فراس الغضبان الحمداني
للتاريخ نقول أن الرؤية ليست قريبة من المالكي وأيضا ليست بعيدة وبمعنى إننا ومن خلال القراءة الموضوعية لموقع رئيس الوزراء سنحاول أن نؤشر ابرز النقاط المهمة التي يجب إن تتحقق في ولاية المالكي الثانية من منظور إستراتيجي للدولة الديمقراطية الحديثة وليس مفهوم الدولة التوافقية التحاصصية وستنحصر الخطوط العريضة لهذه المهام و بالتالي :
أولا : لابد من استكمال كل المستلزمات التي تعزز السيادة الوطنية الكاملة وتعجل على رحيل الأمريكان وإبرام معاهدة صداقة متكافئة تؤكد وجود دولتين مستقلتين وذات سيادة شكلا ومضمونا بالأقوال والأفعال .
ثانيا : لابد من إعادة النظر بالتشكيلة الوزارية التوافقية واختيار طاقم وزاري من التكنوقراط ودعوة كل الأطراف للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية و تقديم مرشحين على أساس التكافؤ والتخصص ولا باس إن يأتي بعد ذلك الولاء وهذا الأمر أصبح أمرا واقعيا لطبيعة القوى المهيمنة على العملية السياسية .
ثالثا : العمل على صياغة إستراتيجية تراعي الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال مستشارين مهنيين على صعيد العلاقات الخارجية وتمتد في كل تفاصيل الحياة وتوضع على أساس موارد العراق والحاجات الأساسية للمجتمع وتنفذ بأعلى مستوى وبمسميات معلومة وبتفاصيل تعلن للشعب من خلال جميع وسائل الإعلام وتكون الأولوية لإنهاء الملف الأمني والقضاء نهائيا على الإرهاب والشروع بإنهاء أزمة السكن وكل ما يتعلق بالبنية التحتية للخدمات وأولها مصيبة الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي ودعم البطاقة التموينية وتحسين شبكات الطرق واعتماد أنظمة حديثة في إدارة الدولة بعيدا عن البيروقراطية والروتين الذي يعرض الناس للمعاناة .
رابعا : لابد من وضع خطة لإعلان الحرب على الفساد والمفسدين ابتداء من قمة الهرم السياسي بما فيهم مكتب رئيس الوزراء ، واختيار مستشارين حقيقيين على أساس الكفاءة وليس على أساس الولاء والقرابة .
خامسا : لابد من إنهاء التوجه الخطير الذي قادنا إليه الإرهاب وهو العودة إلى عسكرة المجتمع ، فقد تضخمت المؤسسة الأمنية والعسكرية وبلغت أعدادها مئات الآلاف وهذه الأرقام تبتلع مبالغ مهمة من خزينة الدولة وكان من المفترض إن توجه لخدمة التنمية وأعمار العراق ويعالج هذا الأمر بإعادة هيكلة وزارتي الداخلية والدفاع والإبقاء على قوات نظامية احترافية وتسريح الأعداد الكبيرة وتحويلهم إلى وظائف مدنية منتجة وليست بطالة مقنعة .
سادسا : تعزيز ثقافة احترام القانون وتقديس الدستور ومنع كل أشكال الاستثناءات مهما كانت مبرراتها وتثقيف الشعب على المنافسة الحرة الشريفة وأعتماد الكفاءة والقدرة بعيدا عن الضغوط ومهما كان مصدرها باعتبار العراقيين سواسية أمام القانون .
سابعا : وضع صندوق للاستثمارات المحلية وبإشراف الوزارات ذات العلاقة توضع فيه نسبة من عائدات النفط للتعجيل في تحديث وجه المدينة العراقية وأيضا العمل على تنفيذ برامج لتثقيف المواطن على مبادئ الحرية وحقوق الإنسان وغسيل دماغه من العشائرية والطائفية والتي لا يتقبلها الدين والقانون .
ثامنا : لابد من تحويل المبادئ إلى حياة دستورية تتمثل في توفير ما اسماه الدستور بالحياة الحرة الكريمة للمواطن العراقي من خلال التعاون مع مجلس النواب للتعجيل في اصدر حزمة من القوانين والأنظمة النوعية التي تحدث تحولا نوعيا في حياة الإنسان العراقي وأولها دعم الأسر المتعففة والفقراء وأصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل بتخصيص راتبا يتلاءم مع احتياجاتهم المعيشية ومع تطور الحياة ، وكذلك دعم المتضررين والمهجرين والأسرالتي طالتها يد الإرهاب والنظر بشكل جدي وليس شكلي الى معاناتهم وخاصة الذين استشهدوا معيليهم وهذا حقهم في القانون او كونهم يعيشون في بلد النفط .
