( بقلم : مهند السماوي )
يسكن الشيعة في جميع مدن وقرى المنطقة الشرقية تقريبا،وكان يسمى حتى عام 1951،بأسم أقليم الاحساء ثم غير الاسم الى المنطقة الشرقية ونقلت العاصمة من الهفوف أكبر المدن في الاقليم،الى مدينة الدمام ومازالت،ويبلغ عدد سكان الاقليم حوالي 3.5مليون عام 2006،منهم 75%سعوديون،ومساحته 778ألف كيلومتر مربع،ويتكون من عشر محافظات أكبرها الاحساء(68%من مساحة المنطقة الشرقية).أما التواجد الشيعي في أقليم الحجاز،فيتكون من أربع مجموعات رئيسية،هي :1-النخاولة:وهي المجموعة الاكثر عددا وأنتشارا،وهم عرب،يتعرضون الى تمييز طائفي وعنصري،نظرا لسمرة البشرة.2-الاشراف:وهم سادة بني هاشم ينتشرون في مدن الحجاز.3-قبائل حرب وجهينة(أعتنق بعض أفرعها المذهب).4-المشاهدة:وهم من أصول عربية ولكن أقل عددا.
ويتواجد العدد الاكبر في المدينة المنورة والمناطق المجاورة لها،ويتواجد أيضا أعداد أقل من الشيعة الزيدية،ويسكن في مكة والطائف نحو 40 الف،بالاضافة الى بقية المدن والقرى ولكن بأعداد أقل.أما التواجد الشيعي في أقليم عسير،المجاور لليمن،فالاقسم الاكبر للشيعة الاسماعيلية(اكثر اكثر من 500ألف)من حوالي 3.3مليون عدد سكان الاقليم(80%تقريبا سعوديون)،ثم بعد ذلك الشيعة الزيدية،وهم يتواجدون بأعداد كبيرة خاصة في مدن نجران وجيزان التاريخيتين،وقليل من الشيعة الاثني عشرية.التواجد الشيعي في منطقة حائل الشمالية قليل،فقد كان يتواجد فيها عدد كبير قبل سقوطها بيد السعوديون،عام1921م،عندما هاجر معظمهم الى العراق والحجاز،ولم يبقى الا القليل يخافون التعبير عن هويتهم ويتعرضون الى المصاعب،ويقدر عددهم في المناطق الشمالية وفي أقليم نجد، ببضعة عشرات من الالآف.يتعرض الشيعة في المملكة السعودية،الى أضطهاد كبير من جميع النواحي،خاصة في ظل وجود فتاوى دينية صادرة من المؤسسة الدينية الحاكمة مدعومة من الاسرة الحاكمة،لذلك ليس من الصعب اثبات عدم تعرضهم للاضطهاد،خاصة في ظل وجود عدد كبير من التقاريرالدولية الدورية في هذا الشأن.
وهناك حظر تام على رجال الدين الشيعة وخطبهم ودروسهم منذ عام 1967م عندما تأسس التلفزيون الرسمي والاذاعة أيضا بينما يسمح لرجال الدين السنة غير الوهابيين ومن جنسيات مختلفة،ولم يظهر أي تغيير على تلك السياسة التقليدية،بعد أحداث 11سبتمبر2001م والتغيير الذي حصل في العراق عام2003م،حيث حفز ذلك الشيعة للمطالبة بحقوقهم المشروعة،مما زاد المخاوف السنية،من أن يؤدي ذلك الى حصول تغيير في السعودية مشابه للتغيير في العراق.وفي تقرير الخارجية الامريكية لحقوق الانسان في العالم السنوي،حول السعودية،بأن حرية الدين غير موجودة،وهي دولة قمعية،فريدة من نوعها ويعزو ماتقوم به الحكومة هناك من تقييد الممارسة العلنية للتعبد أو التعبير في الدين بقوة وبصورة كاملة الى تفسير واحد،وهو نظرة ضيقة ومتزمتة للاسلام مستند الى المذهب الوهابي(هكذا في نص التقريرالصادر عن الوزارة في مايو(آيار)2003م)،ويضيف التقرير بأنه يوجد 16 عالم دين شيعي رهن الاعتقال نهاية2002م،ومن أمثلة الاضطرابات الاخيرة ماحصل في نيسان2000م عندما قام المطاوعة(وهو الجهاز القمعي الديني)بالهجوم على أحد المساجد الاسماعيلية وتم أغلاقه ومصادرة أدبياته الدينية،وقامت على أثرها مواجهات دامية مع قوات الامن،وكان الضحايا بالعشرات،وأكثر من 500 معتقل.
وفي تقارير غربية يوجد95%من المسجونين لاسباب دينية أو سياسية من الشيعة!،وممنوع من السفرأكثر من 6 الآف شخص منذ سنوات طويلة،وقد عين عام 2003م أول سفير شيعي للمملكة،أما وزير فلحد الان لم يعين أحد منهم.كذلك توجد تفرقة في نوعية المساجد وحجمها.كل هذا ورد في تقرير خارجية الحليف الاكبر للمملكة!فكيف تقارير المعارضين والاعداء المرعبة لما يجري في الداخل السعودي!.
التعليم هو وسيلة التطور أو الانحدار: ويعود السبب الرئيسي للتعصب الديني في السعودية،الى نظام التعليم الذي يشجع على ذلك،حيث يجبر التلاميذ على تعلم المذهب الوهابي الحاكم،وهو مخالف للاعلان العالمي لحقوق الانسان والقوانيين الدولية الاخرى التي تقول بأن التعليم الديني في المدارس يجب أن يكون متطابقا فقط مع عقائد الوالدين،والاهتمامات الجيدة والقدرات المتطورة للطفل.ونوعية التعليم هو تعلم تلقيني للتلاميذ،يتم أجبارهم على حفظ نصوص ومواد تحتوي على لغة التمييز،ولغة تهجمية وتشجع على التعصب والكره تجاه الفئات الاخرى،الكتب المدرسية وغير المدرسية مليئة بالفتاوى والنصوص التي تهدر دماء أصحاب المذاهب الاسلامية الاخرى فما بالك تجاه أصحاب الديانات الاخرى،وكانت نتيجة ذلك التعليم أو بالاحرى التلقين سواء في السعودية أو مدارسهم في باكستان وافغانستان والهند،خروج أجيال كاملة من الانتحاريين والقتلة،الذين لايفهمون لغة الحوار والثقافة والمنطق،بل عبارات ونصوص جامدة،من المستحيل تغييرها،فكانت بشاعة القتل،ناتجة من بشاعة تلك الاوامر التلقينية.
أن التمييز والتفرقة المذهبية،منشرة على نطاق واسع في المملكة السعودية وخاصة في مجال العمل،فرغم وجود حقول النفط في المنطقة الشرقية الا أن أبعاد الشيعة من العمل في شركة أرامكو النفطية السعودية،مستمر،فبعد حرب الخليج الثانية عام1991م ووقوف الاقلية الشيعية الى جانب الحكومة بقوة في حربها،الا ان المكافأة كانت طرد الآف العمال في مايو 1991م من العمل!،وهم محرومون من تسلم المناصب الرئيسية في شركات النفط،رغم العمل لفترات زمنية طويلة،هذا مع العلم أن المملكة تنتهج المنهج الرأسمالي الحر في أقتصادها!،ومازالت هناك الكثير من الفتاوى والاوامر الدينية الجديدة التي تدعوا اتباعها الى مقاطعة الشيعة اقتصاديا وتحريم الشراء منهم! وهناك فرق شاسع في عمران مناطق الاقليات مع المناطق الاخرى،فأذا كانت المملكة محرومة من الحرية الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية!فأي مملكة تلك،أنها بحق:مملكة الخوف،والخوف وحده يسير الناس هناك فيها،لاتسمع من الناس سوى ترديد كلام الحكام حتى لو جرى تغييره في مدار 24ساعة الى النقيض!.
وهذا الاعلام السعودي الخارجي الواسع النطاق،رغم وجوده خارج المملكة الا أنه لايختلف عن اعلام الداخل كونه أعلام الببغاء والتستر على الداخل والتعتيم على المعارضة،أنها كارثة التلقين والخوف منذ الصغر،وليس هنالك أي مجال للمناقشة أو أبداء الرأي،أو أفساح المجال للارآء الاخرى،هو الخوف بعينه على السلطة الدينية التي هي أساس السلطة السياسية،المرعوبة من كل شئ،والمسيطرة على كل شئ،يساعدها في ذلك احتياطي النفط الهائل الذي سوف ينفذ بعد مائة عام!وبالتالي سوف ننتظر قرن من الزمان،لنرى بعدها ما تكون عليه مملكة الخوف.
