( بقلم : عمار البياتي )
بالامس كانت الشعارات الرنانة الممزوجة بصبغة الوطنية والعروبة... من قبل بعض التيارات السياسية والدينية وكيف كانت تتبجح بالولاء للوطن والرغبة الجامحة بالتحرير والاستقلال .. واطلاق التهم والاقاويل على بعض التيارات السياسية الاخرى بانها تعمل لصالح دول اخرى , وهي وحدها فقط تلعب دور المنقذ .. وتتحمل اعباء مسؤولية حفظ البلد .. واذا بها تصطدم بامواج الاتفاقية لتعريها وتظهرها على حقيقتها التي لا بد ان تنكشف مع انها حاولت اخفائها طلية الفترة المنصرمة . حيث ظهرت الحالة الغريبة التي تعاطت بها هذه التيارات مع اتفاقية سحب القوات الامريكية من العراق والعجيب في الامر ان الجهات التي كانت تعزف على وتر " جدولة انسحاب القوات الامريكية " هي التي عارضت " اتفاقية انسحاب القوات الامريكية " !! ولم تعارض فحسب وانما كانت اشد المعارضين ! فما حدا مما بدا ؟! علما ان الاتفاقية تلبي مطلبهم الذي ينص عاى جدولة خروج الاحتلال . فلو استعرضنا بعض التيارات السياسية وكيفية تعاطيها مع الاتفاقية سوف نحصل على نتيجة نستدل بها على مدى وطنية تلك التيارات ودرجة مصداقية شعاراتها ومبادئها التي كانت مبهمة للشعب العراقي .
سمعنا اثناء جلسة البرلمان للتصويت على الاتفاقية ان جبهة التوافق لديها تحفظ على الاتفاقية وانها يمكن ان ترفض التوقيع في حال عدم تلبية شروطها ومطالبها من قبل الحكومة !! وفي تلك الاثناء الشعب العراقي يتطلع واصبح عبارة عن اذن صاغية ليسمع الشروط ثم تبادر الى ذهنه انها شروط تخدم مصلحة البلاد والعباد واذا بها تقدم لائحة من الطلبات التي جعلت العراق امام مسؤولية كبيرة للبحث عن تيار سياسي وطني ينادي بحقوقه وليس بالحقوق الشخصية والحزبية , ما هي الشروط ؟ الشرط الاول ( الغاء قانون اجتثاث البعث ) أي تقديم الاعتذار على طبق من ذهب الى البعثيين وتسوية الامور و"عفا الله عما سلف " والشهداء الذين ذهبوا بسبب جرائم البعثيين ليس من المهم ذكرهم في الوقت الحالي.. طالما جبهة التوافق لن توقع على الاتفاقية !!الا اذا الغي ذلك القانون !! والشرط الاخر ( الغاء المحكمة الجنائية العليا ) يعني تعطيل مراسيم العدالة التي يتمتع بها الشعب العراقي من امام شاشة التلفاز وهو يرى مثول الطغاة امام ارادة الشعب وشعوره بعدم عودة الجلادين .. والجبابرة .. والمتسلطين .. وباقي الشروط التي اخذت نفس الطابع الذي تم ذكره انفا , فهل هذه الشروط والمطالب والتي يمكن ان نسميها "المطامع" لها علاقة بموضوع الاتفاقية؟! وهل هي تتناغم مع بنودها ؟! اين الوطنية ؟ اين الولاء للبد ؟ يا دعاة الدين ويامن تتهمون غيركم بالعمالة !!
واما ما يخص ابطال التحرير والمقاومة " الشريفة " ... التيار الصدري الذي لم يبقي جهة سياسية في العراق لم يعاديها تارة يعتبرها عميلة لاعتبارات مغلوطة اساسا واخرى يعتبرها تسعى لمصالح شخصية وهذه الاتهامات ترجمها حتى على الواقع الميداني وراح اثرها ضحايا كثر والشواهد جمة بذلك الصدد , ناهيك عن الشعارات الخجولة التي ترفع في محافلهم المختلفة , واذا بهم يُكشَفون على حقيقتهم - مع انهم معروفون بالنسبة لمن هو مطلع على تاريخهم وبداية نشاتهم – ولكنهم لم يقدموا شروطا ولوائح وتحفظات على غرار سابقيهم وانما كان رفضهم للاتفاقية على طريقة الاشارات!..التي تفقهها المنظمات الانسانية للصم والبكم !! ولم نرى سوى الضرب على المقاعد ! ولا نعلم ماذا يعني ذلك ؟ واحد الاعضاء رفض الاتفاقية من خلال رمي المايك والزهور من على منصة البرلمان !! ولا احد يجيد تفسير تلك الظاهرة وهناك اقتراح هو ان تعرض هذه الحركات والاشارات على احدى منظمات الصم والبكم لترجمتها حرفيا وتقدم على شكل طلبات وشروط للحكومة !! ( اقتراح منصف ؟ ) فلا نعلم اين اصبحت مصلحة الشعب العراقي والجدير بالذكر ان هذه التيارات كلها تدعي حمل هموم الشعب وانها ولدت من رحمه !..
في حين نرى تيارات سياسية ودينية اخرى قد تعاطت مع الاتفاقية بطريقة مختلفة تماما عما لاحظناه من بعض التيارات السياسية حيث كانت هناك اجواء تسودها الحكمة والدراية والواقعية التي تنم عن وعي وادراك للواقع السياسي مع انها كانت تُتَهم من كل حدب وصوب بالعمالة والتبعية واذا بها تنسف جميع الاتهامات وتظهر حكمة العقل في التعامل مع الاتفاقية , اذ كان المجلس الاعلى يحتل الصدارة في كيفية التعامل الانتقائي ازاء الاتفاقية وكانت رؤيته السياسية واضحة وصريحة وثابتة في الوقت ذاته انه ان توفر شرطين في الاتفاقية – شروط ليس كشروط الاخرين ... – الاول الاجماع الوطني أي تحظى الاتفاقية بقبول جميع المكونات السياسية والشرط الثاني مصلحة الشعب العراقي فهذين العاملين ان توفرا في الاتفاقية فانها افضل حل للوضع الراهن للعراق فضلا عن ان عدم التوقيع فيه ضرر بالغ وكبير سيلحق بالبد , بالاتفاقية لم تكن حلا مناسبا للعراق بقدر ما هي مقياس كشف حقيقة التيارات السياسية للشعب العراقي ومن حسن التوفيق كانت قبل الانتخابات ليكن ذلك عاملا رئيسيا للاختيار الصائب لمن يستحق ان يكون اهلا لحمل المسؤولية وتحمل اعباء بناء نظام الدولة الجديد .
https://telegram.me/buratha