المقالات

بين صك الغفران وثورات الجياع

487 12:59:00 2012-05-08

سليمان الخفاجي

من الممكن ان تقنع انسان بأن يصبر في إيجاد حل في قضية ما سواء أكانت سياسية او اجتماعية او ثقافية أو أيّ موضوعٍ آخر ولفترة قد تقل أو تطول وفي المجمل يمكن أنّ يصبر، لكنّ ان تطلب منه ان يصبر على الغذاء او تحرمه منه او تضيق عليه فهذا ما لا يستطيع أيّ إنسان أنّ يصبر عليه وقد تشهر السيوف مقابل من يطلب ذالك المستحل خاصة واذا كان طلب الصبر مفتوح ولمدة زمنية غير محددة قد لاتنتهي في وقت قريب او معلوم، والشواهد كثيرة في التاريخ على ثورات قام بها المحرومون أو ما يصطلح عليه بثورة الجياع رُبّما لا ينطبق هذا الوصف على موضوع البطاقة التموينية في العراق، لكنّ واقعها وكثرة مشاكلها واعتماد المواطن عليها يجعل منها ومن القائمين عليها في وزارة التجارة بما يشبه الى حدٍ بعيد من يطلب ذلك الصبر على البطاقة التموينية والسكوت على نقص مفرداتها ومحدوديتها و رداءة نوعيتها والروتين واللامبالاة في حاجة الناس وافتقار اجراءاتها وضوابطها الى العدالة والمساواة وغياب المعايير والموازين المعتمدة في صرفها وسوء التخطيط على الرغم من زيادة التخصيصات وتخصيص نسبة كبيرة من الموازنات المتعاقبة وبمليارات الدولارات والجهود المبذولة والاهتمام الكبير من أعلى مستويات الدّولة والتمثيل الحكومي، لكنّ بدون جدوى او تغيير حال تلك البطاقة او ان ينعكس بتحسن حالة المواطن المحتاج فعلاً لها والذي ربط مصيره وتلبية احتياجاته بها وبتوفرها حتّى باتت مشكلة ومعضلة كبيرة تهدد أمن المواطن الغذائي ويتجاوزه الى رفع مستوى الاسعار وتذبذبها في السوق وأن يبقى تحت رحمة التجار وبشكل ملفت للنظر، فمثلاً اذا غابت احدى المفردات المشمولة كزيت الطعام فمن الطبيعي ان يبحث المواطن عن بديل لتغطية حاجته فيزداد الطلب عليه في السوق مما يزيد من سعره وبحجج كثيرة قلة المعروض المواد مستوردة التأخير في الميناء او جشع التاجر الى آخره، المهم ان السعر يرتفع مما يشكل ضغط على المواد وارباك في السوق واستقرار الاسعار وتتكرر هذه القضية في غيرها من المواد وقد تصل لا ان توزع المواد لعدة اشهر فترتفع اضعاف سعرها الواقعي ومن ثم تأتي دفعة واحدة فيغرق السوق بها مما يجعل الأمر أشبه بالمضاربة والمغامرة بالنسبة للتاجر، أمّا المواطن فكان الضحية في كلّ الأحوال وهذه الحالة تشكل أوضح علامات ومصاديق هدر المال وتبديد الميزانيات كما يشير الى وجود برمجة غريبة وعمل ممنهج لكن عكس التيار وما يريده المواطن او ما يراد للبطاقة التموينية أنّ تحققه من أهداف ونتائج، وتبقى تراكمات البطاقة التموينية سنة بعد سنة ووزارة بعد وزارة وميزانية بعد ميزانية والحال هو الحال ملايين من المحتاجين فعلاً للدعم والرعاية والاهتمام وتوجيه جهود الدّولة نحوهم تقاسمهم جيوش ممن لايفكر ببطاقة او لايعرفها فعلاً ربّما يحتاجها كوثيقة اثبات او ورقة رسمية في معاملاته ومراجعاته، اما اذا لم تتمتع بهذه الصفة فما حاجة الجاليات العراقية في الخارج والتي تتجاوز المليونين للبطاقة التموينية وما حاجة التجار والميسورين لها غير كونها ورقة رسمية، وللأسف يبقى الحال على ماهو عليه الى ان يوقف من هذه القضية وقفة جادة وينظر لها بزاوية مختلفة وعقلية خارجة عن البيروقراطية وتخليصها من كلّ الشوائب والرواسب والمخلفات كي توجه فعلاً الى من يحتاجها وكي تؤدي دورها، وأريد أنّ أسأل عقلية انتجت وابدعت هذا النظام وهونظام دولي لمواجهة الازمات والحروب والحاجة الفعلية وعدم توفر البدائل ألا تستطيع عقلية ان تنتج نظام آخر يوجه تلك الأموال والجهود نحو مستحقيها الفعليين أم ان بقاء الوضع على ماهو عليه له مؤيديه ومريديه ومن اثروا على حساب المحرومين ومن تاجروا ويتاجرون بمعاناة ومأساة المحتاجين طيلة هذه الفترة وسيبقى النزيف مستمرا اذا بقت البطاقة التموينية تدار بنفس الطريقة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك