الدكتور فاضل حسن شريف
الجناس المصحف، ما كان اختلاف الحرفين في الكلمتين فيه بسبب النطق فقط. المثال: قول الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: (إبراهيم 79-80) الجناس بين اللفظي (يسقين) و(يشفين)، والحرفان المختلفان في النطق هما: السين في (يسقين) و الشين في (يشفين ) وأيضا القاء في (يسقين) والفاء في (يشفين).
عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى عن ضبحا "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا" ﴿العاديات 1﴾ جاء في مجمع البيان وغيره ان رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سرية إلى حي من بني كنانة، فأبطأت عليه، فقال المنافقون: ان رجالها قتلوا، فنزلت هذه السورة تخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسلامتهم وتكذب المرجفين. "والْعادِياتِ ضَبْحاً". العاديات جمع العادية من العدو، وهو الجري بسرعة، والمراد بالعاديات هنا الخيل، وقيل الإبل، والضبح صوت أنفاسها عند العدو. قوله عز من قائل عن صبحا "فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا" ﴿العاديات 3﴾ أغارت الخيل على العدو وقت الصبح لتأخذه على غفلة منه.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى عن ضبحا "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا" ﴿العاديات 1﴾ إن هذه السّورة تبدأ بالقسم بأمور محفّزة منبّهة. تقسم أولا بالخيول الجارية المندفعة (إلى ميدان الجهاد) وهي تحمحم وتتنفس بشدّة: "والعاديات ضبحاً". ويمكن أن يكون القسم هذا بإبل الحجاج المتجهة من عرفات إلى المشعر الحرام، ومن المشعر الحرام إلى منى وهي تتنفس بشدّة. (العاديات) جمع عادية، من (العدو)، وهو المغادرة والإبتعاد بالقلب. فتكون (العداوة) أو بالحركة الخارجية فيكون (العدو) وهو الركض، أو بالمعاملات فيسمى (العدوان). و(العاديات) في الآية هي الجاريات بسرعة، (الضبح) صوت الخيل وهي تتنفس بشدّة عند الجري. كما ذكرنا من قبل لهذه الآية تفسيران: الأوّل: أنّ المقسوم به في الآية الخيل السريعة الجري نحو ميدان الجهاد. ولما كان الجهاد أمراً مقدساً، فهذه الحيوانات في جريها في هذا المسير المقدس تنال من المكانة واللياقة ما تستحق أن يُقسم بها. الثّاني: أنّ المقسوم به الإِبل الجارية في موسم الحج بين المواقف المشرفة وهي تنقل الحجاج. لذلك كانت ذا قداسة تستحق القسم بها. روي عن ابن عباس قال: بينما أنا جالس في حجر إسماعيل إذ أتاني رجل فسأل عن (العاديات ضبحاً) فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله ثمّ تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم. فانفتل عنّي وذهب إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وهو تحت سقاية زمزم. فسأله عن العاديات ضبحاً، فقال: سألت عنها أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت عنها ابن عباس فقال: الخيل حين تغير في سبيل الله. قال: فاذهب فادعه لي فلمّا وقف على رأسه قال: تفتي النّاس بما لا علم لك به؟ والله إن كانت لأوّل غزوة في الإِسلام بدر، وما كانت معنا إلا فَرَسان. فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسواد، فكيف تكون العاديات الخيل، بل العاديات ضبحاً الإِبل من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى. قال ابن عباس فرغبت عن قولي ورجعت إلى الذي قاله علي عليه السلام. ويحتمل أيضاً أن يكون (للعاديات) هنا معنى واسع يشمل خيول المجاهدين وإبل الحجاج. ويكون معنى رواية ابن عباس أنّه لا ينحصر المعنى بالخيول إذ لا يصدق هذا المعنى في كل مكان. ومن مصاديقه هو إبل الحجاج. هذا التّفسير أنسب من عدّة جهات. قوله عز من قائل عن صبحا "فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا" ﴿العاديات 3﴾ وكانت العرب ـ كما يقول الطبرسي في مجمع البيان ـ تقترب ليلا من منطقة العدو وتكمن له، وتشّن غارتها في الصباح. وفي سبب نزول الآية "أو أحد مصاديقها الواضحة" رأينا أن جيوش المسلمين بقيادة علي عليه السلام استفادت من ظلام الليل، واتجهت نحو معسكر الأعداء، وكمنت له، ثمّ شنت غارتها في الصباح كالصاعقة. ودحرت العدّو قبل أن يبدي مقاومة. ولو اعتبرنا القسم بإبل الحجاج، فالمغيرات في الآية هي قوافل الإِبل في صباح العيد من المشعر إلى منى. (المغيرات) جمع (مغيرة). والإِغارة: الهجوم على العدو، وقيل إن الكلمة تتضمّن معنى الهجوم بالخيل، ولكن موارد استعمالها يبيّن أن هذا القيد إن كان موجوداً في الأصل فقد حذف بالتدريج. وما أورده بعضهم من احتمال أن تكون (المغيرات) هي القبائل المهاجمة المتجهة إلى ميدان القتال، أو المسرعة إلى منى، فبعيد، لأن الآية: "والعاديات ضبحاً" هي بالتأكيد وصف للخيل أو الإِبل، لا أصحابها. وهذه الآية استمرار لتلك.
