قاسم العجرش
مثلما تنخر حشرة الأرضة "السوسة" الخشب من الداخل وتبقه فارغا أجوفا ينهار كما أنهارت عصاة موسى التي كان يتكيء عليها وبانهيارها عرف موته، فإن الأمم أيضا تنهار من خلال التسوّس ولكن على مراحل.. المرحلة الأولى تتمثل بعدم مقاربة المشاكل والإستهانة بها والتقليل من شأنها..والمرحلة الثانية هي تلك التي يجري فيها الإستخفاف بالمتحدثين عن المشاكل والسخرية منهم على اعتبار أنهم "خوافين" وميالين الى تعظيم الأمور، وأنهم "يصنعون من الحبة قبة"، المرحلة الثالثة وفيها يتهم المحتجون بأنهم هم أنفسهم قد إختلقوا المشكلة من لاشيء، وأن لا أساس في الواقع لها! وفي المرحلة الرابعة يحمل المحتجون مسؤولية مشكلات أخرى غير تلك التي أحتجوا عليها! كما يحملون سبب توتر العلاقات بين الدولة ومنظمة اليونسيف مثلا، وفي المرحلة الخامسة يتم إتهام المحتجين بأنهم "عملاء" لدولة موزمبيق، وأن لاسبيل للإنتهاء من المشكلات التي أثاروها إلا بقطع العلاقات مع بوروني بعد أن نقيم علاقات دبلوماسية معها!، وفي المرحلة السادسة يتم تعويض جيبوتي عن الأضرار التي سببها "إساءة" أعداء الوطن والديمقراطية والعملية السياسية لعلاقات جيبوتي مع ساحل العاج! وفي المرحلة السابعة نصل إلى فصل الخطاب، فستجرى مباحثات "معمقة" للمصالحة الوطنية، وسيتم تعيين عدد من أبناء عشائر جماعات الإحتجاج مدراء شرطة وقادة فرق عسكرية ومدراء دوائر مستحدثة خصيصا لهم، وإذا لم يكف عدد الفرق للمناصب المقترحة، يعين أحدهم قائدا لفرقة "أم علي" البصرية للفنون الشعبية! وحيث لا تنقطع تلك الأسئلة المخيفة التى يواجهها المسؤولون الحكوميون الكبار عادة بابتسامة صفراء هزيلة، تسخر من الأسئلة، وتستخف بالسائلين، وتستخدم مفردات التبسيط المخل، والاستهتار الأحمق، والاستخفاف المقيت، ثم يتنطع أحدهم ليقول لك برعونة: (لا أحد يمكنه أن يهز استقرار العراق)... وحيث في مواجهة عشرات براكين التوتر الناشطة على خريطتنا السياسية والاجتماعية اليوم المتفجرة هنا وهناك في عراق جمهورية "كيفما كان وحيثما كان"، يلجأ الحمقى الى الحلول التبسيطية، حلول من نمط: "سد بابك وأسد بابي"، أو من نمط: "باب التجيك منه ريح سده وأستريح"..وفيما تتدحرج كرات النار في إتجاهات مختلفة، يقول المعنيون أن هذه ألعاب نارية لإحتفالات الأعراس! وفيما يتساقط الأبرياء صرعى المسدسات الكاتمة يقول الجهابذة أنهم توصلوا الى خيوط مهمة، ويبقون في مكاتبهم الفخمة منتظرين أن تتحول الخيوط الى حبال تلتف حول الأعناق...
https://telegram.me/buratha