوضع الاجتماعي المتماسك ومسيرة المباديء الانسانية والمفاهيم الحضارية الصاعدة بل بالعكس سيكون بداية نهاية الارهاب وبزوغ فجرا جديدا في حياة الامة جميعا ..فاذا رجعنا واسترشفنا بزوغ وانتشار الاسلام في تاريخنا المقدس لم يكن الا باستاصال كبير الاصنام (هبل) في حصن الشرك وملاذ الطغاة من مشركي عتاة قريش حيث لايعدو اعدام صدام عن ذلك من سقوط (هبل).. فعندما تقدمت مسيرة النور بقيادة الرسول القائد(ص) من مكة معقل الشرك ومقر المشركين الذين حاربوا الرسالة بكل قوة ومن أول يوم واخرجوا الرسول الاكرم والصحابة منها وجيشوا جيوش الاحزاب على ابادة الاسلام والمسلمين ،فالملاحظة الجديرة بالنظر هي انه بمجرد دخول النبي الاكرم (ص) بمعية الصحابة الى (بيت الله الحرام) وكان أول فعل قام به وانجزه عند دخوله البيت هو ان امر الامام علي (ع) ان يرتقي كتفه الشريف ويصعد عليه ليسقط (هبل) شعارالشرك وكبير اصنام الجاهلية ورمز الشر ...فعندما اطاح به الامام علي (بيديه) الشريفتين ارتفع التكبير من كل ارجاء المسجد الحرام بنقماع الشرك وسقوط مركز الجاهلية وبئرة الارهاب ونظم الامام الشافعي هذه الفضيلة الكبرى للامام علي (ع) قائلا ماذا اقول بمن حطة له قدما في موضع وضع الرحمن يمناه مشيرا الى عروج النبي (ص)ودنوه من الباري عزوجل ووضع الرحمة الالهية على كتفه التي لم يتشرف بارتقأها غيره (ع) ومن تحطيمه هبل كذلك ...فماكان من أسقاط (هبل) طوطم اهل الجاهلية الا ونكسف طغام قريش وذئبان الاعراب حتى انجحروا اذلة وانقمعوا صاغرين ودخلوا في دين الله افواجا مستسلمين
والامر الاخرالذي يستحق النظر والتمعن فيه هو حرب الناكثين المعبر عنها بحرب( الجمل) الذي كانت راكبة عليه السيدة عائشة وهي تؤلب وتسعر الحرب على اميرالمؤمنين وخليفة المسلمين الامام علي (ع) حتى قتل على اعتاب جملها فقط اربعة الالف ممن غرر بهم من الهمج والرعاع فنظر الامام بثاقب بصره فقال : (اعقرو الجمل) فان عقرتموه وسقط انتهى كل شيء معللا ذلك بان (الشيطان) قد تلبس بالجمل فاغوى اصحابه !
لقد صدق حدس ابن ابي طالب (ع) فما ان قطعوا قوائمه وسقط الجمل وهوى على الارض يخور حتى تشارد القوم وتفرق الجمع وولو الدبر الذي انهى مأسي حربا ضروسا راح ضحيتها الوفا ممن قتل دفاعا عن بهيمة ،فعندما اتضح لهم ان قتالهم حوله الجمل كان مجرد دفاعا عن وهم وباطل محض فانهزموا وتفرقوا وتمزقوا شر ممزق وفي هذا الصد يظهر شديد جهل اولئك وسوء اعتقادهم وعصبيتهم الجاهلية يقول الامام علي (ع) :(ياتباع البهيمة رغى فاجبتم وعقر فانهزمتم ) من تاكل عقولهم باتباع الهوى ونقص مداركهم من تصديق كل ناعق يرفع شعارا كاذبا او زائف ومن دون وعي وقلة فهم وهنا يشيرالامام (ع) الى حالة مرضية في الامة من تلبيس الدين بكل ماهو باطل والاتجار بالمقدس للاطماع وبلوغ المأرب ومن اتخاذهم للشيطان وليا ودليلا في نكوص عن الحق وتراجع عن الدين :(أتخذو ا الشيطان لامرهم ملاكا واتخذهم له أشراكا فباض وفرخ في صدورهم ودب ودرج في جحورهم فنظر باعينهم ونطق بالسنتهم فركب بهم الزلل وزين لهم الخطل فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه ونطق بالباطل على لسانه )..
فند احلام زبانية صدام وبدد جمعهم
وهذا كذلك ما سوف يتبين للقتلة وعصابات الاجرام ماكانوا يتشبثون به من خرافة واوهام تسلط صدام ومراهناتهم الشديدة والوحيدة على ذلك التي تفصح عن فند احلامهم وخواء تفكيرهم وحالة الصنمية لصدام التي اعتادوا على توثينها وعبادتها من دون الله ! فان كانت جل مراهناتهم على صدام فان صدم قد ذهب الى الجهنم وخسرانهم لكل ما وعدهم به الشيطان وما يعدهم الا خسارا .. ان بعبع صدام بعرفهم قد انتهى الى حيث لارجعة وانه ولى وذهب الى الجحيم وان كل اوهامهم قد تبخرة باعدامه وان كل ماقاموا به من جرائم وتفجير هو من اجل ذلك الوهم وما كان دفاعهم عنه الا من باب الاطماع والعودة للسلطة من جديد وممارسة اساليب الابتزاز والنهب والتسلط على العباد في عهدهم الاسود
وحتى وان استنفرت عصبات القتلة -بعد هلاك الطاغية صدام- امورها وجمعوا فلول زمرهم وشنوا التفجيرات فهي لاتعدوا ان تكون (حدة صواب) او بداية (شعلة التنور) وبعدها يكون بدد جمعهم وخمود ذكرهم وهمود شرهم بذهاب عميد هم عمد الارهاب واشر الاشرار (صنم ) المرتزقة وو(ثن) القتلة وعبيد (النكرة )صدام حيث ستنجلي لهم الغبرة انهم كانوا في الظلال البعيد وما يعدهم الشيطان الا غرورا ويجب على الحكومة الموقرة التعامل معهم وفق ما جاء في الذكر الحكيم من قمع المفسدين في الارض قال سبحانه :(إنماجزاؤا الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا او تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم ) (المائدة :33) ويصف القران الكريم هؤلاء الذين مردوا على النفاق والجريمة قال سبحانه :(أولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم ) (المائدة:41 ) وان مقولة فتح صفحة جديدة مع ازلام صدام وادماجهم او اشراكهم في العملية السياسية فهو امر غير وارد وغير صحيح لان زمر القتلة والمجرمين من عصابات مافيا حزب البعث يحرم الدستور مشاركتهم بل يقر اجتثاثهم الا اذا تابوا وعادوا الى صفوف الشعب فان الابواب مفتوحة لكل حر شريف او نادم راجع الى الصف الوطني ومكفرا عن ما ارتكبه فمن تاب واصلح فان الله يقبل توبته والصدور تتسعه والاحضان تحتضنه وتبقى الاشكالية الكبرى هي انظمة المنطقة كافة التي تسعى جاهدة لتصفية حساباتها مع قوى التحالف على حساب دماء وضحايا الشعب العراقي !! وتجنيد هذه الانظمة لكل طاقاتها والاستماتة في ايقاف وافشال منظومة المباديء التي اخذ بها العراق من النظم الديمقراطية ومفاهيم التعددية والتسامح وموسسات المجتمع المدني من خلال دعم مافيا الاجرام زبانية صدام والقذف بالحشد الكبير من قاذورات السلفية وعصابات الارهاب لزعزة الامن واثارة الاضطراب !! ويجب التنبه التام والحذر الشديد من سعي القوى الاخرى لفرض سياسة الامر الواقع من خلال الاستفراد بالاتلاف هذا من جهة ومن جهة اخرى فتح حوارات مع اطراف من الاتلاف لشقه واضعافه !
وكلنا امل في ان يكون كل هذا مما يساعد ويشجع في رص صفوف الاتلاف وتوحيد للغة خطاب الجميع لمواجهة كل طاريء كما ونأمل ايضا في منح حكومة(المالكي) فرصة للتوحد والتواجد على الساحة بشكل اكبر واكثر فاعلية لحل الكثير من المشاكل والمعظلات الاساسية والرئيسية في حياة المواطن من خلال السير في اجراءات الامن والاصلاح والقضاء على الفساد ،وان يزداد تماسك واتحاد الامة وحفاظها على ذاتها واصالتها
هلال آل فخرالدين
https://telegram.me/buratha