د.مسعود ناجي إدريس ||
أهم ثمر للصلاة هو اكتشاف الذات وتحسين الذات... واكتشاف الذات هو أحد عشرات العوامل التي تضع الإنسان على طريق النمو والتميز وتوفر وسائل تطوره. اليوم، اكتشف الإنسان المرتبك والمربك الذرة، لكن للأسف لم يستطع اكتشاف نفسه، وحتى يجد الإنسان نفسه، لن تسير الأمور على ما يرام.
سبب عدم إدراك الإنسان لذاته جعلنا نشهد تزايدا في الأضرار الاجتماعية والجرائم وارتكاب الذنوب والخطايا وجرائم ضد الإنسانية في كل مكان على وجه الأرض، وإبادة جماعية، وتعدي على ممتلكات الغير، وانتهاك خصوصية بعضنا البعض، وآلاف الانحرافات والشذوذ الاجتماعية وغيرها من المشاكل أخلاقية. كل ما ذكر بسبب أن الإنسان لا يعرف قيمته وكرامته ولا يعرف أهداف خليقته والأمر غامضا بالنسبة له وليس لديه وعي بواجباته.
لا شك في أن نفعه من الحياة هو فقط الأكل والشرب والتكاثر، وعلي القاعدة مثل هذا الإنسان يرى أن خلقه ووجوده لا طائل من ورائه، وفي النهاية سينتج عنه ضعف الإيمان. وضعف الإيمان، يسبب الكفر والجحود. لذلك، إذا كنت تتطلع إلى تحقيق حياة كريمة، والحصول على سلام حقيقي طوال حياتك، وأن تكون فخورا ومزدهرا، وأن تشعر بالسعادة، فالطريقة الوحيدة هي من خلال طريق اكتشاف الذات، والشخص الذي يعرف نفسه ووجد نفسه ينال كل النعم والبركات.
يمكن القول إن اكتشاف الذات هو البنية التحتية لكل الأشياء الجيدة، واكتشاف الذات هو الأساس لنمو كل القيم الإلهية والإنسانية. من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن أهم ثمار اكتشاف الذات هو دخول الفضاء المقدس لخلق الذات. كما تعلمون، دون الالتفات إلى العامل العصامي (التنشئة والتطهير)، لا يمكن للإنسان أن يمر بمراحل النمو والتميز والوصول إلى الكمال، اضافة الى ذلك في كل يوم يسير على هذا الطريق ويخطو خطوات على هذا الطريق يتقرب اكثر إلى الله ويكسب رضاه.
ما هو مهم في هذا ويمكن أن يساعد الإنسان في كلا مجالي اكتشاف الذات وخلق الذات ومساعدته في هذا هو واجب الصلاة الاستثنائي والقصير والهادف والفعال للغاية. يمكن للصلاة أن تساعد الفرد والمجتمع كثيرا في اكتشاف الذات ثم في مرحلة بناء الذات.
من مئات آثار وفوائد الصلاة أنها تجعل الإنسان يفهم أن الإنسان خلقه خالق وأن هذا الخالق قد وضع هدفا عظيما لخلق هذا الإنسان والعالم من حوله، ولتحقيق هذا الهدف هناك.
الصلاة هي خارطة طريق يجب على الإنسان اتباعها وتنفيذها بالكامل للوصول إلى هذا الكنز العظيم (التقرب إلى الله) وبالتالي تأسيس تطوره. تلعب الصلاة أيضا دورا لا يضاهى في معرفة تزييف الإنسان لذاته وتذكر الإنسان باستمرار بأنه مذنب بارتكاب المعصية وتذكره بأنه لم يخلق ليكون ملوثا، لكن دخل هذا العالم لهدف عظيم، دون الطهارة والعمل لن يصل إلى نقطة الكمال هذه حيث إن الصلاة المنتظمة درس طهارة للجسد والروح.
الالتزام بالعدل والإنصاف، وعدم كون مكان وثياب المصلى مغتصبا، وطهارة لباس وجسد الإنسان، وطهارة مصلى المصلي، وعشرات الأحكام الفقهية الأخرى حول وجوب الصلاة أدت إلى تنشئة النفس البشرية وتنقيتها، ووضعها على طريق العبودية والطاعة والخضوع. هذا ليس سوى جزء من آلاف فوائد وآثار الصلاة التي يجب الاهتمام بها وتحسينها.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha