د.مسعود ناجي إدريس ||
الشره یعني الحرص الشدید وغلبة الحرص؛ وفي الرواية المذكورة تعني الرغبة الشديدة في الجمال، والتي يتم إرضائها بارتداء ملابس جميلة لعبد صغير، وقد اهتم الأمير (ع) بهذا الأمر المهم.
وفي دين الإسلام روايات عديدة عن النظافة العامة للبدن والعناية بالشعر والوجه والأظافر والملابس والعطور وفرشاة الأسنان ونحو ذلك. وقال الإمام الصادق (ع):
(ألبس وتجمّل فان اللّه جمیل ويحب الجمال ولیکن من حلال)
بالإضافة إلى المظهر، يؤكد الإسلام على الجمال الروحي، وأفضل لباس في إحدى سورة عرف بلباس التقوى، وقد قال الإمام الصادق (ع):
(زین اللباس للمؤمن التقوى وأنعمه الإيمان وقال اللّه تعالی ولباس التقوى لك خیر). [مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة/30].
من وجهة نظر الإسلام، فإن التزيين والتجميل ليسا عملًا ممتعًا فحسب، بل عملًا محببا وقيّمًا أيضًا.
جمال الشباب اللطيف والجذاب هو أيضًا من الجمال الطبيعي للإنسان، وفي هذه الأيام يزيد الشغف والإثارة والحب والأمل من هذه الرغبة.
على أساس القرآن وأولياء الإسلام أنه بالإضافة إلى دعم هذه الرغبة فالأفضل الاهتمام بالجمال الروحي وتشجيع الشباب عليه.
☆ التعرف على السمات الفكرية والمعرفية
بالإضافة إلى التغييرات الهائلة في التطور البدني، هناك أيضًا تغييرات في المجال المعرفي والفكري للمراهقين والتي ترتبط بنمو الدماغ وأنشطته.
أظهرت الدراسات في التطور العصبي أن البلوغ مرتبط بنمو الدماغ، وأن التغيرات في مستويات ووظائف الدماغ تحدث خلال فترة المراهقة، وأن أحد نتائج هذا النمو العقلي هو الوصول إلى مرحلة جديدة من التطور المعرفي، وهو الوصول (الفكر المستقل.)
يعتمد تفكير الأطفال على بيانات موضوعية وملموسة وهم غير قادرين على فهم المفاهيم المجردة، بينما مع بداية المراهقة، يمكن للمراهق التفكير في جميع أنواع الاحتمالات والافتراضات.
لا يفكر المراهق فقط في ما هو عليه ولكن أيضًا بما يمكن أن يكون، ولأنه قادر على تصور الاحتمالات اللانهائية، يمكنه التفكير في مجموعة واسعة من القضايا الأخلاقية والاجتماعية في خططه المستقبلية، وهذا التحول يفتح نوافذ جديدة. يفتح الأفكار ويسمح للمراهق بتحليل القضايا السياسية والفلسفية.
☆ البحث عن الهوية
من أهم الموضوعات التي يفكر فيها المراهقون هي أنفسهم، وفي الواقع، في هذا العمر، يبحث المراهقون عن هويتهم.
ظاهرة المراهقة دائما مصحوبة بالسؤال الأساسي الذي يطرحه المراهقون على أنفسهم، من أنا؟!، هذا السؤال يسمى البحث عن الهوية.
يسأل المراهقون أنفسهم كيف يجب أن أعيش، وما هي المهنة التي يجب أن أختارها، وما القيم والمعتقدات التي يجب أن أعيش بها ؟! لديه أسئلة ليس من السهل الإجابة عليها وعادة ما تكون مصحوبة بتشجيع المراهق عن طريق والديه.
المراهقة هي مرحلة من مراحل التطور يجب فيها اكتساب الشعور بالهوية، وقد أظهرت دراسات مختلفة أن حكم الدين في المجتمع يساعد على حل هذه الأزمة لأن الدين يتناول أهم أسئلة المراهقة: من أين أتيت؟ من أنا؟ أين سوف أذهب؟ وماذا يجب ان أفعل؟.
المراهقة هي فترة تكوين الهوية والشباب هو وقت نشأتها. في مرحلة المراهقة والطفولة، يكون للأسرة أكبر تأثير في تكوين الهوية، وفي مرحلة المراهقة، تلعب البيئة المعيشية والاجتماعية للشباب دورًا أساسيًا في تحديد الهوية.
