د.مسعود ناجي إدريس ||
هل صحيح أن الشيعة تعتقد بتحريف القرآن الكريم ، وادعى علمائهم عن طريق كتبهم وقوع التحريف ؟ /٢٧...
جواب: نحن نعتقد ـ بالرغم من كل الدعايات السيّئة للنّيل من الشيعة ـ بأنّ القرآن الكريم الموجود عندنا وعند جميع المسلمين اليوم هو عين القرآن الذي نزل على رسول الله(صلى الله عليه وآله) من دون زيادة أو نقصان حتى في كلمة واحدة.
وقد بيّنا هذا الأمر بوضوح في كتب التفسير وأصول الفقه وغيرها من الكتب، وأثبتنا ذلك بالأدلة العقلية والنقلية.
نحن نعتقد بأنّ المسلمين ـ أعم من الشيعة والسنّة ـ متفقون على أنّ القرآن الموجود بين الدفتين لم يضف إليه شيء، وأمّا بالنسبة لجانب النقص فأكثر المحقّقين من الطرفين ـ بل كاد يكونُ إجماعاً ـ على عدم وجود النقص في القرآن الكريم.
هناك أشخاص معدودون من كلا الفريقين يعتقدون بوجود نقص في القرآن الكريم، ولا يوجد من يؤيد كلامهم بين أهل التحقيق المعروفين من المسلمين.
كتابان من كلا الفريقين:
ومن جملة هؤلاء: «ابن الخطيب المصري» وهو من أهل السنّة، فقد ألّف كتاباً بعنوان «الفرقان في تحريف القرآن» ونشر في سنة 1948 م الموافق لعام 1367 هـ ق، وعندما علمت جامعة الأزهر بذلك قامت بسحب جميع النسخ وإتلافها، إلاّ أنّ هناك بعض النسخ وقعت في أيدي بعض الناس وبشكل غير قانوني.
وكذلك هناك كتاب تحت عنوان «فصل الخطاب في تحريف كتاب ربّ الأرباب» كتب بقلم أحد محدّثي الشيعة هو «الحاج نوري» وطبع في سنة 1291 هـ ق، وبمجرّد أن طبع استنكر كبار علماء حوزة النجف الأشرف هذا العمل وأمروا بجمع نسخ الكتاب، وكتبوا كتباً متعددة في الردّ عليه، ومن جملة العلماء الذين كتبوا في الردّ على كتاب «فصل الخطاب»:
1. الفقيه الكبير المرحوم الشيخ محمود بن أبي القاسم، المعروف بمعرب الطهراني (توفي سنة 1313 هـ ) كتب كتاباً تحت عنوان «كشف الارتياب في عدم تحريف الكتاب».
2. المرحوم العلاّمة السيد محمّد حسين الشهرستاني (توفي سنة 1315 هـ) كتب في الرد على كتاب فصل الخطاب كتاباً تحت عنوان «حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف».
3. المرحوم العلاّمة البلاغي (توفي سنة 1352 هـ) وهو أحد المحقّقين في حوزة النجف الأشرف خصص فصلاً في تفسيره المعروف «آلاء الرحمن» للردّ على كتاب «فصل الخطاب».
4. ونحن بدورنا بحثنا مسألة تحريف القرآن الكريم بحثاً موسّعاً في كتابنا «أنوار الأصول» وأجبنا بشكل قاطع عن كل الشبهات الموجودة في كتاب «فصل الخطاب».
إنّ المرحوم الحاج النوري مع كونه عالماً، إلاّ أنّه اعتمد على روايات ضعيفة كما قال العلاّمة البلاغي وقد ندم بعد انتشار كتابه على ما خطته يداه. وعد كبار علماء حوزة النجف الأشرف عمله هذا من الأخطاء الواضحة .
والملفت للنظر أنّ الحاج النوري بعد انتشار كتابه اضطر إثر النقد الكبير الذي واجهه من قبل الطرفين أن يكتب رسالة يدافع بها عن نفسه ويوضّح أن مقصوده من ذلك عدم وقوع التحريف في كتاب الله، وأنّ الناقدين أساؤوا فهم عباراته.
ومع هذا كله، هل يمكن القول بأنّ كلام الشيخ النوري يمثّل عقيدة الشيعة؟
ولكن هناك عدّة من الوهابيين المتعصبين ـ بحجّة وجود كتاب فصل الخطاب ـ مصرون على نسبة مسألة تحريف القرآن للشيعة. فإذا كان رأي كاتب ما دليلا على اعتقاد الشيعة بهذا الأمر، فلابد أن ننسب مسألة تحريف القرآن الكريم أيضاً إلى علماء السنّة; لأن «ابن الخطيب» ذكر هذا الأمر في كتابه «الفرقان في تحريف القرآن». فإذا كان انزعاج علماء الأزهر من هذا الكتاب دليلا على معارضتهم لمضمونه، فكذلك الأمر بالنسبة لمعارضة علماء النجف الأشرف لكتاب «فصل الخطاب» يكون دليلا على نفي التحريف.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha