( بقلم : هلال آل فخر الدين )
قبسات من ريادة بلاد الرافدين في ضمان حقوق الانسانالامام علي ومبادرة السلام والتعايش السلمي
... كانت سياسة الامام قائمة على مبداء (السلام )والتعايش السلمي كخيار انساني واستراتيجي في التعامل في ظل عالم مصطرع متوحش ياكل القوي الضعيف ..وكان هذا المبدأ السامي الذي نادى به الامام كاساسا في التعامل مع النظم وحركات المعارضة حين كانت الدولة الاسلامية في عز قوتها وعنفوانها لا من منظور مبداء تكتيكي استسلامي نابع من خواء وضعف ومن باب الاذعان ولاقرارا بالامر الواقع..رغم كون الحقبة التي قضاها الامام كانت فترة عصيبة من تكالب قوى الاطماع والجهل والشر على حكومته التي اطمعهم في شن الحروب عليه سموامباديئة وسماحة نفسه وعظيم عفوه وكبر حلمه ..علما بان القاعدة الاسلامية تقول كما جاء في الذكر الحكيم (وإن جنحوا للسلم فاحنحوا لها ) الانفال 61 وان الله يامر عباده بالاخذ بالسلم والعمل به وعدم الخذ بمكر وخدع الشياطين قال سبحانه :(يأيها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة ولاتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) البقرة 208 هذا يدحض المفترين على السلام من كونه دين العنف والسيف والقهر
القاعدة الاساسية في الاسلام هو السلام كخيارا مبدائي والحرب استثناء لضرورة الدفاع عن النفس وابعاد الشر عن الكيان الاسلامي ون الاسلام يقر بان الحروب دمار وتجيش الجيوش ومداهمة الاخر لاجل السيطرة والاستحواذ على الاموال وحيازة الارض امرا مرفوضا لان فيه استعبادا للناس كما جاء في الذكر الحكيم في قصة النبي سليمان (ع) الذي صمم على غزو مملكة سبأ وقول ملكتهم بما سيتنج من ذلك قال سبحانه :( قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة اهلها أذلة وكذلك يفعلون ) النمل 34 وعلى الرغم ما فرض على الامام من حروب قاسية عمد بكل الوسائل لتجنبها وعدم اراقة الدماء الا انه لم يفلح في ذلك لفرط تعنة وجبروت الاخر والامام يوصي بالاخذ بالسلام لان فيه راحة وامان للعباد وازدهارا للبلاد لذلك لم يقوم بحرب استباقية حتى وان تيقن عدم جدوى الصلح او المفاوضات على اساس عسى ان يلمع بصيص من امل في حقن الدماء وانهاء الصراع والفيء الى السلام
وكثيرا ما ينعت الامام علي فارس الاسلام انه صاحب المقنب والسيف ..صحيح ان الامام على هو فتى الاسلام وصاحب ذو الفقار واسد الاسلام ولكن يبقى قديسه ايضا حيث يوصي واليه مؤكدا (ولا تدفعن صلحا دعاك اليه عدوك ولله فيه رضا وأمنا لبلادك ودعة لجنودك وراحة من همومك) فقد كان الامام يتوسل بكل السبل السلمية والطرق الدبلماسية لاجل اطفاء نيران الحروب وحقن الدماء ما استطاع الى ذلك سبيلا ..
سياسة الامام مع المعارضة
على الرغم من ان دستور الخلفاء الذين سبقوه ومن جاو بعده كان يرون بفرض لاوامر والنواهي لكونهم صيروها سنة مقدسة واجبة الاطاعة والتسليم بها من قبل كافة الامة وان الخارج عليها خارج على صحيح الدين ويجب ان يقمع وان كل معارض يبعد وتسقط حقوقه و يشمل ذلك القانون التعسفي جميع الامة وفي حالات حتى المتعاونين معهم تسري عليه احكام المفسدين واصحاب الفتن ان اعترضوا او حصلت صحوة ضمير لهم وجزائهم السيف والابادة والتحريق وتسبقها شن حملة اعلامية بلبوس دينية ضد اولئك بحجج وذرائع زائفة يبتكرها احبارهم ومرتزقتهم بمزاعم الردة والكفر والمروق عن الدين حتى تجعل من استباحة دماء المسلمين واعراضهم واموالهم شيء مستساغا وحكماشرعيا مستوفيا للشروط ..وان كل ما اريتكبه الخليفة او السلطان من جنايات وموبقات تعلل لنصرة الدين وقمع الفتن واطفاء النائرة وان كل جرائم اولئك الجزارين ليست فقط صحيحة بل و مثابين عليها وتعلي في درجاتهم لانهم بعنفهم وقسوتهم حموا الدين وحافظوا عاى دولة المسلمين ..علما بان الحكومات الاستبدادية تقوم بتهميش او اقصاء المعارضة وسحق الذين ينادون بالحرية فتنسب اليهم التهم تلسق بهم البدع ..او يحجر عليه وتفرض عليه الاقامة الجبرية وتمنع من الخروج كما فعل عمر مع الصحابة عندما منعهم من الخروج من المدينة والذهاب الى الامصار وهذا الذي يذهب اليه البعض من ان الخلافة في الاسلام لم ترتكز إلا على أساس القوة والرعب والسيف.. فقد كان الامام استثناء ولولاه او لولى سنوات حكمه التي كانت الفيصل والمعيار والمنار لكل هدى الاسلام لكانت ترسخت قاعدة ان الاسلام دين السيف و التجبر والغلبة بالعنف ..لكن سيرة الامام وخلق والتزامه بالشريعة يحول دون ذلك وهنا يستعرض الامام ذلك :(واعذروا من لاحجة لكم عليه –وهو انا- ألم أعمل فيكم بالثقل الاكبر ! واترك فيكم الثقل الاصغر ! قد ركزت فيكم راية الايمان ووقفتكم على حدود الحلال والحرام والبستكم العافية من عدلي وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي وأريتكم كرائم الاخلاق من نفسي فلاتستعملوا الراي فيما لايدرك قعره البصر ولاتتغلغل إليه الفكر.)
..فعندما امتنع ابن عمر وسعد ابن ابي وقاص ومحمد بن مسلمة عن نصرته لم يجبرهم او يقمعهم بل قال عنهم (اولئك قوم خذلو الحق ولم ينصروا الباطل )..وحتى عندما حشد (الزبيروطلحة) المرتزقة وشنوا الغارة على ولاية البصرة وقتلوا اكثر من اربعماية من المسلمين حراس بيت المال ونهبوه ظل الامام يراسلهم وينصحهم بنبذ العنف والجوء الى الحوار والمحاججات فرفضوا ذلك وهذا كان ديدنه مع والي الشام (معاوية )من الفيء الى طاولة الحوار والنقاش وحتى مع (الخوارج) عندما شنو الحرب على الدولة ومارسوا الارهاب حيال الناس وبالخصوص مع المسلمين لم يبادر الامام الى استعمال القوة معهم من البداية بل راسلهم بالكتب وارسل اليهم الرسول باقناعهم بالعدول عن اسلوب التشدد ونبذ العنف لكن كل محاولاته لم تنجح مع هؤلاء الا انه اراد ان يعطي الدليل على تعنت واسراف القوم في الغي ويقيم الحجة على سماحة وقيم الاسلام ومنطقه في التعامل بالحسنى والين حتى مع من يشهر السلاح من المعارضة بوجه الشرعية ..فنلاحظ ان الامام لم يستعمل حيال اولئك السباب او اللعن او التكفير بل كان يقول (اخواننا بغوا علينا) ولم يتعقب اويستأصل المعارضة حتى عندما اخبر بمؤامرة لاغتياله وقد شخص المتهم فيها قال لاتحل العقوبة قبل الجريمة ..
ولعل خلق الامام وسيرة مع تحديات المعارضة واوزدياد الاشكاليات مما حدى ببعض الكتاب ممن التبس عليه الامر بما يقيسه على سيرة الخلفاء حتى قالوا ان الامام لايصلح للحكم او انه فشل في الحكم مما يدل على ضعف قراءتهم للاسلامولشريعته فالامام اراد ان يؤسس دولة القانون واحترام حقوق الانسان واشاعة الحرية والتعددية وفي اطار حفظ الامن والقانون
كان مشروع الامام برفع الحيف وتعميم العدالة في المجتمع التعددي والغاء كل مظاهر التميز العنصري والعرقي والتمايز الطبقي وفوارق الدين ..حيث كان ذلك في تلك الاعصر حدثا فريدا وظل بعد غياب الامام يتيما لم يرى راعياله ولاقيما عليه وهذا ما طرقناه
علما بان الامام ومن منطلق روحه الزكية وفكره السامي كان يدرء السيئة بالحسنة ويجهد نفسه لايجاد مخرج من كل فتنة واطفاء لهيب العنف بالحكمة والحوار والاخذ بالموادعة والسلام ما استطاع الى ذلك سبيلا ..لكن اذا تعرضة مسيرة الرسالة للخطر اواحيق امن الناس وسلامتهم لعوادي الارهاب والافساد في الارض لنرى الامام يقمع راس الفتنة ويطاء صماخ الباطل حتى يرعوى المعتدي ويعود الى الحق الى نصابه وتامن الامة الشرور فهو لاينام على الثكل او يغمض عينه عن الظلم او يستسلم للارهاب والعدوان كلا والف كلا
فقد صرح الامام في هذا الصدد قائلا :(إنه ليس على الامام إلا ماحمل من أمر ربه:الابلاغ في الموعظة والاجتهاد في النصيحة والاحياء للسنة وإقامة الحدود على مستحقيها ) في ان الحاكم باستقامته يرتدع اصحاب الغي والفوضى ومثيري الشغب ممن تسول لهم نفوسهم العبث بالاستقرار البلاد الاخلال بامنها فان سوف يلاحق وتقام عليه الحدود
حرمة الدماء
وكان الامام المثل الاعلى في تجسيد قيم السماء في طول فترة الخلافة الاسلامية من التشدد في الحرمات الثلاث الانفس والاعراض والاموال والاخذ بالعفو والسلام كخيار اساسي ثابت في حل معضلات الدولة الخارجية والداخلية وهذا نابع من اتباعه للمعايير والاسس الاسلامية في التعامل مع الرعية لاوفق مفاهيم سياسة المصالح اشخصية اواعراف التسلط والطغيان وبسط النفوذ والهيمنة او من منطلق التعصب والتطرف ..ومن منظور تجسيد الامام للاسلام كله فهو المطبق للايات الناهية والمحرمة لسفك الدماء والمتبع للسنة الشريفة الامرة بمنع قتل الناس من دون حق قال سبحانه :(ومن قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا )المائدة 32 وقال تعالى :(ولاتقتلوا النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق )الانعام 15 ومن منطلق الارادة الالهية وقانونها العادل العام في عدم الاعتداء وارهاب الاخرين كقاعدة اساسية ثابته واستثنائها فدمحصور فقط في قتال من يشهر عليها السيف قال سبحانهوتعالى : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين) البقرة 190 وفي اخر وصية للرسول (ص) في حجة الوداع قال :(لاترجعوا بعدي كفارا يظرب بعضكم رقاب بعض )..هذه القواعد والاسس الرسالية كانت دستور ابن ابي طالب في ظل خلافته للامة وفي تثبيت قوائم نظامه لذلك يشهد التاريخ انه لم يبتداء بقتال حتى من شن عليه الحرب الا ان يبداء الطرف الاول برمي سهامه واشهار سيوفه وهو القائل (لانقاتلهم اي –اصحاب الجمل – حتى يقاتلونا -ويجيب عنه –انه اقوم واثبت للحجة) ..ومن وصية له الى عامله على مصر مالك الاشتران يرفق بالناس ويراف بهم (ولاتكن عليهم سبعا ضاريا)و (ولاتقوين سلطانك بسفك دم حرام)..
