الصفحة الفكرية

كيف نميز رايات الضلالة من رايات الهدى في عصر الغيبة الكبرى؟

5212 07:57:00 2013-06-19

 

ذكرت الروايات الشريفة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام خروج اثنتا عشر راية ضالة قبل قيام الإمام المهدي صلوات الله وسلامه عليه، منها ما روي عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله ــ الصادق عليه لسلام ــ يقول: «إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ولتمحصن حتى يقال مات، قتل، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدرى أي من أي، قال فبكيت ثم قلت: كيف نصنع؟ قال فنظر عليه لسلام إلى الشمس داخلة في الصفة فقال عليه لسلام: يا أبا عبد الله ترى الشمس؟ قلت نعم، قال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس» «راجع أصول الكافي للشيخ الكليني: ج1/ ص336، باب الغيبة الحديث الثالث. بحار الأنوار للمجلسي: ج52/ ص281. مكيال المكارم للميرزا محمد تقي الأصفهاني: ج2/ ص160).

  خوف الأئمة عليهم السلام على أتباعهم من أصحاب هذه الرايات 

كان الأئمة سلام الله عليهم يعلمون بتعليم من الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن كثيراً من الدجالين والكذابين سيدَّعون منزلة السفارة والنيابة الخاصة عن الإمام المهدي عليه السلام، أو إنهم سيدَّعون المهدوية، ويتقمَّصون دور أصحاب الرايات الحقة من الممهدين الصادقين، فكان لزاماً عليهم صلوات الله عليهم وحفاظاً على الأمة من الضياع وراء الدعوات المغرضة الكاذبة المنـحرفة، أن يضعوا صمام أمان يوضّحوا به شرطاً أو شروطاً لا تنطبق إلا على الدعوة المهدوية الصادقة.

  أهل البيت عليهم السلام يضعون شروطا لا تنطبق إلا على رايات الهدى 

وقد ذكرت الروايات الشريفة عدة من الشروط التي بها يمكن للفرد الموالي أن يميز ما هو الحق من غيره فيما لو تحير في أمر راية ما في عصر الغيبة الكبرى، ومن هذه الشروط:

  الشرط الأول: الوضوح في الشخصيات والأهداف والعقائد 

إن رايات الهدى متصفة على الدوام بالوضوح والبيان والشفافية سواء بشخصياتها القيادية، أو بأهدافها ومتبنياتها الفكرية والعقائدية، وفي قول الإمام الصادق سلام الله عليه المذكور آنفا: «... يا أبا عبد الله ترى الشمس؟ قلت نعم، قال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس» إشارة واضحة لهذه الحقيقة.

وبعكس ذلك تكون الرايات الضالة المنحرفة، فإنها يكتنفها الغموض والضبابية وعدم الوضوح بالشخصيات القيادية وبالأهداف والمتبنيات الفكرية والعقائدية.

ولا يخفى أن هذا الشرط لا يشمل الرايات الضالة الموجودة في عصرنا هذا، فهي لا تنطوي إلا على الغموض سواء في أهدافها وعقائدها أو شخصياتها التي تدير دفة تلك التـجمعات، لذلك نرى الشك والحيرة تغمر أطرافها.

  الشرط الثاني: رايات الهدى تدعو إلى الإمام المهدي ورايات الضلالة تدعو إلى نفسها 

إن أصحاب رايات الهدى والحق تكون دعوتهم خالصة للإمام المهدي سلام الله عليه وحده، فعلى سبيل المثال قد وصفت راية اليماني التي هي راية حق بأن قائدها: «يدعو إلى صاحبكم... وإنه يدعو إلى الحق وإلى صراط مستقيم» «راجع كتاب الغيبة للنعماني: ص264. بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52/ ص232. معجم أحاديث الإمام المهدي للشيخ الكوراني: ج3/ ص255».

بعكس رايات الضلالة التي تكون دعوتهم لأنفسهم ولمصالحهم الشخصية، وفي قول الإمام الصادق عليه السلام: «لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه» « كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص437. الإرشاد للشيخ المفيد: ج2/ ص327. إعلام الهدى بأعلام الورى: ج2/ ص280».

فيصبح المائز والفارق يبين دعوة الحق ودعوة الباطل وراية الهدى وراية الضلال، إن صاحب الراية الحقة يدعو إلى الإمام سلام الله عليه، ومعنى إنه يدعو إلى الإمام عليه السلام هو إن صاحب الراية الحقة متجاهل لنفسه ويشعر بالتضاؤل أمام الإمام المهدي عليه السلام، فكل همه هو الإمام المهدي عليه السلام ودعوته وقضيته، ولا وجود لنفسه وذاته أمام عظمة الإمام وشخصيته وذاته المقدسة، وبمعنى أخر إن صاحب الراية الحقة يتجاهل نفسه وذاته، ويشعر بذوبان واندكاك تام ومطلق لشخصيته في شخصية الإمام المهدي أرواحنا فداه، وذوبان لقضيته في قضية الإمام المهدي سلام الله عليه، فهو لا يحمل هم نفسه بل يحمل هموم الإمام وليس المهم أن يدعو إلى نفسه ليعرفه الآخرون لشخصه، بل المهم أن يعرف الناس الإمام المهدي عليه السلام ويتوجهوا إليه.

ومن هنا ومن هذه النفسية الزكية الطاهرة ونتيجة لهذا الذوبان المطلق صارت راية اليماني وأشباهها من رايات الهدى واجب إتباعها، فأصحاب رايات الهدى لا يرون لأنفسهم منقبة ولا كرامة بل الكرامات والألقاب هي للإمام وحده لا غير وما هم إلا جنودٌ للإمام لهم هدف محدد ومعين وهو الإمام المهدي وحده ولا شيء معه، ولا وجود للصنمية الفردية في أطروحتهم الفكرية والعقائدية.

وعلى العكس من ذلك تماماً فإن أصحاب رايات الضلال والانحراف في آخر الزمان يدعو أصحابها إلى أنفسهم ،بمعنى إن هؤلاء الضالين كل همهم هو النفس وتمجيد النفس وصنع المناقب والفضائل الزائفة للنفس وصياغة الكرامات والمعاجز الوهمية للنفس، لجذب ضعاف النفوس والبسطاء ومن ليس له حظ في العلم من عوام الناس.

وحتى لو روج هؤلاء الضالين وكتبوا عن الإمام المهدي عليه السلام ودعوته، ودعوا إليه في بعض الأحيان فإن هدفهم هو ليس الإمام سلام الله عليه، بل الهدف من تنويههم باسمه هو جعل الإمام المهدي سلام الله عليه جسراً للوصول عن طريقه إلى هوى النفس وعبادة الذات وصنمية الفرد.

  جنون العظمة لدى أصحاب رايات الضلالة في عصرنا 

والحق والإنصاف إن كل رايات الضلالة الموجودة في عصرنا اليوم هي رايات هوى لا تدعو إلى النفس فحسب،بل ويعبد أصحابها أنفسهم ويؤلهون ذواتهم بدليل أنهم صنعوا لأنفسهم شخصيات أسطورية لا مثيل لها حتى في الأحلام، فبعضهم وصل به جنون العظمة إلى القول والادعاء بأنه هو اليماني، وهو نفسه الخراساني، وهو معصوم، وهو وصي الإمام المهدي عليه السلام، وهو سفيره، بل هو المهدي نفسه المذكور في الروايات.

وبعضهم تجرأ وادعى لنفسه ألقابا لا تطلق إلا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوصيائه من الأئمة المعصومين عليهم السلام، فادعى لنفسه العصمة، وانه مؤيد بجبرائيل، ومسدد بميكائيل ومنصور بإسرافيل وهو من الذرية النبوية بل هو ابن الإمام عليه السلام والحاكم بعده.

