( بقلم مهند السماوي )
القسم الاولتوطئة توجد في غالبية بلدان العالم،أقليات،قد تكون دينية أو مذهبية،عرقية أو لغوية،أو قد تكون طبقيةحسب التفسيرالاقتصادي لطبقات الشعب المختلفة،وقد لوحظ أن هذا التفسير الاخير يضعف أذا وجدت الاقليات الدينية أوالعرقية،ويزداد أذا كان الشعب كتلة واحدة دينيا أو عرقيا.كذلك تقسيم المجتمع،جنسيا، الى ذكور أو أناث له دور كبير،الا أننا سوف نتجنب الاشارة اليه في هذه الدراسة المختصرة،ولكن ذلك لا يلغي أهميته البالغة،أو التقسيم حسب لون البشرة وهو أسوا أنواع التقسيمات،وغيرها من أنواع التقسيمات الاخرى.
تتواجد في بعض البلدان،تركيبة سكانية متكونة من خليط من الاديان والمذاهب والاعراق واللغات والطبقات وخاصة في الدول الكبرى،وقد يسبب ذلك الوجود الى ثراء المجتمع في جميع النواحي أذا اتيحت للجميع الحرية والمساواة الكاملة،كما نلاحظ ذلك في امريكا الشمالية واستراليا مثلا، وقد يسبب أيضا تفكك الدولة أذا وجدت الديكتاتورية والاضطهاد،كما شاهدنا ذلك في الاتحاد السوفييتي السابق ويوغسلافيا،وفي بلاد الشرق الاوسط،يتجلى المنظر في العراق وايران وتركيا ولبنان وغيرها.وقد تتحول الاقليات بمجموعها الى الاغلبية،وبالتالي تنعدم صفة الاغلبية لدى السلطة الحاكمة.
الاقليات في السعودية:أما في المملكة العربية السعودية،فتتواجد فيها الكثير من الاقليات،وبمجموعها تشكل الاغلبية،وبالتالي لايشكل المذهب الحاكم الاغلبية المزعومة،خاصة في ظل أنعدام أحصاء سكاني شامل تتوفر فيه الحرية الكاملة للتعبير عن الاصول الدينية والمذهبية والعرقية.يبلغ عدد سكان السعودية وفق أخر أحصاء لعام 2005م حوالي 24مليون نسمة،يشكل المقيمون أكثر من 7مليون،والباقي 17مليون هم عدد السكان حاملي الجنسية السعودية.
تتواجد في المملكة وخاصة في الحجاز،عدد كبير من بقايا الاقوام السابقة التي استوطنت بالقرب من الحرمين الشريفين،منذ مئات السنين،من افريقيا واسيا ،ومن بلاد عديدة مثل دول القرن الافريقي والسودان والقوقازوالاتراك والافغان والهنود وجنوب شرق اسيا بالاضافة الى الاقطار العربية الاخرى وغيرها،وقد اندمجت بشكل شبه كلي،ولم يبقى سوى الاسماء أو الالقاب المميزة لها أو الاصول الاسرية،ويعاني البعض منها،وخاصة الاصول الافريقية من عبودية مقنعة مستمرة،خاصة وأن السلطة الرسمية اعترفت بمنع العبودية منذ بضعة عقود من الزمن،وهي فترة ليست طويلة،أما معاناة واضطهاد المقيمين الاجانب وخاصة من بلاد اسيا وافريقيا الفقيرة،فحدث ولا حرج،وتلك تقارير المنظمات الدولية تصنف النظم الخليجية ومنها السعودية،بأعتبارها أسوأ البلدان أضطهادا للعمال الاجانب،وخاصة في مجال الكرامة الانسانية،وهذا التواجد البشري ناتج بالطبع من التدفق المالي الهائل نتيجة أكتشاف النفط في دول الخليج وأنتاجه بكميات كبيرة تفوق حاجة بلدانه،مما سبب تخمة مالية كبيرة لدى أنظمته وشعوبه،دون أن تكون مهيئة نفسيا وعمليا لاستقباله مما أثر بصورة بالغة على السلوك الجمعي،وزاد الطين بلة أن شعوبه متخلفة من