د.مسعود ناجي إدريس ||
في هذه الأيام نسمع الكثير من النقاشات عن الدين والمذهب في المجتمع. هناك مجموعة تقول أوامر الدين يجب أن تتبدل إلى قانون، ومجموعة أخرى تلوم الدين وتقول: على مر التاريخ كل المصائب التي وقعت على الإنسان سببها الدين.
سبب تنفر الناس من الدين والمذهب هو تصرفات اتباع هذه المذاهب، عندما نرى شخص يصلي. يذهب إلى المسجد ويصوم وبالمقابل ياكل حق الآخرين يظلم ويكذب.
على سبيل المثال تشاهدون فيديو محتواه شخص لا دين له يهتم بحيوان مشرد. من جهة ثانية شخص متدين يؤذي الحيوانات. وتحت الفيديو مكتوب (الإنسانية أفضل الاديان) .
المشكلة تبدأ من هنا بالضبط؛ الكثير منا يعتقد بأن الإنسانية هي فاكهة الدين .. كلا الإنسانية فاكهة العقل. الإنسانية ليست دين بل وظيفة.
الصلاح، العدل والصدق وظيفتنا لأننا نمتلك نعمة اسمها العقل لا ينعم به باقي الموجودات، و لأننا نمتلك إمكانات إضافية هناك وظائف أثقل على اعتاقنا .
الكثير من المتدينين يعتقدون بأنهم لأنهم لا يظلمون لانهم يرحمون ولا يكذبون يجب أن نصفق لهم كلا الإنسانية وظيفة هذا الشيء واضح من اسمها ومختص بالإنسان. هل يرجى من الانسان شيء سوى الإنسانية والحيوان سوى الحيوانية؟
إذن أن تكون جيد فهذا حكم العقل وليس الدين وإذا لم يرسل الله اي نبي للبشرية فكان يجب على الإنسان أن يفهم هذه المفاهيم و يقوم برعايتها حتى الآن من تلقاء نفسه.
اعلم بأن الدين مرتبه بعد الإنسانية وليس قبل الإنسانية و الإنسانية ليست سقف للدين بل أرضيته .
الدين يقول بأن أول وظيفة واهم وظيفة هو أن تكون إنسان لأنك خلقت إنسان وعندما تقوم برعاية كل القوانين الإنسانية و تتحول إلى إنسان بكل معنى الكلمة عندها تعال نعطيك عدة أوامر خاصة ترفعك إلى مراتب عليا أعلى من الإنسانية. الدين لم يأتي حتى يجعل منك إنسان لأن الإنسانية وظيفتنا، بل جاء ليجعل منك شخص يشبه الله وحتى تشبه الله يجب أن تشبه الإنسان .
الدين يدعو الإنسان ليريه ما موجود خلف ستار العالم ومعرفة عالم الغيب وكشف حقيقة الوجود بسر الخلق بمحبة الله وتوسيع كل أبعاد الوجود الإنساني ولكن كل ذلك بعد تحقيق الإنسانية تصبح ممكنًا.
الإنسانية أول سلم للدين ومن لم يضع قدمه على أول سلم من غير الممكن أن يتمكن من الصعود إلى باقي درجات السلم.
من أحيا الإنسانية في داخله يشبه البذرة المستعده والدين هو الماء الذي يمكنه أن يبدل هذه البذرة إلى شجرة مثمرة ولكن القيام بالمناسك الدينية بدون تحقق الإنسانية يشبه سقيك لارض خالي من البذرة لمدة 50 سنة باليوم خمس مرات . واما بخصوص الشخص المتدين الذي لا إنسانية له كأنه راكب قطار مدينة الألعاب يسير حول نفسه ويعتقد بأنه سيصل إلى مقصده وهذا مجرد وهم في الوصول. واما الشخص الذي يمتلك الإنسانية ولكن لا يمتلك الدين كأنه راكب قطار حقيقي ويمكنه من خلال هذا القطار الوصول إلى أي مكان يريده . لكن الشخص الذي لديه دين والديه إنسانية عنده جناح طائر....! الدين دون إنسانية عبارة عن مزحة طفولية، كما رايتم عدة مرات في النصوص الدينية الشخص الذي لا يرحم لا إيمان له ومن لا حياء له لا إيمان له ومن لا يصبر لا ايمان له.