جاء في موقع اسلام ويب عن المحسنات اللفظية في القرآن الكريم: ومن الجناس قوله تعالى: "والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق" (القيامة 29-30). وقوله سبحانه: "ثم كلي من كل الثمرات" (النحل 69) فالجناس بين الساق والساق. وكلي وكل. وهذا من الجناس الناقص وضابطه أن يكون الاختلاف في عدد الحروف. - ومنه المذيل، وضابطه أن تكون الزيادة بأكثر من حرف، كقوله عز وجل: "وانظر إلى إلهك" (طه 97) وقوله تعالى: "ولكنا كنا مرسلين" (القصص 45) وقوله سبحانه: "من آمن بالله" (البقرة 62). - ومنه المضارع، وضابطه أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج، كقوله تعالى: "وهم ينهون عنه وينأون عنه" (الأنعام 26). فإن اختلفا بحرف غير مقارب، فهو اللاحق، كقوله تعالى: "ويل لكل همزة لمزة" (الهمزة 1). - ومنه المرفق، وهو ما تركب من كلمة وبعض كلمة، كقوله تعالى: "جرف هار فانهار به في نار جهنم" (التوبة 109). - ومنه اللفظي، بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية، كالضاد والظاء في قوله تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" (القيامة 22-23). - ومنه الاشتقاقي، وهو أن يجتمعا في الأصل الاشتقاقي، ويسمى المقتضب، كقوله تعالى: "فروح وريحان" (الواقعة 89). وقوله سبحانه: "فأقم وجهك للدين القيم" (الروم 30). وقوله عز وجل: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا" (الأنعام 79). - ومنه تجنيس الإطلاق، بأن يتفقا من حيث الظاهر مع اختلاف المادة المشتق منها،كقوله تعالى: "قال إني لعملكم من القالين" (الشعراء 168) فـ "قال" مشتقة من المصدر (قول) و"القالين" من (القلي) وهو البغض، يقال: قليته أقليه قِلى وقلاء. ومن هذا الباب قوله عز وجل: "ليريه كيف يواري سوءة أخيه" (المائدة:31) فـ "ليريه" من رأى، و"يواري" من (ورَّى) وهو الستر والخفاء.
جاء في صفحة جمال اللغة العربية والحروف العربية عن الجناس: لغة: التجانس والمجانسة والتجنيس وكلها تدل على التماثل. فنقول تجانس الشيئان إذا دخلا تحت مسمى واحد. اصطلاحاً: يعني أن تتشابه كلمتين في اللفظ وتختلفان في المعنى فائدته: الميل إلى الإصغاء إلى صاحب الكلام لأن اللفظ إذا حُمِلَ على معنى ثم جاء وحُمِل َ على معنى آخر كانت النفس مشغوفة به أكثر ومهتمة به أيضاً. ـ له نوعان تعددت أسماؤهما بين المصنفين فسمي بـ: جناس (التصحيف و التحريف) ــ الجناس (التام و الناقص) 1ـ تجنيس التصحيف: فيه تتشابه الكلمتان في الشكل وتفرّق النقط بينهما كقول الشاعر: وَلَم يَكُنِ المُغتَرُّ بِاللَهِ إِذ سَرى لِيُعجِزَ وَالمُعتَزُّ بِاللَهِ طالِبُه 2ـ تجنيس التحريف: هنا تتشابه الكلمتان بالشكل والنقاط لكن الحركات تميّز بين معنييهما ــ ومن الأمثلة المعروفة قول أحدهم: طرقت الباب حتى كلّ متني ولمّا كلّ متني كلّمتني فقالت: أيسماعيل صبراً فقلت أيسما عِيل صبري ــ قول أبي فتح البستي: يَرمي سِهاماً إنْ أسَرَّ المَقْتَ لي بالكَيدِ لا يُقْصِدْنَ غيرَ المَقْتَلِ ــ وقال أيضاً: إلى حَتفي سعى قدَمي أرى قَدمي أراقَ دَمي ـــ وابن جابر الأندلسي يقول: بانوا فَهانَ دَمي وَجداً فَها نَدَمي * فَقَد أَراقَ دَمي فيما أَرى قَدَمي.
https://telegram.me/buratha