جميع النواحي،وخاصة الاجتماعية،والتأثيرات البدوية البعيدة عن الحضارة الانسانية متجذرة فيه،أدى ذلك الى سلوك مشين من قبل الانظمة والشعوب،على المقيمين من مختلف الجنسيات وخاصة من الدول الفقيرة،ورغم ذلك اصبح عدد المقيمين يفوق عدد المواطنين أومقارب للعدد،فكانت المعاملة السيئة التي تقارب معاملة العبودية البشعة،والاستغلال الفظيع للبشر،سبب في نشوءعداء وحقد وصراع بين الجانبين،وخاصة من مقيمي الدول الفقيرة أقتصاديا والغنية حضاريا،لاينتهي الا بعد أنتهاء عصر النفط! والغريب أن المقيمين الاجانب من الدول الغربية،بعيدة كل البعد عن تلك العبودية لاسباب عديدة،منها التفوق الحضاري الغربي بما له من تأريخ استعماري طويل لدول المنطقة،والشعور بفضلهم في تأسيس دولهم وحمايتها من الجيران الاقوياء،ومازال التفوق على دول المنطقة موجود على كل الاصعدة وخاصة الثقافي والتكنولوجي والعسكري،فمازال الغربيون يتصرفون كأسياد،والخليجيون على الاقل من الناحية النفسية أذا لم نقل كعبيد !فعلى الاقل شعوب أدنى مستوى تطلب رضاها من الاعلى،مهما بلغ حجم الثراء الخليجي،والاسراف في الانفاق.
ومن ناحية الدولة السعودية،يكاد أن يكون المجتمع عربيا خالصا،خاصة بعد ذوبان الاقليات العرقية واللغوية فيها على مدار مئات السنين،وبالتالي سوف يكون حديثنا عن الاقليات المذهبية على أعتبار أن الدين الاسلامي يشكل 100%هناك،دون الاشارة رغم أهميتها الى القبائل والاسرالمختلفة الاصول والاجناس.يمكن تقسيم الاقليات في المملكة السعودية الى قسمين:1-الاقليات السنية 2-الاقليات الشيعية
وسوف نبدأ الحديث عن الاقليات السنية ثم بعد ذلك عن الاقليات الشيعية.1-الاقليات السنية:يوجد في المملكة جميع المذاهب السنية الاربعة وهي حسب الاهمية في العالم الاسلامي:الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي،والاخير هو الاقل انتشارا في العالم الاسلامي، لكن الاوسع انتشارا في المملكة،بسبب كونه المذهب الحاكم،واستخدام اتباعه جميع الوسائل الممكنة،المادية والمعنوية بما فيها القسوة والشدةوالارهاب!،في نشره،فبعد ان كان أقلية عند تأسيس الدولة السعودية الحديثة عام 1932م،أصبح الان بفضل الوسائل السابقة الاكثر عددا،ورغم ذلك لايشكل الاغلبية لكثرة المذاهب الموجودة.يسيطر على المذهب الحنبلي الفكر الوهابي المتشدد،والاخير هو أقرب الى الفكرالمتطرف منه الى المذهب الفقهي الاسلامي المتسامح،كبقية المذاهب الاخرى،وصاحب الاكثر عددا في الفتاوىوالاراء التكفيرية ويستند أساسا الى أفكار ومبادئ غير قابلة للنقاش بسبب كونها صادرة من مدرسة الحديث،برأيهم طبعا،وهم الابعد عن النزعة العقلية والمنطقية الجدلية وعلومها،ويحاربونها بشدة وقسوة بالغة،خاصة المستندة على اسس قوية من الكتاب والسنة،وقد أنفقت المملكة على هذا المذهب والفكر المسيطر عليه عشرات المليارات من الدولارات،ومازالت، لان بقائها في الحكم مرهون بأستمراريته وتحاول أيضا نشره في خارج المملكة مستخدمة الاساليب السابقة،الا ان نجاحها كان ضئيلا.
تتكون المملكة بصورة رئيسية من أتحاد اجباري بين اربعة أقاليم :هي الحجاز(المنطقة الغربية)والاحساء(المنطقة الشرقية)ونجد(المنطقة الوسطى)وعسير(المنطقة الجنوبية) منذ عام 1932م.وكان قبلها يشكل المذهب الحنبلي الاغلبية في نجد،والشيعة الاثني عشرية في الاحساء،والشافعية والمالكية في الحجاز،أما الاغلبية في عسير فهي للمذهبين الشيعيين،الاسماعيلي والزيدي.
أما الان فالصورة شبه متغيرة بسبب سيطرة المذهب الحنبلي الوهابي على الحكم،كان المذهب الشافعي المنتشر في مصروالشام،هو المذهب الاكثر أنتشارا خاصة في الحجازوبالتحديد مكة المكرمة،التي هي مركز زعامتهم،الا أن سيطرته قلت الى حد كبيرالان،وهم ممنوعون من أمامة المصلين كبقية المذاهب الاخرى في الحرمين الشريفين مع أنهم كانوا يقومون بذلك عبر التأريخ أو تبؤا المراكز العليا في الدولة والمجتمع،ومن النادر ان تجد وزيرا أو مسؤولا،شافعيا، ويطلق عليهم من قبل اتباع المذهب الحاكم ،أسم الصوفية،ويتم أتهامهم بمختلف التهم ومنها التسامح وقبول التعددية،وهم ممنوعون من نشر كتبهم الا أذا تلائمت مع توجهات الحاكمين،ورغم ذلك يقدر عددهم بالملايين،وهناك فئات صغيرة منهم تمارس المعارضة ضد النظام في الداخل والخارج،ويطمحون الى فصل الحجاز ذو الاهمية البالغة عن نجد الاقل أهمية بكثير،والاستقلال عنهم بعد أن كانوا دولة مستقلة حتى عام 1926م،ويساعد على هذا التوجه وجود أسر الاشراف المنتشرين فيها ومن بينها الاسرة الهاشمية الحاكمة في الاردن،وغم ذلك فأن معارضتهم سلمية لعلمهم مدى بطش السلطات الحاكمة بالمعارضين.
بعد ذلك يأتي في الاهمية المذهب المالكي المنتشر في شمال أفريقيا وهو منتشر في الحجاز على الاغلب وينطبق عليهم نفس الكلام السابق،وقد فقدوا في اكتوبر(تشرين أول)2004م زعيم الحجازالديني وفقيه مكة الشهير السيد محمد علوي المالكي الذي يتصف بالاعتدال والتسامح،ومن أبرز شخصياتهم وزيرالبترول الاسبق احمد زكي يماني.
أما الاحناف،فهم الاقل عددا،واكثر انتشارهم في الحجاز ايضا،ولم يعد لديهم مراكز دينية تذكر،بالمقارنة مع السابقين.بالاضافة الى تواجد المذاهب الثلاثة السابقة بكثافة في الحجاز، فانهم يتواجدون في المنطقة الشرقية وكذلك في المنطقة الجنوبية،بعد المذاهب الشيعية الثلاث،أما تواجدهم في نجد،فقد ضعف كثيرا بظهور الحركة الوهابية قبل 3 قرون،ومع ذلك يتواجدون بأعداد قليلة.ينتمي معظم المعارضين السنة السعوديين الى اتباع المذاهب الثلاثة السابقة،ومازالوا يشكلون خطرا كبيرا على حكم الاسرة السعودية وبعضهم يعمل على تغيير النظام دون المساس بالوحدة المقامة حاليا والبعض الاخر يدعو بصورة علنية الى الاستقلال التام عن أقليم نجد الفقير والعودة الى دولهم السابقة مدعومين بتأييد عدد كبير من علمائهم وبتواجد المدن المقدسة،والموقع الجغرافي المهم.
ينقسم المعارضون السنة في عدة تيارات سياسية،يأتي بالدرجة الاولى،التيار الديني وهو على الاكثر معتدل قياسا بالتيار السلفي المتشدد،بعدها يأتي التيار القومي وهو بدوره ينقسم الى عدة أتجاهات،بعد ذلك يأتي التيارالليبرالي المتأثر بالحضارة الغربية،وأكثر المنتمين اليه هم من الدارسين في الغرب أو طبقة المثقفين،وقد تجد دعاة الانفصال أحيانا ينتمون الى تلك التيارات،وبالتالي ليس لهم تيار فكري خاص بهم،وأنما هم متوحدين بسبب الطغيان وأستغلال مناطقهم من قبل الاسرة الحاكمة وحرمانهم من حقوق الانسان الاساسية كذلك أن أزدياد الوعي بسبب ثورة الاتصالات وتحول العالم الى قرية صغيرة يجعل أعداد المعارضين في أزدياد مستمرمما يسبب قلق كبير لدى السلطتين(الحاكمة والدينية) بالاضافة الى وجود معارضة شديدة من قبل المتشددين الوهابيين للحكومة وأتهامها المستمر بالفساد والعلاقة مع الغرب على حساب العلاقة مع بقية المسلمين وخاصة في قضية فلسطين،وأيضا مايعتبرونه تهاونا من قبل السلطة في القضاء على الاقليات الشيعية والصوفية والعلمانيين!سببا رئيسيا لمعارضتهم مما يجعلهم بعيدين كل البعد عن الاقليات الاخرى والتيارات السياسية الاخرى،وتمتاز تلك المعارضة بكونها مسلحة وتسبب قلق دائم ليس فقط للسلطات الحاكمة بل ايضا الى دول المنطقة والغرب،ورغم الانفاق الدفاعي والامني الهائل،الا ان المملكةمازالت غير قادرة على كسر التمرد خاصة انه مدعوم من قبل رجال دين متنفذين،وأنتساب معظم أفراد القوات المسلحة والعاملين في الدولة الى نفس المذهب،يجعل مهمة الدولة أكثر صعوبة،فتحاول أحيانا تفريغ البلاد منهم،عن طريق تصديرهم الى البلدان المجاورة والمناطق الساخنة في العالم الاسلامي،فلا تحاول الدولة منعهم من السفر أوالقضاء على التمويل المالي الهائل الذي يحصلون عليه،حتى من جهات رسمية متنفذة،غالبا ماتكون تحت مسميات خيرية،وأكثر البلدان معاناة من هؤلاء الرعاع، العراق بعد عام 2003م وافغانستان وباكستان والهند وغيرها،والغريب أن قضية العرب والمسلمين الاولى(فلسطين) بعيدة كل البعد عن توجهات هؤلاء رغم الضجيج الاعلامي الذي لا يقدم ولا يؤخر في القضية،ورغم كون الفلسطينيين في غالبيتهم الساحقة من السنة!،وهذا أحد اسباب التنافر الحاصل بين الطرفين،وكره الفلسطينيين الدائم للملكة بما يعتبرونه أهم دولة عربية قادرة على التأثير في القرار الغربي بسبب النفط، وأستمرارية المساعدات المالية لا يؤثر شيئا في تغيير تلك النظرة.
وقد سبب هؤلاء المتطرفين مشاكل كبيرة لبقية الدول الاسلامية،بسبب التركيبة الفكرية المتخلفة والجامدة لدى هؤلاء،مما ادى الى أنتشارالتطرف وشيوع الكراهية بين المذاهب المختلفة بالاضافة الى أعمال العنف الارهابية المستمرة وأنشغال المجتمعات بمحاربتهم مما أدى الى أستمرار تخلف الدول الاسلامية في المجالات كافة وخاصة الاقتصادية والتكنولوجية،بل اصبح التخلف والجهل والفقر أكثر!وكل ذلك يعودالى المملكة السعودية وسلطتها الدينية المتشددة تجاه الكثير من القضايا،وابرزها رفض قبول الاخر.