هناك نقطة مهمة جدا وهي لا يجب أن نخلط بين التدين والإيمان لأن هناك اشخاص كثيرون لديهم دين ولكن ليس لديهم ايمان من الممكن أن لا تصدقوا بأنه التدين يجعل من المتدين الصالح شخص أفضل ومن السيئ شخص أسوأ حيث من يتصف بالرحمة في الأمس عندما يتدين يصبح شخص ارحم من ذي قبل ولا يدعس نملة لان في اعتقاده هذا المخلوق هو مخلوق معشوقه، لكن الشخص الذي لا رحمة له في الأمس عندما يتدين يصبح شخص اقسى مثل الدواعش اللذين يقطعون الرؤوس ويفتخرون بذلك لأنهم وجدوا دعم وحجة لعدم رحمتهم .
من الممكن أن لا تصدق ذلك وتقول كيف يمكن لشخص صالح يصبح أفضل بالدين والسيء يصبح أسوأ بالدين؟
هذا ليس كلامي هذا كلام الله في القرآن عن اكبر معجزة لنبيه ، يقول : ( وَنُنـزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )
من هو المؤمن ؟ هو شخص آمن شخص يمكنك أن تكون على طبيعتك أمامه دون أن تخاف من انطباعه
لكن هل هو شفاء لقلب الظالم؟ يقول كلا : ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا
إذا أردت أن تفهم النقاش بشكل كامل انتبه إلى هذا المثال عندما تضع البطاطا والبيض في الطنجرة لتسلقهما سيقوم الماء الساخن بتصليب محتوى البيض السائل وتليين داخل البطاطا الصلب
الشخص الصالح مثل البطاطا عندما يواجه الدين سيصبح داخله الين و الطف من قبل لكن الشخص السيء مثل البيض عندما يواجه ما ساخن يصبح داخله اصلب من قبل بالضبط مثل الدواعش بعد أن دخلوا الدين اصبحوا اقسى وفقدوا الرحمة.
روح الكلام هو الصلاة والصوم والحج والزكاة لم يأتي حتى يصنع الإنسان بال جاء ليوصل الإنسان إلى المعراج ..
الصلاة لا يجعل من الشخص السيئ شخص صالح بل يجعل من الشخص الصالح شخص أفضل. الدنيا مليئة بالأشخاص الصالحين دون صلاة وأشخاص سيئين مصلين ..
تعظيم الله باليوم 17 مرة لن يتسبب بشفاء العقد النفسية والحقارة والحقد بل يحتاج إلى التشاور و القراءة والمبارزة مع النفس والتمرين وغرف العلاج.
نحن لم نرى حتى الآن شخص عنده إحساس بالنقص يمكنه من خلال الصلاة الشعور بالكمال أو شخص حسود يمكنه أن يعثر على عزة النفس بالصيام .
سوف اختم كلامي بذكر قصة مؤثرة وحقيقية:
في احدى المرات قرأت عن شرح حال احد العرفاء حيث جاء عنده شخص واصر على أن يقول له ما هو شكله البرزخي او الملكوتي.
قال له العارف هل أنت متأكد من أنك لن تحزن ؟
رد عليه: كلا أنا أتيت لاصلح نفسي
فقال له : تشبه الحمار
فشكره الرجل وذهب.
هذا الشخص قامة بالصلاة ليلا والصيام نهارا لمدة 40 يوم وكان مشغول بالعبادة على سجادته وبعد 40 يوم عادة إلى العارف وقال له قل لي الآن كيف شكلي؟
رد عليه العارف: تشبه حمار نوراني..!
هناك الف كتاب في هذه الجملة
(حمار نوراني)
جاء الدين لتنويرنا ولكن إلى ان نصبح إدميين ما فائدة النورانية؟
لا شيء في الدنيا أخطر من التدين دون الانسانية لان مثل هذا الشخص يسمح لنفسه ان يتصرف أي تصرف خارج إطار الإنسانية علاوة على ذلك يشعر بالتقرب والروحانية بالضبط كالشخص الذي يركل بنت الناس لينبهها بان ترتدي الحجاب .
و عليه بالأول اقول لنفسي ولا أي شخص يسمعني
لن يطرق الدين بابنا حتى نتصف بالانسانية.
https://telegram.me/buratha