حاولت الاقليات ،الثورة والعصيان مرارا وتكرارا،لكنها فشلت فشلا ذريعا،بسبب الارهاب الشامل والابادة الكاملة لكل من يشترك أو يتفرج عليها!ومن الطريف ذكره هنا أنه جرت عام 1955م أنتفاضة صغيرة للشيعة في المدينة المنورة ذات اسباب أقتصادية وكان الامير الشاعر عبدالله الفيصل وزيرا للداخلية في حينها،وهو المشهور عنه الرقة والعاطفة القوية وكتابة الشعر الغزلي،قام بنفسه بجلد الثائرين وحرق بيوتهم البسيطة!فأذا كان طيبهم هكذا،فماذا يكون شديدهم!؟ الجواب بالطبع موجود لسكان مملكة الخوف. وليس من الضرورة ان تكون تحركات الاقليات للانقلاب وتغيير الحكم أو الانفصال عنه بل من اجل العدالة الاجتماعية واعطاء فرص العيش الكريم لهم بعد ان يئسوا من العدالة السياسية. في تقديري وتقدير الكثيرين أيضا،أن أنتظار تغير سلوك السلطتين السياسية والدينية،شبه مستحيل،لخوفهما من فقدان السلطة من أيديهما،وكذلك الى تركيبة الطبيعة البشرية لاصحاب تلك السلطة،يصعب عليها تقديم أي تنازلات مهما كانت بسيطة،يساعدها في ذلك توفر المال الكافي لشراء الحكومات والشعوب!،وسيف السلطة الدينية وبالتالي سوف يبقى الوضع على ما هو عليه،ولن نشاهد رئيس الوزراء سوى الملك،ولا محافظ سوى الامير،فماذا يكون الحل في ظل الدعم الدولي المستمر للحكومة السعودية؟ .
الخريطة الجديدة:أن ظهور خريطة جغرافية جديدة للشرق الاوسط حديثا،في المجلات العسكرية الامريكية ورؤية المملكة مقسمة الى عدة أقسام بعضها متحد مع البلدان المجاورة(العراق واليمن والاردن) ما هو الا تعبير صادق عن حالة الاتحاد الاجباري للمملكة وما يجري فيها من اضطهاد وتمييز يؤثر على استقرار البلدان المجاورة خاصة المختلفة معها من الناحية المذهبية ويصدر التطرف والارهاب الى العالم اجمع ،وأذا تغيرت الظروف الدولية في المستقبل،فأننا نرى قول كيسنجر عندما قال:أذا سقطت اسرائيل فأن أول دولتين عربيتين تتبعانها في السقوط هي السعودية والاردن،ليس غريبا،بل تأكيدا لها.وليس غريبا ظهور خرائط جديدة لدول الشرق الاوسط في الغرب الان، لانه صنعت تلك الدول ورسمت حدودها في الغرب أيضا قبل مائة عام!.
أن الحل الوحيد للمعارضة في السعودية،كما لبقية البلدان العربية الاخرى،هو الاعتماد على التغيير الخارجي وبذل الجهود لتغيير سياسة الدول تجاه المملكة،وخاصة تلك التي توفر الدعم الكامل للمملكة،,ان الاعتماد على السياسة الانفصالية،ليس عيبا مادام يحقق الحرية والعدل للاقليات والاقاليم فيها،خاصة ماجرى من تغييرات في العالم منذ نهاية الحرب الباردة عام 1990م وماتلاها من أحداث من قبيل تمزق الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا وانفصال تيمور الشرقية وفي السودان وغيرها،ولاينبغي الاعتماد على التغيير الداخلي شبه المستحيل أو المساندة الاقليمية الضعيفة،الانفصال أذا كان يحقق الحرية والعدل والمساواة أفضل من الاتحاد الاجباري القائم على الظلم والطغيان واستعباد الناس وأهدار دمائهم وكرامتهم وحقوقهم،وأن أتحاد المملكة القائم على القبضة الحديدية مع سيف الخوف،لن يجمع أوصالها المتناثرة،بل سوف يمزقها في أسرع وقت،خاصة في ظل ظروف دولية متغيرة عاجزة المملكة عن صدها رغم انفاقها الدفاعي والامني الهائل!.