هذه المعارضة المستمرة من المذاهب السنية الاربعة رغم أنقسامها والتصادم في مابينها أحيانا، الا أنها تسبب قلقا ورعبا دائما للسلطات الحاكمة،التي تنفق اكثر من ثلث دخلها على الدفاع والامن،ولم تشعربالامن والاستقرار مما يجعلها بحق :مملكة الخوف،والقلق الدائم على حاضرها ومستقبلها.
2-الاقليات الشيعية :الحديث عن الاقليات الشيعية يطول بسبب المعارضة المستمرة لتواجدهم على أرض المملكة والتمييز الهائل الذي يواجهونه يجعل التعايش بين الجانبين ضربا من الخيال!لكون حق البقاء والعيش مفقودا!،وهي ابسط حقوق الانسان،ولاتستنكف السلطة الحاكمة(بشقيها المدني والديني) من ذلك بل يعتبرونه واجبا شرعيا!،ولا يعاني الشيعة في داخل المملكة من ذلك فقط بل الشيعة في خارجها أيضا !يعانون من التدخل السعودي المستمر سواء الرسمي أو الشعبي، وتشهد في الاونة الاخيرة الحروب في العراق وافغانستان وباكستان، وهم في حرب مستمرة على كافة الاصعدة مستندة على تراث هائل من الكراهية والحقد،وتاريخ طويل من الحروب والابادة الجماعية،يمتد الى ثلاث قرون، والغريب في الامر ان الجانب الوهابي دائما في موقف الهجوم والجانب الشيعي دائما في موقف الدفاع،مما سبب الكوارث على الجانبين من حيث تشجيع المهاجم لاشعوريا بالهجوم والظهور امامه بالموقف المسالم، ولم نشاهد في تأريخ النزاع بين الجانبين قيام الشيعة بحملة أبادة ضد الطرف الاخر،ويتحمل قادة الشيعة الدينيين اكثر المسؤولية لعدم قدرتهم على بناء قوة ردع كافية،سواء مادية كانت أو معنوية،وفي توقعي أن النزاع سوف يستمر مادامت أسس النزاع وطريقة استمراره باقية.تتكون الاقلية الشيعية من ثلاث طوائف رئيسية وهي حسب الاهمية :
أ-الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية.ب-الشيعة الاسماعيلية.ج-الشيعة الزيدية.ويتواجد حسب مايقال بعض الشيعة الكيسانية،ولكن عددهم قليل ويتركزون في ينبع على ساحل البحر الاحمر.ويقدر تعداد الاقلية الشيعية بحوالى 25%،وقد تكون هناك أحصائيات تقدرهم بأقل من ذلك،الا أن الرقم السابق يكون معقولا ومقبولا لعدة أسباب منها أنتشار المذاهب الشيعية الثلاث في جميع أنحاء المملكة المترامية الاطراف،مما يصعب حصره،وثانيا وجود سلطة دينية ومدنية حاكمة متشددة تمنع أي وسيلة للتعبيرعن الهوية المذهبية حتى لو كانت لفظية!لان ذلك يجر على قائلها المتاعب والمشاكل يكون في غنى عنها،وهذا يؤدي الى وجود اعداد كبيرة من الذين يكتمون هويتهم المذهبية أو السياسية ايضا!ويكون من المستحيل أجراء أحصاء شامل لهم،خاصة مع التلويح بأضطهاد يصل حد التكفير وأهدارالدم والكرامة الانسانية!يضاف الى ذلك أنعدام الاحصائيات الرسمية،وهي سياسة درجت عليها الدولة السعودية لفترة طويلة،وهي نقطة مهمة جدا،وخلال العقود الاخيرة لم تجري سوى أحصائيات تقديرية،بأعتراف الحكومة نفسها!وطبعا لهم مبرراتهم في ذلك.