تاسعا : التعجيل بتنفيذ المشاريع الإسكانية واجتثاث جميع المستوطنات العشوائية المتمثلة بالمناطق الشعبية المليونية المكتظة بالسكان وجميع المناطق التي طالتها هذه الظاهرة التي اخترقت القانون وكذلك تحويل هذه الأراضي المتجاوز عليها والأراضي المهملة إلى مناطق سكنية تليق بالإنسان ودولته النفطية وتوزع وفق القانون والأولويات والعمل على إيقاف تدهور المناطق الراقية من خلال البناء العشوائي والفرز غير الأصولي الذي يسهم في ارتفاع نسبة السكن في المتر الواحد ويضعف الخدمات .
عاشرا : العمل على تحسين الوضع الاقتصادي من خلال توفير فرص عمل حقيقية من خلال إنعاش قطاعات الإنتاج المختلفة مثل الصناعة والزراعة والسياحة والقطاعات الأخرى .
إحدى عشر : وضع خطة للإصلاح الإداري لإنقاذ أجهزة الدولة من البطالة المقنعة والكفاءات الوهمية وترشيق هذه المؤسسات لتكون حديثة وفعالة .
اثنا عشر : إحداث قفزة نوعية في المؤسسات التربوية والتعليمية بالشكل والمحتوى ولابد من إقامة بنايات حديثة للمدارس والجامعات وتطوير المناهج الدراسية والاهتمام بالقيم العلمية وجعلها مستقلة عن السياسة وعن كل أشكال الضغوطات والتدخلات لكي نخلق أنسانا ناضجا علميا وتربويا تحت إطار الهوية الوطنية العراقية الموحدة .
ثلاثة عشر : الترويج لخطة عمل لإيقاف الهدر بأموال الدولة تتمثل في تقليص رواتب ومخصصات أعضاء البرلمان والوزراء وكل الدرجات الخاصة وإيقاف الرواتب التقاعدية لكل هذه الفئات واعتبارها غير قانونية إذا لم تتطابق مع تعليمات وشروط الخدمة المدنية ، فلا يعقل إن يتقاضى عضو البرلمان بعد أربع سنوات برلمانية راتبا تقاعديا كاملا وبعضهم لم يمض سوى ستة أشهر في الانتخابات الأولى والصحيح إن عضو البرلمان بعد نهاية خدمته وقد قبض خلالها امتيازات خرافية إن يعود إلى أصل دائرته الأولى مثل بقية الموظفين وإلا فان عملية حسابية بسيطة ستؤشر لنا إن أعضاء البرلمان البالغ 325 عضو في كل دورة فأنهم خلال عشرين سنة القادمة مع الوزراء وكبار المسؤولين ستلتهم رواتبهم ثلاث أرباع ميزانية العراق .
رابع عشر : الأخذ بنظر الاعتبار رواتب المتقاعدين الذين افنوا حياتهم في خدمة الدولة حيث تعيش هذه الفئة على الكفاف وتحت خط الفقر ومثال على ذلك إن بعض المتقاعدين خدم الدولة 15 سنة ومرض وتمت إحالته إلى التقاعد وبموجب الضوابط والقوانين يتقاضى راتبا قدره 200 إلف دينار شهريا وبعملية حسابية سوف نعرف إن هذا المتقاعد المريض يتقاضى في اليوم ( ستة آلاف ونصف دينار ) علما إن هذه التعليمات تشمل المريض وغير المريض ، لذا يجب إعادة النظر في قانون المتقاعدين .
خامس عشر : إن التجربة العراقية وفي إطار الظروف الدولية والإقليمية تتطلب إن نغلق بعض الملفات والى الأبد وأولها إنهاء متعلقات النظام السابق وقطع الطريق على المتاجرين بها للحصول على المكاسب وإنهاء كل الإشكاليات مع دول الجوار وخلق حالة جديدة من الاطمئنان وجعل الآخرين يتركون البلاد بحالها وأيضا لابد من خلق أجواء طبيعية وحقيقية تشجع جميع العراقيين من العودة إلى وطنهم واخذ مكانهم الصحيح حيث إمكانياتهم وكفاءاتهم .
هذه الملاحظات السريعة تنطوي على تفاصيل كثيرة لا يتسعها هذا المقال وتحتاج لعقد خلايا عملياتية لأهل الاختصاص لوضع مفردات كل حقل من حقول الحياة لتشكل بمجموعها إستراتيجية الإصلاح الوطني التي يجب إن يبدؤها المالكي في ولايته الثانية وإلا فإننا سنخسر هذه المرة الخيط والعصفور .
https://telegram.me/buratha