دراسات

السياسة معرفة اولها الدستور! (٢)


  محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

اذاً ثبتنا اننا بصدد دولة مواطنة وليس دولة مكونات، يتعين ان يتم تعديل المواد الدستورية التي تتحدث عن "مكونات" الشعب العراقي، والتأكيد على ان الشعب يتألف من مواطنين احرار متساوين بغض النظر عن الدين او القومية او المذهب او اللغة. دستور الدولة الحضارية الحديثة يحترم التعددية الثقافية داخل حدود الدولة، لكن هذا لا يعني بالضرورة تقسيم شعب الدولة الى مكونات، فالشعب هو المكون الاكبر للدولة ولا يمنع هذا ان تتنوع اديان ومذاهب واللغات المحلية لابناء الشعب. المادة (9) من الدستور، تقول: "اولاً، أـ تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ او اقصاء".  و  تقول المادة (12): اولاً :ـ ينظم بقانونٍ، علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي." والاولى ان يقول الدستور ان القوات المسلحة العراقية تتألف من ابناء الشعب العراقي او المواطنين العراقيين. وهذا يكفي للدلالة على عدم جواز قبول غير العراقيين في القوات المسلحة والاجهزة الامنية. اما حكاية "التوازن" التي تطورت الى عبارة "التوازن الوطني" فهي مشكلة اخرى خلقها الدستور. فماذا يعني بالتوازن؟ هل يعني المساواة في التمثيل؟ وهل "المكونات" وهي الفكرة التي يتبناها الدستور متساوية في العدد؟ وهل يتم "تمثيل" المكونات في القوات المسلحة بناء على عدد افرادها نسبة الى العدد الكلي للمواطنين؟ اذا اخذنا بالفرضية الثانية فسنجد عندنا اغلبية عربية مقابل اقلية كردية، واغلبية مسلمة مقابل اقلية مسيحية، وربما اغلبية شيعية مقابل اغلبية سنية. اما اذا اخذنا بمبدأ المواطنة فلن نجد الا مواطنين عراقيين متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية واللغة.  وخلاصة الامر ان هاتين المادتبن تتحدثان عن "مكونات الشعب العراقي" وليس "الشعب العراقي".  ان القوات المسلحة تتكون من ابناء الشعب بناء على شروط فنية وعملية وعلمية، وهي بعيدة عن السياسة. كما ان العلم يمثل البلد وشعبه. ولا معنى لحشر كلمة "مكونات" في هذين الامرين.  ويجب ان يشمل التعديل المادة (76) التي تقول: "اولاً :ـ يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية." وذلك لان عبارة "الكتلة النيابية الاكثر عددا" لا تكفي لتشكيل الحكومة، والاولى ان يقول الدستور "الكتلة النيابية ذات الاغلبية المطلقة"، اي التي تملك نصف عدد اعضاء البرلمان زائدا واحد، في الاقل. ونعرف المشاكل التي سببتها هذه المادة، ليس فقط في اختلاف فهم الناس لها وعدم تمييزهم بين عبارتي "القائمة الانتخابية" و "الكتلة النيابية"، وانما لعدم قدرة الكتلة النيابية الاكثر عددا على تمرير حكومتها مالم تحصل على الاغلبية المطلقة لاصوات النواب، وهذا ما يعرضها للمساومات والبيع والشراء. واخيرا المادة (140) التي تقول في الفقرة ثانيا: "المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد وتستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور، على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة.". والمشكلة في هذه المادة استخدامها لعبارة "المتنازع عليها"، وكأنها تدعو العراقيين الى التنازع بينهم على الارض، وهو امر لم يحصل سابقا.  قصدي من هذه المقالة ان يعرف المنادون بتعديل الدستور ان السياسة معرفة، ومعرفة الدستور شرطها، وان المناداة بتعديل الدستور يجب ان تكون مستندة الى معرفة ما ينبغي تعديله من الدستور وان لا يكتفوا برفع الشعارات دون التسلح بمضامينها حتى لا تصبح مجرد شعارات فارغة لا تنتمي الى السياسة الحقة بصلة او نسب.  تم
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (دراسات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
سامي : السلام عليكم وعلى العراق السلام في عام 1987عندما تعرضد عملات جنوب شرق آسيا إلى هجمه شرسه قام ...
الموضوع :
السياسات الأمريكية اللئيمة
سلمان راشد كاظم : منطقة الطالبية حي البيضاء محلة323 زقاق 64 نعاني منذ اكثر من خمسة اشهر بقيام صيانة حي البنوك ...
الموضوع :
قسم الشكاوى في كهرباء الرصافة يدعو المواطنين للاسهام في القضاء على الفساد الاداري
ابراهيم الاعرجي : ولماذا اساسا نربط مصيرنا بايران وامريكا .. لماذا تم انشاء محطات وقود غازية .. وكان بالامكان انشاء ...
الموضوع :
أمريكا تعرقل ارسال ديون إيران.. وصيف لاهب ينتظر العراق
احمد : كتاب جيد بارك الله في المؤلف ...
الموضوع :
حين يظمأ الماء كتاب يحمل قصائد الى الامام الحسين عليه السلام
ابن النجف الاشرف : نداء استغاثة الى السيد رئيس الوزراء محمد السوداني نرجو زيارة مدينة النجف الاشرف والاطلاع على المعتقلين مؤخرا ...
الموضوع :
السوداني يترأس اجتماعاً خاصاً بتطوير مطار بغداد الدولي
ابو رغيف : لم أجد في أي مكان ان السيد محمد شياع السوداني يحمل أي جنسية أخرى سوى ألعراقية لهذا ...
الموضوع :
السوداني والعامري يبحثان مسارات عمل الأجهزة التنفيذية وفق البرنامج الحكومي
حسن مجتبى بزّي : السلام عليكم ورحمة الله.. تحية لجناب الدكتور العزيز.. أرجو من جنابكم تأكيد المعلومة التي ذكرتموها حول وكالة ...
الموضوع :
وطنية السيد موسى الصدر
باسم السلمي : نعم ... رحم الله الشهيد السعيد المهندس الذي ضرب أروع الأمثال في البطولة والتضحية والفداء فكان ليثا ...
الموضوع :
تيار الشهيد أبو مهدي المهندس..!
ابو حسنين : وضع العرب مزري من حيث وجدوا في الارض في الجاهليه كانوا قبائل متناحره ومتشرذمه وحضارتهم السلب والنهب ...
الموضوع :
لماذا أوضاع العرب مزرية؟!
ر. ح. ن : مع شديد الاسف من يمثل المكون الشيعي من قادة وسياسيين لم يرتقوا الى مستوى يؤهلهم ليكونوا خداما ...
الموضوع :
الاطار اطارنا 
فيسبوك