وهناك نقطتان مهمتان،الاولى الزيادة السكانية لدى الشيعة في السعودية تفوق الاخرين نتيجة للشعورالدائم لدى الاقليات بخطر الذوبان في المجتمع مما يولد لديها شعور بضرورة المحافظة على خصوصيتها، وساعد في ذلك التسهيلات االمتاحة لابناء الاقلية في الزواج بالمقارنة مع الصعوبات التي تقف كحجر عثرة امام طريق زواج أبناء الاغلبية،وهذا معروف في وسائل الاعلام،وكذلك المحافظة على حجم الاسرة الكبيرة،رغم وجود الوعي الثقافي والتعليمي العالي الذي يفوق الاغلبية وهذا معروف في غالبية بلدان العالم،وليس فقط في السعودية،في ان الدافع نحو التعلم وتطوير الذات في محاولة لاثبات الوجود على أرض الواقع لدى ابناء الاقليات يفوق الاغلبية،خاصة مع أنعدام فرص السيطرة السياسية والنفوذ الى الحكم وأجهزته كالجيش والوزارات،فيكون السبيل الوحيد هو العمل بعيدا عن الحكم والسياسة،فالانجاب بمستواه العالي هو الوسيل الوحيدة للحفاظ على الاقلية،خاصة أذا تعرضت الى أبادة جماعية،أو هجرة ابنائها نحو الخارج،ويكون ذلك مع الاحتفاظ في التفوق في الوعي الثقافي والتعليمي.وهناك احصائية رسمية تبين أن النمو السكاني في الاحساء ذو الغالبية الشيعية يفوق باقي أنحاء البلاد.
السنة 1974 1985 1992 2005عدد السكان 273 الف 551 الف 729 الف 908 الفيتبين لنا مما سبق أن نسبة الزيادة السكانية السنوية حوالي 5,3% بينما النسبة في السعودية 3,1% .ملاحظة أخرى مهمة،وهي ان العالم تحول الى قرية صغيرة بفضل العولمة وتغييراتها وما رافق ذلك من تدفق معلوماتي هائل واحتكاك بين بين الشعوب كافة،ووجود وسائل الاعلام المختلفة العابرة للقارات،مثل الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات،لم تستطيع النظم الديكتاتورية التصدي له بنجاح رغم المحاولات المتكررة،أدى ذلك الى تحول ديني ومذهبي وفكري على نطاق عالمي وليس فقط في دول الشرق الاوسط،ورغم عدم وجود أحصائيات دقيقة،الا ان الاعداد في بعض البلدان مثل اندونيسيا،تصل الى الملايين،الذين تنصروا نتيجة للجهود التبشيرية،يضاف الى ذلك الرغبة البشرية بالبحث في الممنوع خاصة أذا كان الممنوع محارب من السلطات الحاكمة،والمتهمة بدورها بأستغلال السلطة والرأي الواحد،لذلك غير معروف عدد الذين تحولوا الى مذاهب التشيع وخاصة في العالم العربي،حيث الاغلبية السنية.
في السعودية كما قلنا سابقا اربعة اقاليم رئيسية :الحجاز ومساحته تشكل وفق المصادر الحكومية،والجميع يتحفظ عليها لانه جرت تغييرات ادارية كثيرة وجرى تعديل المناطق والمحافظات بالاضافة للسكان أيضا منذ تأسيس المملكة،على العموم وفق المصدر الرسمي حوالي 21%وعدد السكان 33%،وهو اقليم له خصوصية لدى جميع المسلمين حيث الاماكن المقدسة،
الاقليم الثاني في الاهمية هوالاحساءأو المنطقة الشرقية ذو الاغلبية الشيعية،والموقع الاستيراتيجي المهم والمطل على الخليج،وتزداد أهميته الكبرى على المستوى الدولي بتواجد ربع الاحتياطي النفطي العالمي والقلق السعودي والدولي عليه بتواجد الاقلية الشيعية المضطهدة،وضرورة الحفاظ عليه مهما كان حجم التضحيات، مساحته حوالي 34%وسكانه 15%،وحدوده من العراق شمالا الى عمان جنوبا.
الاقليم الثالث هو نجد،حيث العاصمة الرياض والزعامة السياسية والدينية،ويقع في الوسط بين الاحساء والحجاز،وهو افقر الاقاليم من حيث الثروات الطبيعية،ولكن الاغنى في البلاد لاستئثاره بثروة البلد،مساحته أذا أضفنا اليه الاقليم الشمالي الذي هو مفصول عنه من جميع النواحي،تصل الى 32%وسكانه 36% وبسبب تركز نسبة كبيرة من المقيمين،ارتفعت نسبة السكان فيه.وهذا الاقليم هو منبع الحركة السلفية الوهابية،ومركز التشدد الديني والمذهبي وموطن الاسرتين الحاكمتين(آل سعود وآل الشيخ) والنجديين يسيطرون على الدولة من جميع النواحي السياسية والدينية والعسكرية والاقتصادية،وليست للاقليم أهمية جيو ستراتيجية بالمقارنة مع الحجاز والاحساء،لكن مصدر القوة والسلطة فيه،ويرفضون بعنف لأي مشاركة حتى لو نسبية في الحكم من الاقاليم الاخرى،ووقوعه في المنتصف يسهل عليه السيطرة على الاقاليم الاخرى وفي نفس الوقت مدينا لبقائه لهم في ظل وجود طبيعة قاسية تطبع سكانه بها وعدم وجود منافذ بحرية تسهل له الاتصال بالعالم الخارجي.
الاقليم الرابع:وهو اقليم عسير ويسمى ايضا اقليمي نجران وجيزان،وهو في الاساس اقليم يمني انتزع من اليمن وضم الى السعودية عام 1934م والاغلبية فيه من الشيعة الاسماعيلية يأتي بعدها الشيعة الزيدية،وهو أقرب لليمن منه الى نجد.مساحته حوالي13%وسكانه حوالي 16% ويعاني من الاضطهاد المذهبي مثل الاقاليم الاخرى.
التشيع في شبه الجزيرة العربية والتي تشكل المملكة السعودية الان معظم مساحتها،قديم جدا،منذ فجر الاسلام الاول،وينتسب الشيعة في غالبيتهم الساحقة الى قبائل عربية أصيلة،وتعتبر المنطقة الشرقية للمملكة،ثاني منطقة بعد المدينة المنورة يدخلها الاسلام،وقد استولى السعوديون عليها عام 1913،حيث كانت تابعة للدولة العثمانية مثل العراق وبلاد الشام،وهي منطقة اشتهرت بالزراعة والمراعي الخصبة نتيجة توفر المياه فيها،ثم أزدادت اهميتها بعد تدفق البترول والغاز منها بغزارة منذ عام 1938 ولازالت،ويتركز معظم الاحتياطي فيها مما يجعلها من اغنى المناطق في العالم،وهي أيضا أقل المناطق تطورا في السعودية!وأصول الشيعة العرب فيها قسمان : الاول حضرية والثاني بدوية تحضرت واعتنق غالبيتها التشيع،واحتكاك هذه المنطقة مع ايران ضعيف،لعدة اسباب منها عدم وجود الاضرحة المقدسة والجامعات الدينية،والبعد الجغرافي،والاختلاف اللغوي،بينما العلاقة مع العراق قوية للاسباب السابقة ونفس الاصول العشائرية،بل السكن في الجانبين مشهور لذا تجد الكثير من العراقيين في الجنوب من اصول أقليم الاحساء والقطيف والعكس صحيح ايضا. للحديث تتمة............... 2782006ممهند السماوي
https://telegram.me/buratha