فبقدر تحرج الاسلام في دماء المسلمين وقتل القاتل فانه بقدر ذلك ايضا يتحرج في سفك دماء افراد الاقليات الدينية الاخرى الامنة في ظل الدولة الاسلامية وحكمهم في النصوص المقدسة اسوة بدماء المسلمين وينطبق عليهم ماللمسلمين من حماية فدمائهم واموالهم حرام والسنة تقول :(دم الذمي كدم المسلم حرام) وللامام علي مقولة مشهورة: (دماؤهم كدمائنا ) وهذه الكلمة تحتاج الى تجلية وتبيان لابعادها واستنطاقا لدلالاتها .. فعندما بلغه شن جحافل جيش معاوية الغارات على حواضر ومدن الاسلام وذبح الامنين من المسلمين ومن معهم من اهل الديان الاخرى نلاحظ يغضب غضبا شديد فهو كما يتوجع لضحايا للمسلمين القتلى نلاحظ كذلك مع ضحايا غيرهم من اهل الاديان واستباحة نسائهم واموالهم فيعتصر الامام الما مستنكرا تلك الجرائم الوحشية بحق الذراري والابرياء قائلا:(:ولقد بلغني ان الرجل منهم –اي جنود معاوية- كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلائدها ...فلو ان الرجل مات بعد ذلك اسفا لما كان عندي ملوما ...) حيث ترى ما اخذه هذا المشهد المأساوي للواقعة الارهابية المروعة من مشاعر واحاسيسه الامام الذي ينظر الى جميع النساء ان تكون مصونة مسلمة ..نصرانية ..يهودية ..بروح المساواة وبنفس الاهتمام والجزع والاسى ..لهذا نلاحظ تنديد علي بسياسة الرعب والارهاب لمعاوية التي لاتتورع في استخدام اخس وافتك الاساليب لتثبيت قوائم حكمها تماما كمثل ارهاب الدول الدكتاتورية ذات الانظمة الشمولية المطلقة في المنطقة وكهجمات وغارات الاجماعات الارهابية الجارية الان على ربوع العراق .. فقد ندد الامام علي ومستنكرا بشدة جرائم معاوية وزبانيته في الاغارة على مدن الاسلام وسفك دماء الناس جميعا وحتى استباحة النساء والاطفال ومن دون تفريق بين المسلمين والمسيحيين واليهود وبدعاوى زائفة - الاخذ بالثأرلمقتل عثمان - فقال الامام منددا:( ويحك –تقريع لمعاوية- ماذنب أهل الذمة في قتل عثمان) نهج السعادة ج5 ص308 ..وهذا الون من الجرائم عدنا نراه نراه يتحرك بين شرائح الشعب العراقي على ايدي السفاكين بدعاوى المقاومة واخراج المحتلين
فنلاحظ الى أي مدى ذهب الامام علي في الارتقاء بالجنس البشري لنيل كامل حقوقه الانسانية الذي عبر عنه المفكر المسيحي جورج جرداق في كتابه ( الامام علي صوة العدالة الانسانية ) ...الذي جاء فيه :(فليس من أساس بوثيقة حقوق الانسان التي نشرتها الامم المتحدة إلا وتجد له مثيلا في دستور ابن ابي طالب ثم تجد دستوره يعلوا ويزيد ..) مع الاخذ بنظر الاعتبار الفارق الزمني بين الوثيقتين ..والبون الشاسع بما تحويه الدساتير والوثائق من اسس ومباديء وبين التطبيق العملي لها على ارض الواقع حتى ان وثائق حقوق الانسان التي تتبجح بها الكثير من الدول نراها في مسيرة تعاملاها مع الاخر تعتمد على ميزان القوى وتبعا للمصالح فلازال المجتمع البشري يان تحت وطاءة انتهاك القيم والحقوق والتعامل التعسفي في الكيل بمكيالين حيث تسود البرغماتية باجلى صورها ..واشهار العصى الغليظة واستعمال القوة المفرطة حيال الاخر الضعيف .. وحيث يبقى الامام على رائدا ومعلما انسانيا عالميا جسد قيم العدالة و مباديء الحقوق وقوانين السلام بحذافيرها وطبقها فكان المعيار الوحيد الذي جسد كل مباديء العدالة وقيم الحق ومثل الاسلام ورسالته خير تمثيل فهو الى الان فذا ولم يشفع ولن يشفع له نظير ولايقاس به شبيه ..!!
فهذه القيم الثابتة لاتتغير مهما تبدلة الازمنة وتغيرة الامكنة ووانها وان همشة او أخفية الا انها لن تكون سراب او وهما ..لكن لصوص الاديان وذؤبان العربان وطواغيت الزمان عبثوا بكل القيم والمباديء ومسخوها تبعا للتعصب و للاهواء والمطامع عمقها في احترام الاخر والانفتاح علية والتحاور معه بلغة العلم واسلوب الين والشفافية سوف يتكشف افاقا واسعة وغير متناهية كلها تصب في رفعة وتقدير العنصر البشري وحتى في توفير الرعاية والحماية والرفق بالحيوان والنبات ايضا..!
وتبقى هذه المباديء الرسالية الخالدة التي اطلقها الامام ونفذها جميعا وعلى الجميع من دون استثناء سبقت عصر الامام وسبقت مجتمع الامام لسبق الامام عليا للناس طرا سبقا غير معهود ولا مألوف ..حيث تجلى في علي كل ماهو علوي سامي ورسالي شامخ مجسدا كل قيم السماء في الارض ..احب للمجتمع ان يسموا كسموا مباديئه التي بشر بها وان يتوائم مع الاهداف الكبرى واسشراف فكر تكريم بني ادم وفلسفة خلافة الانسان على هذا الكوكب ..
الامام علي أول من سن مباديء حماية البيئة والرفق بالحيوان
ورغم كل الصعاب والمشا كل التي اعترضة فترة حكم الامام القصيرة زمانا لاكنها خالدة لعظمتها وسموها فمباديء دستورالامام علي لم تتجاهل او تغفل حتى حقوق الحيوان ورعاية البيئة اذ كان لها الحيز الواسع فهي تتفيء رحمته وتستظل شفقته انطلاقا من مباديء الاسلام السامية في حترام حتى البيئة البشرية ورعاية حقوق الحيوان التي كان لها نصيب في فكرالامام وتطبيقاته العملية حيث نلاحظ الابعاد العميقة والرحيمة لتشريعات الاسلام التي لاتقنن فقط لدائرة الحياة الانسانية بل لتشمل حتى دائرة الانسان بمحيطه البيئي وكل اشكال الحياة على ظهر هذا الكوكب من الحفاظ والرعايةوالحماية .. وليس فقط في عدم الاسراف في تدميره بل وحتى في مجرد الحاق الضرراو الفسادبها لانه عش البشر ورحم الانسانية الذي يجب ان تتمتع به ليس فقط الامم الحالية بل والاجيال المقبلة والقادمة فقد جاء في الذكر الحكيم قال سبحانه :(ولاتفسدوا في الارض بعد اصلاحها ) اي ان الله وهب لكم هذه الارض الطيبة لتتمتعوا بخيراتها وتنعموا بنعيمها وفيها صلاحكم وتلبي احتياجاتكم المادية فلا تدمروها وتعيثوا فيها الفساد ..فهي الرحم الذي يثمركم ..والعش الذي يؤيكم .. والملجاء الذي يحميكم والأم التي تغذيكم والعين التي ترويكم ....
وكان الامام علي كثرا مايؤكد ومن على منبر مسجد الكوفه عندما كان قائد لاعظم دوله في زمنه من ان مسؤلية الناس هي ابعد من تلك التي تخص العلاقات الاجتماعيه فقد ذهب الى ابعد من ذلك من كون المسؤليه لاتنحصر فقط حيال البشر بل تتعداها وتنجر حتى على البقاع باصلاحها اواذا كانت مزروعه بالتعاهد بسقيها حتى لاتموت وكذلك رعاية البهائهم والحيوان والحفاظ عليها وعدم المساس بها فقد ذهب الى اكثر من الرفق بها بل جعل تولي رعايتها والحفاظ عليها مسؤليه شرعية بقوله (وانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم ) وهو في هذا الصدد ينطلق في تشريعه لحقوق الحيوان من قوله تعالى :(وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحه الا امم أمثالكم ..)
