د.مسعود ناجي إدريس ||
المرض من المشاكل التي يواجهها كل البشر. وقد وصف الإسلام المرض بأنه سجن للجسد ومن أشد المصائب. لكن يجب أن نعلم أن هذه النكبة التي تصيب البشر لا محالة لها عدة عوامل بعضها معروف وبعض الدراسات من كلام المعصومين (عليهم السلام) للنادر تبين أن المرض له حكمة وفوائد كثيرة على الإنسان منها:
• المصلحة الإلهية
إن الله تعالى يخاطب البشر بلهجة حاسمة ويذكرهم بأن معيار الخير والشر، واليسر والصعوبة، وما إلى ذلك، لا يسري على أساس الرغبات الشخصية. بالأحرى، المصالح الحقيقية هي المعيار، وليس من الصحيح الاعتماد على التحيزات والتخمينات والمظاهر؛ لأن معرفة الإنسان محدودة ولا تعتبر شيء يذكر ومعرفته بالمقارنة بما يجهله مثل قطرة في المحيط. تمامًا كما يجهل الإنسان أسرار الخلق، ومع كل ما حققه من تقدم علمي، فإنه يعتبر أحيانًا أن بعض تلك الألغاز عديمة الجدوى وغير معهود لها.
كما أنه غير مدرك للعديد من المصالح في الشريعة؛ ومن ثم قد يكون هناك شيء لن يكون جيد ظاهريا في حين تكون سعادته فيه أو يسعد بشيء؛ بينما بؤسه فيه.
يقول القرآن الكريم: <وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تعلمون>( البقرة / ٢١٦).
وقال النبي (ص): 《قال الله عز و جل ... إن من عبادي من لا يصله إلا الصحة و لو أمرضته لأفسده ذلك وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لأفسده ذلك》 ( الأمالي، شیخ طوسي ، نشر دار الثقافة . قم ، ١٤١٤ ق ، ص ١٦٦ )
• كفارة الذنوب
في الإسلام ، تم إدخال طرق مختلفة لكفارة الذنوب ، وهو كثر الاستغفار . الآلام الدنيوية ومرض المؤمن . إن رسول الله (ص ) يدخل المرض على انه كفارة الذنوب فيقول: 《من مرض سبعة أيام مرضا سخينا كفر الله عنه ذنوب سبعين سنة》( بحار الانوار ، محمد باقر مجلسي ، مؤسسة الوفاء ، بیروت ، ١٤٠٣ ق . ج ٥٩ . ص ۳۰۱ ) .
قال الإمام السجاد (علیه السلام) أيضًا: 《ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن إلا بذنبه وما يعفو الله عنه أكثر » ( مستدرك الوسائل ، شیرازي حسین نوري ، مؤسسة آل البيت عليه السلام ، قم الطبعة الأولى، ج٢، ص ٥٤ )
ولهذا أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن: 《هناك أربعة أشخاص يعاودون أعمالهم وكأن لم يبق لهم إثم: أحدهم مريض بعد شفائه.》 ( همان ، ص ٦١)
قال الإمام زين العابدين للمريض الذي شفي: 《يهنئك الطهور من الذنوب إن الله قد ذکرك فاذكره و أقالك فاشكره 》 ( تحف العقول ، في ٢٨٠. )
أيضًا ، على حد تعبير القادة المعصومين تم تقديم تكفير خطايا الوالدين بسبب مرض أولادهم. ولعل السبب أنه عندما يمرض الطفل يتعرض الوالدان للحزن أكثر من الطفل ، والله تعالى يعوض هذا التعاسة بكفارة ذنوبهم.( الكافي ، ج ٤ ، ص ٥٣. )
• الرحمة الإلهية
أحيانًا يكون المرض، بالإضافة إلى كفارة الذنوب، مصدرًا للتطهير والرحمة للمؤمن.
يقول الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): «المرض للمؤمن تطهیر ورحمة وللكافر تعذيب ولعنة وإن المرض لا يزال بالمؤمن حتى لا يكون عليه ذنب» ( وسائل الشيعة حر عاملي ، مؤسسة آل البيت عليه السلام ، قم ، الطبعة الأولى ١٤٠٩ ق ، ج ۲ ، ص ٤٠١. )
• امتحان
من الحكمة الإلهية أنه يمتحن عباده بالضيقات والمصائب ليكشف مدى صبرهم واستسلامهم لإرادته. قال الله تعالى في سورة البقرة: <وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ> ( البقرة/ ١٥٥)
قال رسول الله (ص) عن الله تعالى : 《... إن من عبادي المؤمنين لعبادة لا يصلح لهم أمر دينهم إلا بالفاقة و المسكنة و السقم في أبدانهم فابلوهم بالفاقة و المسكنة و السقم في أبدانهم فیصلح عليهم أمر دينهم » ( الكافي ، كلية الاسلام کلیني ، دار الكتب الإسلامية ، ج۲ - ص ٦٠. ) ....