الاهتمام بهذا الموضوع له دور مهم في تثقيف المراهقين والشباب. وتكمن أهمية هذا الموضوع في كلام الإمام علي (ع). يقول في رسالة لابنه:
(… بادرت بوصیتي إليك و اوردت خصالاً، منها قبل ان یسبقن الیك بعض غلبات الهوی و فتن الدنیا… وانّما قلب الحدث کالأرض الخالیة ما القی فیها من شيء قبلته …) [نهج البلاغة، رسالة 31]
نعم فالشاب يسعى للتعرف على نفسه وخلق شخصية مستقرة ومستقلة، وتكون أرض وجوده لقبول أي بذور أو شتلات، وللاهتمام بهذه السمة الهامة يجب أن يراعي الأهل والمربين ذلك ويجب بذل الجهد اللازم لتعليم هذا القسم من المجتمع.
فيما يواصل الأمير (ع) حديثه:
(فبادرتك بالأدب قبل أن تقسوا قلبك ويشتغل لبك…)
قال الإمام الصادق(ع):
(قلب الشاب أرق من قلب الشیخ) [العلامة المجلسي، بحار الأنوار، 12/280]
يتمتع الشباب بقلب ضعيف ورقيق، وقد استندت تعاليم الإسلام دائمًا إلى حقيقة أنه يجب توجيه الشباب إلى الفضائل الأخلاقية.
قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم:
(أوصيکم بالشبّان خیراً فَإِنَّهُمْ اِرْقِ أفئدة…).
سُئل سقراط الحكيم، لماذا تقضي المزيد من الوقت مع الشباب؟
فأجاب: أن الأغصان الرقيقة الرطبة يمكن تقويمها، أما الخشب الصلب الذي فقد طراوته لا يستقيم.
☆ طلب الشخصية وعزة النفس
يبحث الشباب عن الشخصية واحترام الذات، ويريدون بناء شخصية مستقرة ومستقلة لأنفسهم في أسرع وقت ممكن، لتوفير الظروف لنموهم، واكتساب المؤهلات اللازمة للقبول في المجتمع.
وقد ذكر نبي الإسلام الكريم هذه النقطة في حديثه القيم فقال:
(الولد سید سبع سنین وعبد سبع سنین ووزیر سبع سنین… ) [الشیخ حرّ العاملي، وسائل الشیعة، 21/476]
السنوات السبع الثالثة، وهي فترة البلوغ والشباب، هي فترة ذات قيمة عالية؛ والواقع أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) بتكليفه الخدمة للشباب قد أوضح عدة نقاط مهمة.
أولاً، يتم تقدير المراهقين والشباب وينبغي احترامهم وتكريمهم. احترامهم هو الخطوة الأولى في مساعدتهم على اكتساب الشخصية واحترام الذات.
ثانيًا، يذكر الآباء بأن المراهقة منفصلة عن الطفولة، بالإضافة إلى كونها محترمة، يجب أيضًا إعطاء المراهقين مسؤولية تحقيق قدراتهم أثناء أدائها، وإثبات شخصيتهم ونجاحهم من خلال تحقيق النجاح داخل الأسرة الصغيرة.
الوزير من جهة يعني الشخص الذي تولى مسؤولية ومن جهة أخرى يعني الشخص الذي تمت استشارته، لذلك يجب استشارة المراهق في الأسرة لتبادل أفكاره وللتعبير عن نفسه، وكذلك اختبار قدراته الفكرية.
إن الآباء الذين يتبعون أمر الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد اهتموا عَمَلِيًّا بالقيمة الروحية لشبابهم وقد استوفوا على النحو الواجب طلب الشعور بالتكريم الذي ينشأ عن الرغبة في اكتساب الشخصية.
قال أمير المؤمنین(ع):
(من کرمت علیه نفسه لم یهنها بالمعصیة) [غرر الحکم/677]
قال الإمام الهادي(ع) :
(من هانت علیه نفسه فلا تأمن شرّه) [حسن بن شعبه الحرّاني، تحف العقول عن آل الرسول/483.]
ذكرت الروايات السابقة أهمية اكتساب الثقة بالنفس لدى الشباب والاهتمام بها. ان الاهتمام بهم يجب أن يكون عنوان الأساليب التربوية للوالدين المحترمين....
https://telegram.me/buratha