ولانجانب الحقيقة والواقع لو ذهبنا بان الامام علي هوأول من وضع مباديء حقوق البيئة والرفق بالحيوان واسس منظمة او جمعية حقوق الحيوان في الدنيا وما يقرره الامام في هذا الجانب يبرز عظيم روحية الامام وعمق مشاعره الانسانية والقيم الرفيعة التي نادى بها في تلك الحقب الزمنية البعيدة في التاريخ حتى مع مملكة الحيوان ويذكر المؤرخون ان الامام علي هو أول من اسس محمية للحيوانات الضالة يقوم بطعامها ويقيها زمهرير البرد وشديد حر الصيف ويعلفها ويقدم لها الطعام من بيت مال المسلمين ..فينفق عليها الى ان ياتي عليها زمن ويظهر من يدعيها او يملكها ...ويبلغ في الامام الاهتمام والرفق بشؤون الحيوان فيوصي عمال الصدقات الجامعين للزكاة من الرفق بالحيوان حال سوقه او جلبه ويأمر بالايفرقوا بين صغير الحيوان وامه ( لاتفصلوا الناقة عن فصيلها ) ويرفع عقيرته في وجه من يسنزف ويستهلك حليب الام فلايبقى لطفلهامنه شيئا قائلا(لاتنهكوا الام باحلب فلايبقى شيء لوليدها ) ..لله درك ياإمام البرية كافة ما اعدلك وما ارقك واسمحك واعطفك يارباني هذه الامة..
والذي يلاحظ من شفقة الامام وعظيم رحمته التي لم تكن لتشمل البشر والناس فحسب بل وشملة مملكة الحيوان حيث اعطى صورة رائعة في الدفاع الحقيقي عن حقوق الحيوان بعيدا عن التهريج الاعلامي والصخب الدعائي الزائف فهنا نراه يحرص ايما حرص وهو يرسم للعاملين على جلب الحيوانات ويوصيهم بها بالتعهد والرعاية والرفق بها يؤكد قائلا للعمال الذين يجلبون الحيوانات :
(ولاتوكل بها الاناصحا شفيقا وامينا حفيظا غير معنف ولامجحف ولا ملغب ولامعتب ثم ..ولايحول بين ناقة وبين فصيلها ولايمصر لبنها فيضر ذلك بولدها ولايجهد نها ركوبا وليعدل بين صواحباتها في ذلك وبينها واليوردها ماتمربه من الغدران ولايعدل بها عن نبت الارض الى جواد الطريق واليروحها في الساعات والينلها عند النطاف والاعشاب ...)
نظر الى الاهتمام البلغ في رعاية الحيوان والرفق به من قبل الامام بحيث لاتفوته واردة ولا شاردة في ذلك الا وافصح عنها بابلغ قول وادق تعبير وقبل خمسة عشر قرنا لقد سعى الامام علي في زرع روح الخير في الامة تطهيرا لقلوبهم وتنزيها لنفوسهم ودفعا للشر ومنعا للغل.. وكانت المهام التي اضطلع بها الامام وتحمل مسؤلية النهوض بها بكل امانة وصدق رغم كل الصعاب والمشاكل والازمات التي اعترضة مسيرة الامام الثورية الانقلابيه لتصحيح ركام اخطاء السابقين وتجاوزات الماضي
لقد امنة ثلة بمشروع الامام الاصلاحي و بكل تلك المباديء السامية التي طبقها فراحوا يدافعون عن تلك القيم وصمدوا في وجه الطغات وجبابرة الامراء الامويين والعباسين وغيرهم وضحوا بكل شيء دفاعا عن كل مفردات الامة ومن غير تفريق او تميز وقد دفعوا ولازالو يدفعون ضريبة باهضة في هذا السبيل ونماذجهم على مدى الاعصر كثيرة تفوق الحصر او العد امثال عمر ابن الحمق الخزاعي وزيد ابن صوحان والكميل بن زياد والحارث الهمداني وحبيب بن مظاهر الاسدي وصعصعة بن صوحان العبدي وحتى المجاهد المرجع السيد الحبوبي والحلو والحيدري والشهيد الصدر والشهداء من ال الحكيم وكواكب غفيرة نذرة نفوسها دفاع عن الحق والكرامة والحرية
هلال آل فخرالدين
https://telegram.me/buratha