الحل الوحيد هو أما الانفصال التام أو القبول بالملكية الدستورية القائمة على الحرية والعدالة والمساواة بين الجميع،على غرار الملكيات الغربية كالبريطانية،يكون الملك حكم وليس حاكم،وتختار كل منطقة أو مدينة من يمثلها بدلا من الامراء الذين يحكمون بلا قيود،وتحديد نفقات الاسرة الحاكمة كأي أسرة أخرى!بدلا من الانفاق الشخصي غير المسؤول،ومحاسبة الجميع وفق القانون وجعل السلطة الحقيقية بيد الشعب وليس الاسرة الحاكمة ،وفصل السلطة الدينية(ذلك السلاح القوي الفتاك بيد المملكة الان)وأبعاد وعاظ السلاطين عن الحكومة وأدارة المجتمع، وتغيير المناهج التلقينية،الى مناهج عصرية تحث وتشجع على الحوار والمنطق والعقل والاحترام المتبادل والبحث العلمي،فهو السبيل الوحيد لتغيير أجيال بكاملها من حالة التقوقع والانغلاق الذاتي سوى مجال البحث عن اللذات والعيش في كهوف الجهل والطاعة العمياء التي سودت تأريخ العرب والمسلمين وجعلت الحاكمين في مراتب الالهة والشعوب كقطيع من الاغنام تساق الى مصيرها المحتوم،محرمة عليها الحلم بمستقبل مشرق زاهر،مما يجعلها يائسة بائسة تخرج اجيال من الرعاع القتلة قدرتهم الوحيدة قتل الابرياء وبصورة بشعة تدل على الخسة والجبن والنذالة وترك المجرمين يحكمون بدون حساب(لذلك لم نرى اميرا او مسؤولا يقتل من قبلهم لانحرافه، رغم كثرة المنحرفين)،وانهاء التمييز والقهر تجاه المقيمين الاجانب والاقتصاد في النفقات الحكومية على الامن والدفاع وفق الاحتياجات الحقيقية،هو السبيل الوحيد لادامة هذه المملكة،وألا..فلا!ولنا عبرة بجمهورية الخوف(العراق)وماجرى بها وعليها ولم ينفع لادامتها لا النفط والمال ولا الارهاب والقمع الوحشي والابادة الجماعية،فكانت لها العدالة الالهية العظيمة بالمرصاد ولو بعد حين ،ولن تجد المملكة من يقف معها في ساعة المحنة ممن انفقت أموالها عليهم،فسوف تجدهم في الميدان أسرعهم فرارا،بعد أن كانوا أطولهم لسانا !في النفاق والكذب ،والتأريخ لا يرحم! ولنا فيه عبرة (كشاه ايران الذي لفظه وتنكر له الجميع) .
الخلاصة:المعارضة تحتاج الى استيراتيجية جديدة وثورة في التفكير وذوبان في المصلحة العامة ونكران الذات وشجاعة في الممارسة والاقناع،كما تحتاج الى الوحدة في العمل والاخلاص للشعب ،والسلطة تحتاج لادامة حكمها الى ثورة في الفكر والممارسة بدءا من الشعار القائل الله- الملك -الوطن،لاحظ تقديم الملك على الوطن،أما تقديم لفظة الجلالة فللتسترالمفضوح على ذلك، ما دام لايؤثر على السلطة،بل سلاحا بيدها،جل جلاله عما يعملون، والصحيح أزالة أسم الملك نهائيا من الشعار،أنها حقا ثورة قد تحتاج بكل تأكيد الى العنف مع رافضي التغيير لاسباب شتى،ولكل تغيير على مدار التأريخ معارضون أشداء،فالحكم ولوكان كافرا مع العدل يدوم،ومع الظلم ولو كان مؤمنا يزول.
كل ذلك يحتاج أرادة قوية شجاعة،تكسر حاجز الخوف من كل شئ وخاصة من الشعب المغلوب على أمره،وتعيد الامن والطمأنينة للجميع دون أستثناء،من القمة الخائفة على سلطتها! الى الشعب الخائف من سطوتها !مرورا بالدول الاخرى الخائفة على مصالحها ومن أنقطاع المال عليها ! .مهند السماوي
https://telegram.me/buratha