دراسات

الأسئلة والأجوبة القرآنية/٢


د.مسعود ناجي إدريس ||   إنّ الإسلام نزل كديانة سماوية من أجل إنقاذ البشرية ، لكن لماذا لم يحارب الإسلام نظام الرقّ والعبودية ، فقد بقي الرقّ والعبيد حتّى بعد الإسلام ، وقد تجد بعض الأحكام الإسلامية فيما يخصّ العبيد والجواري ، فهل من جواب شافي لهذه النقطة؟! جواب: ينبغي ملاحظة نقاط متعدّدة في مقام الجواب : أوّلاً : نظام الرقّ والعبودية قد نشأ في أحضان الجاهلية ، وترسّخت مبانيه في أذهانهم ، فكان يتحتّم على النظام الإسلامي أن يقابل هذه الحالة السلبية بطريقة مرنة من خلال تثقيف المسلمين ، وحثّهم على إطلاق سراح العبيد والإماء وتحريرهم ، حتّى تتمّ عملية فكّ رقابهم في المجتمع بصورة غير قسرية وبحالة تدريجية ، لكي لا تؤثّر في الموازنات الاجتماعية والاقتصادية بصورة دفعية ، فتنتج انقلابات وفوضى يمكن الاستغناء عنها. ثانياً : الإسلام ومن منطلق حرصه على حرّية الفرد كان يحرّض المسلمين دائماً على عملية تحرير الرقاب ، فمن جانب يذكر الأجر والثواب على تحرير العبيد ، ومن جانب آخر يعتبر هذا العمل كفّارة لبعض الذنوب والمعاصي ، وبهذين الطريقين يحاول الإسلام أن يحرّر الكثير من العبيد والإماء ، وقد تخلّص عدد كبير منهم من وطأة الرقّ والعبودية فعلاً. ثالثاً : إنّ مسألة الرّق في الواقع تشمل المحاربين من الكفّار الذين تمّت عليهم الحجّة ، ولم يقبلوا الإسلام ، فبعد الحرب معهم ، تكون مسألة الرّق والعبودية لنسائهم وأطفالهم بمثابة مدرسة تعليمية يختلطون بواسطتها مع المجتمع الإسلامي ، ويتعايشون معهم ، ويتزوّج بعضهم من بعض ، مع تحديد شروط للمجتمع الإسلامي في معاملته معهم ، كما أنّ الحلول التي وضعها الإسلام لعتقهم هي في غاية الدقّة ، تجعلهم يتحرّرون في أسرع وقت ، وقد اندمجوا في المجتمع الإسلامي ، وتعلّموا المباني الإسلامية ، وهذا ما نشاهده بوضوح من معاملة النبيّ صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله وأهل بيته عليهم‌ السلام مع العبيد من تعليمهم وعتقهم ، وكانت علاقة هؤلاء العبيد مع أهل البيت عليهم‌ السلام بمكانة ، ممّا كانت تجعل العبيد يفضّلون البقاء مع أهل البيت عليهم‌ السلام عبيداً لهم ، على حرّيتهم وعتقهم. رابعاً : إنّ عدداً من أُمّهات الأئمّة عليهم‌ السلام كنّ من الجواري والإماء ، ممّا يدلّ على عدم الفرق من حيث المبدأ بين الحرّ والعبيد في سلوك طريق السعادة والكمال ، وهذه إشارة واضحة لنا بأن لا نميّز الآخرين على أساس الفروق الاجتماعية. تعليق على الجواب السابق وجوابه : س : في الواقع السؤال كان حول نظام الرّق في الإسلام من أساسه : فكما هو معروف ، يستطيع المسلم أن يهدي رقّيقته التي اشتراها بماله ، أو اكتسبها من حرب إلى ولده أو صديق أو أخ وكأنّها سلعة ، فأين كرامة أو قيمة الإنسان في ذلك؟ ثمّ صحيح أنّ الرّق يكاد لا يذكر ، أو لا يوجد في هذا الزمان ، ولكن وجوده في أشكال مختلفة ، وأحكامه ما زالت سارية ، وهو ليس بمحرّم. الجواب : الإسلام كدين إلهي يحاول أن يعالج السلبيات الموجودة في المجتمع بطريقة مرنة حدّ الإمكان ، حتّى لا يوقع الناس في أضرار جرّاء التغييرات والتقلّبات. نعم ، إن كان الموضوع من قضايا العقيدة وأركان الإسلام فلا يتهاون في حقّه ، بل يتخذ الإجراءات الحاسمة والفورية ، ولكن لمّا لم يصل إلى هذا الحدّ من الضرورة فلا حاجة إلى الإسراع والتعجيل ، بل ولربما يكون فيهما ـ الإسراع والتعجيل ـ ما يخلّ النظام الاجتماعي ، ففي هذه الصورة يتصرّف المشرّع بشكل آخر ، وهو التطبيق التدريجي للأحكام نحو الهدف الغائي والمطلوب ، لكي لا يصطدم المجتمع بصدمة عنيفة في بُنيته الأساسية إزاء التطبيق الدفعي والقسري. فمثلاً : عندما يرى أنّ المشركين يحجّون إلى بيت الله الحرام ، ويؤدّون مناسك خاصّة ـ وأن كان العمل بمجموعه من تراث الدين التوحيدي ، دين إبراهيم الخليل عليه‌ السلام ، ولكن حرّفوه في طول التاريخ ـ فهو يقع بين أمرين : إمّا أن يمنعهم عن هذا العمل مطلقاً ، فينبغي أن يتحمّل تبعات هذا المنع من اعتراضات وتهم تردّ للنيل من سمعة الإسلام متّهماً إيّاه بعدوله عن خطّ الأديان التوحيدية ؛ أو يتصرّف في شكلية النسك ، فيطهّرها من آثار الكفر والشرك مع عدم المساس بأصل العمل ، وهذا النوع من التصرّف مع سهولته لا يثير حفيظة ذلك المجتمع قريب العهد من الجاهلية ، وبالتالي ينال هؤلاء المخضرمون شيئاً فشيئاً مزايا الحجّ التوحيدي والصحيح ، وهذا ما قد حصل فعلاً. ومثال آخر : ترى أنّ الخمر قد حُرّم في ثلاث مراحل ـ كما هو معروف ـ فعندما رأى الإسلام تفشّي هذه الحالة السيّئة ـ شرب الخمر ـ في الجاهلية عالجها بأسلوب تدريجي ، فمرّة بيّن للناس مضارّه ، ثمّ في مرحلة ثانية منعهم عن الصلاة في حالة السكر ، وفي المرحلة الثالثة صرّح بتحريمه مطلقاً. وهكذا كان يواجه الإسلام المشاكل والمصاعب التي ورثها من الجاهلية ، فلا يؤيّدها ولا يصطدم معها بشكل سافر ، بل ويتّخذ الإجراءات الكفيلة لحذف النقاط السلبية من المجتمع بغية الوصول إلى الهدف الأسمى مع أقلّ الضرر. وفي مسألة العبيد والرقيق واجه الإسلام حالة مُرّة في المجتمع البشري آنذاك ـ وهذه لم تكن مختصّة بالعرب ، بل وحتّى الفرس والروم كانوا يمارسونها ـ فوقع بين أمرين :  فإمّا أن يلغي الصورة الاجتماعية من الأساس ، فعندئذٍ كان عليه أن ينشغل فقط بهذا الأمر ، ويترك باقي القضايا والمشاكل دون حلّ ، لأنّ نظام الرقّية كان سائداً في كُلّ أرجاء المعمورة ـ فضلاً عن شبه الجزيرة العربية ـ فكان الأمر ينتهي ـ في أحسن الحالات ـ إلى صراع طبقي قد لا ينتج منه إلاّ الدمار. ولكنّه اختار أسلوباً آخر للتعامل مع هذه المعضلة ، فتدرّج في الموضوع بحيث لم يثر مشاعر الناس ، فاستطاع أن يقلب الموازين ويأتي بعلاقات أخوية بين الموالي والعبيد لم تكن تخطر ببال أحد من قبل. هذا وفي نفس الوقت ، استغلّ الفرصة ليجعل بيوت الموالي مدارس تربوية لمن كان دونهم من العبيد والإماء الذين دخلوا في المجتمع الإسلامي عن طريق الحروب وغيرها. فترى ظهور وبزوغ ثلّة مؤمنة من هؤلاء ارتقوا أعلى مراتب العزّ والشرف ، ممّا يدلّ على صحّة موقف الإسلام من المسألة. وبعد معرفة هذا والتأمّل فيه ، يمكن معرفة سائر الجزئيات المتعلّقة بأحكام الرّق ، والتي أشرتم إلى بعضها
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك