( بقلم: عبد الرزاق السلطاني )
لقد سقطت الورقة الاخيرة التي راهن عليها اعداء العراق من الصداميين والقاعدة لطي صفحات الظلم والطغيان عندما اصدرت المحكمة العراقية الخاصة حكم الاعدام على صدام وزبانيته، وهو الحدث النوعي في تاريخ الشعوب العربية ونهاية عهد عراقي مليء بالتسلط على اشلاء الملايين من الابرياء، فالمشهد السياسي العراقي بدأت تتضح صورته الحقيقية التي افرزت الكثير من المفاهيم غير الدقيقة من خلال اجترار الماضي السلطوي الصدامي بكل تداعياته، فالاندفاع الجنوني لدى بعض السياسيين ودفاعهم عن الطاغية المقبور تحت دواع لا تصمد امام منطق التاريخ ولا رؤية للواقع بعيون عراقية من خلال انتهاجها الاساليب العنفية التي يجيدها الديكتاتور وازلامه ومسؤولية تلك القوى الحاضنة للارهاب تتحمل تبعات اساليبها اللاوطنية في مناهضتها الواقع السياسي، فالمحاكمة نجاح كبير لجهود الرامية لدمقرطة العراق الناشئة في ظل حكومة دستورية منتخبة من غالبية ابناء الشعب العراقي، فالحقيقة الناصعة ان قفص الاتهام الذي ظهر فيه صدام وعصابته يتسع للمزيد من الزبائن الجديرين بالوقوف معه، فافعالهم لا تقل بشاعة عن اولئك المجرمين وبدون ادنى شك لكل تاريخ وطاغية مريدون يلفظهم التاريخ كما لفظ اسلافهم ليذهبوا ادراج الرياح، فثقافة الرمز التي تاصلت عند الطغاة قد لا يختلف اثنان في انها زائلة من غير رجعة، ربما تكون هنالك مصالح آنية لخلق اتون الفوضى بشتى الوسائل لارباك العملية السياسية، لتقويض التحولات الوطنية الحكومية للحد من الارهاب (الصدامقاعدي)،
فالخيارات المطروحة هو العمل على منع الانحدار نحو الخيارات غير الواقعية اما ما تقوم به المنظمة السرية وعملياتها الاجرامية لتوظيف المذهبية لخلق صراعات داخلية لا خاسر فيها غير الشعب العراقي وما تقوم به وسائل الاعلام بكل مسمياتها في التشكيك والطعن برموزنا الدينية والوطنية فهي - اي الفضائيات- لا زالت تطبل للصداميين وتصويرها لكوارث وهمية، فضلا عن استكثارها على العراقيين اقل مقومات الحياة ومصاديقها لمصادرة الحقوق الدستورية وعد الاقاليم وصفة للتقسيم، وهذه الاسطوانة المشروخة لم تعد تابه بها اوساط العراقيين، فهم الاجدر في ان يقرروا مصيرهم، فالاتحادية هي الكفيلة بمنع تسلط المركز وتعطي الفسحة الكبيرة للمشاركة في صنع القرارات الوطنية، فعودة اقليم كردستان الى الجسد العراقي بعد ان كان فعلا مقسما يعطي بالدليل القاطع وحدة العراق ارضا وشعبا ومن البديهي ان الاقاليم الكبيرة هي التي تمنع الدعوات المشبوهة التي تصور التقسيم، فكل المقومات الاستراتيجية ستجعل من اقليم الوسط والجنوب مدعات لبناء العراق الواحد، ومن المؤمل ان تستجد ظروف ومبررات تسرع في بلورة قناعات جديدة تصب لصالح اللحمة الوطنية، فاصرار البعض على رفض الفيدرالية يستبطن بين ثناياه محاولات خطيرة لاعادة العراق لسابق عهده ولاعادة المعادلة الظالمة التي حكمته، ومن هنا نعتقد بان وحدة العراق مرهونة بالانصياع لارادة غالبية ابناء الشعب العراقي، فالتقارب في وجهات النظر هي مسؤولية الدولة التي تحدد الاطر القانونية للحراك السياسي بخطاب وحدوي ينبذ ويحرم التطاول على دماء العراقيين وايقاف التهجير القسري المستمر لاتباع اهل البيت(ع)، والخطوات الاساسية في هذا الاتجاه بان لا يسمح لهذه العوائل بالخروج من محافظاتها وان تبقى ضمن تلك الدوائر لمنع التغييرات الديموغرافية التي تسعى القوى الظلامية للفصل العنصري الشوفيني لمكونات الشعب العراقي، فالمشاهد المؤلمة التي لا تقرها الشرائع السماوية هي من تداعيات الفتاوى الملغمة التي اباحت الدماء والاعراض، فالتسريع بايجاد الحواجز الوطنية والدينية لتقف بالضد من تلك الدعوات المشبوهة لفتح الافاق في اصول العلاقات الاسلامية والانسانية والتعايش بين المكونات العراقية كافة، اذ ليست هنالك عوائق تمنع من هذا الوفاق لسحب البساط من تحت اقدام اعداء الانسانية، فالمفاهيم الخاطئة لا تدرك التاريخ ولا يمكنها الولوج داخل الجسد العراقي والى الابد، فالعراق بحاجة الى وقفة جادة لدعم دولة المؤسسات الدستورية والابتعاد عن الجهوية والطائفية المقيتة وشخصنة المزاج السياسي، ليساهم الجميع في بناء عراق حر ديمقراطي اتحادي موحد.
https://telegram.me/buratha