د.مسعود ناجي إدريس ||
الحياة الاجتماعية والتجمع البشري في حين أن لها مزايا وإيجابية وجديرة بالثناء، لها بعض الآثار السلبية والضارة، مثل: التلوث الحضري، وارتفاع أسعار المساكن، والاكتظاظ، وتأثير الازدحام؛ لذلك هذا الأمر يطالب بسن القوانين والأوامر من أجل تنظيم الحياة الجماعية حتى يتمكن البشر بسهولة من مواصلة حياتهم الفردية والعيش معًا.
من الأمور التي تتطلب وجود قوانين وأوامر فقهية وأخلاقية هي حسن الجوار، فالإسلام كدين كامل اجتماعي وموفر للسعادة البشرية الدنيوية والأخروية، قبل قرون من تطور الحياة الحضرية اليوم أعطى تعليمات ونصائح أخلاقية ولقد كرس حقوق الجوار التي، من خلال مراقبتها، يمكن للبشر أن يعيشوا معًا بشكل مريح وبسلام. لقد أوصى القرآن الكريم، هذا الكتاب الإلهي الخالد والدائم، إلى جانب الأمر بعبادة الله وإحسان الوالدين والأقارب والأصدقاء، بالطيبة والعطف تجاه الجيران. كما يقول: <وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا> ( النساء / ٣٦)
إن مراعاة حق الجيرة مع حق العبودية واللطف تجاه الوالدين تظهر أهمية الجيرة في نظر القرآن. وفي الروايات تفسيرات جميلة حول أهمية الجوار ، نذكر منها على سبيل المثال:
¤ احترام الجار
قال الرسول(ص) : 《حرمة الجار على الإنسان كحرمة أمه》 ، ( مکارم الاخلاق ، ج ۱ ، ص ٢٢٧٤ ، ح ٨٣٤ )
¤ علامة على السعادة
قال الرسول الكريم (ص) : 《من سعادة المرء المسكن و الجار الصالح و المركب الهنيء》( نهج الفصاحة ، ابراهیم احمدیان ، قم ، ص ٤٧٦ )
طبعا هذه الحالات تتعلق بسعادة الدنيا لا بسعادة الآخرة.
¤ وصية الرسول (ص)
قال الإمام علي (ع):《 الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصی بهم حتى ظننا أنه سيورثهم 》، ( نهج البلاغة ، محمد دشتي ، رسالة ٤٧ )
¤ معيار العمل الصالح
قال الرسول الكريم (ص): 《إذا قال جيرانُك: أنتَ مُحسِنٌ فأنتَ مُحسِنٌ وإذا قالوا: إنَّك مُسيءٌ فأنتَ مُسيءٌ》( نهج الفصاحة ، ص ٤٧٣ )
لأن الإنسان قد يخفي عيوبه خارج مكانه وقد لا يعرف خيره وشره ؛ لكن في الجوار ، تنكشف الحقيقة الإنسانية. لذلك ، فإن الشخص الذي يعتبر جارًا جيدًا هو حقًا شخص جيد.
¤ رفع البلاء
قال رسول الله (ص): 《ان الله تعالی ليدفع بالمسلم الصالح عن مأة اهل بیت من جيرانه البلاء》 ( همان)
لذلك فكما رفع الله البلاء عن أهلها ببركة مكة والبلاء من مكة والمدينة ببركة الرسول الكريم ، فإن وجود الجار المؤمن يرفع البلاء أيضًا.
¤ الجار بعد الدار
يلعب الجيران مثل هذا الدور في السلام والأمن البشريين لدرجة أنه يعتبر امتيازًا للبيت قبل شراءه . قال الرسول الكريم (ص):《 والتمسوا الجار قبل شراء الدار و الرفيق قبل الطريق » ( همان ، ص ٣٤٧ ، ح ٤٦٥٥ . )
لأنه يمكن إصلاح الخلل في المنزل ، ولكن الجار المعيب لا يمكن إصلاحه بسهولة.
▪︎ الامان من الجار السيء
قال النبي (ص): 《استعيذوا باللهِ من شرِّ جارِ المقامِ ؛ فإنَّ جارَ المسافرِ إذا شاءَ أنْ يُزايلَ زايلَ.》 ( همان ، ح ٤٧٣ )
▪︎ آداب الجوار
في كل مجتمع، هناك عادات يجب مراعاتها في حق الجار. بالإضافة إلى ما يراه كل إنسان مناسبًا، فإن للإسلام أيضًا توصيات حول حسن الجوار، وأهمها:
• إحسان للجار
• التفقد والمواساة
• لا تدع الجار ينام جائعا
• عدم إيذاء الجار
• الصبر في مواجهة مضايقات الجار
• إكرام الجار
▪︎حق الجار
قال رسول الله (ص): 《للجار حق》 ، ( نهج الفصاحة ، ص ٤٧٥ )
ونذكر في هذا القسم أهمها ، كما قال الرسول الكريم (ص) عن حقوق الجيران: 《إن استغاثك أغثته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإن أصابه خير هنأته وإن مرض عدته، وإن مات اتبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا تخرج بها ولدك تغيظ بها ولده، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها》 ( منتخب میزان الحکمة ، ص ١١٦ )
وتابع:《 الجارُ أحقُّ بشُفعَةِ جارِهِ ينتَظرُ بِها ، وإن كانَ غائبًا ، إذا كانَ طريقُهُما واحدًا》 ، ( نهج الفصاحة ، ص ٤٧٥ )
لا يمتلك الجار الأولية في حق شراء منزل جاره فحسب، بل له أيضًا حق الأولوية في شراء أرضه وعقاره. قال الرسول الكريم (ص) أيضاً: 《 مَنْ كان لهُ أرضٌ فأرادَ بيعَها ، فلْيعرضْها على جارِهِ》 ( همان ) ...