فهل تجد في كل هذه الألقاب إلا ما ذكرنا من عبادة الذات وطاغوتية الهوى والبعد الشاسع عن الإمام سلام الله عليه وعن الحق.

من هنا وردت الأحاديث الشريفة في اعتبار كل راية ضلالة ترفع قبل قيام القائم صلوات الله وسلامه عليه فصاحبها طاغوت، وأتباعها يعبدون زعيمها من دون الله سبحانه، فعن أبي بصير عن الصادق عليه لسلام قال: «كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله سبحانه». « الكافي للشيخ الكليني: ج8/ ص295. كتاب الغيبة للنعماني: ص38. الفصول المهمة في أصول الأئمة: ج1/ ص451».

فهؤلاء الطواغيت حتى لو رفعوا شعارات ظاهرها إنها حق ولكن باطنها ضلالة وصاحبها يعبد من دون الله سبحانه وتعالى لأنه يأمر بغير رضا الله سبحانه والمطيع له ليس من الله سبحانه وتعالى في شيء.

23/5/13619/ تح: علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عبد الكريم
2013-08-27
ثانيا :انت ذكرت ان راية اليماني هي راية هدى وهذا لاخلاف عليه فكيف تقول بعدها كل راية قبل قيام القائم هي راية ضلالة .ولكن الجواب هنا ان راية اليماني هي في معزل عن الاثنا عشر راية اي تكون هي الراية الوحيدة التي تهدي الى الامام الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف والتي عبر عنها الامام الصادق ان امرنا اي ان رايتنا يقصد هنا هي راية اليماني الحقيقي وانت تعرف الان هناك رايات مرفوعة مثل راية الدجال احمد الحسن وغيره من المدعين وهم يدعون لانفسهم وليس للامام ولكن هذا لاينفي وجود الراية الحقيقية الان
عبد الكريم
2013-08-27
السلام عليكم اخي الكريم كاتب الموضوع تحية طيبة ان في موضوعك عدة اشكالات واضحة ارجو ان تقبل مروري اولا: جاء في الرواية الشريفة الواردة عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام إنه قال : ( لا يخرج القائم حتى يخرج قبله أثنى عشر من بني هاشم كلهم يدعو على نفسه ) . وبذلك نفهم معنى إن اليماني كما في الرواية المتقدمة عبر عنه الإمام الباقر عليه السلام بأنه (( يدعو إلى صاحبكم)) . ففي وقت خروج هؤلاء الأشخاص الذين يتصفون بالدعوة إلى النفس تكون صفة اليماني الرئيسية هي الدعوة إلى الإمام المهدي (عليه السلام) لا إلى نفسه والدعوة إلى الإمام ليست بالأمر السهل أو الهيّن بل هي لوحدها من أصعب وأعقد الأمور على الإطلاق . ولابد أن يكون اليماني متصلاً اتصالاً مباشراً بالإمام (عليه السلام) ولا بد إنه يأخذ توجيهاته منه ، وذلك يظهر من خلال الرواية السالفة والتي تتحدث عن اليماني ، حيث ورد فيها هدايته للناس إلى الطريق المستقيم وهذه الصفة لا تكون إلا برعاية إلهية خاصة فلم نسمع إن أحداً غير الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) قام بهداية الناس إلى طريق مستقيم ، وهذا يعني إن اليماني يقوم بالهداية بتوجيه ورعاية وتسديد من الإمام المهدي (عليه السلام) .
محمد النائلي
2013-06-23
احسنتم شيخنا كثيرا كم نحن بحاجة الى رؤى اهل البيت لغرض كشف اللبس الذي قد ينتاب اتباعهم في عصر الغيبة ...وفقكم الله لكل خير وجعلنا واياكم من المتمسكين بنهج ال البيت عليهم افضل الصلاة والسلام
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك