التقارير

ولي العهد السعودي في تركيا : المصالح فوق المبادئ

1066 2022-06-23

فهد الجبوري ||

 

العلاقات بين الدول اليوم تتحكم بها المصالح ، وليس المباديء ، وهناك الكثير من الحكومات والأنظمة التي تتحدث عن ضرورة احترام حقوق الإنسان ، وتدعو الى تطبيق مفاهيم مثل العدالة والشفافية ، والنزاهة السياسية ، واحترام حرية الرأي والتعبير وغير ذلك . ولكن رفع الشعارات شئ ، وتطبيقها على أرض الواقع شئ آخر . وهناك العديد من الأمثلة والنماذج التي تشير الى تناقض واضح بين النظرية والممارسة ، بين الشعار والتطبيق .

وفي الأعم الأغلب ، وفي زمن تتدافع فيه المصالح ، وتتراجع المبادئ والشعارات ، تبقى قضية حقوق الإنسان مجرد شعار يتم رفعه عندما تكون حاجة الى ذلك ، ويتم طمسه عندما تقفز المصالح الى السطح ، وترتقي الى قمة العلاقات بين الدول .

هذه القضية تجد لها مصداقا واضحا في موقف تركيا ، ومسار علاقاتها مع النظام الحاكم في السعودية . فبعد قطيعة في العلاقة حدثت على أثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في عام ٢٠١٨ ، وهي الحادثة التي اثبتت كل الدلائل والتحقيقات أن ولي العهد السعودي ، الحاكم الفعلي في الرياض ، هو من أصدر الأوامر بتصفية خاشقجي وتقطيع أوصاله بطريقة وحشية . ومن ذلك ما قاله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بنفسه " إن عملية القتل قد تمت بأوامر صدرت من جهات عليا في الحكومة السعودية .

وقد شاب العلاقات بين انقرة والرياض توتر واضح لان حادثة القتل وقعت على أرض تركية ، مما يعد انتهاكا صارخا لسيادة تركيا ، كما أن خطيبة خاشقجي السيدة خديجة جنكيز تحمل الجنسية التركية ، وقد ذهبت مع خطيبها الى القنصلية السعودية في إسطنبول لتصديق عقد زواجهما . والتي انتظرته خارج القنصلية ، لكن خطيبها دخل ولم يعثر على جثته حتى الآن .

وقد اثارت حادثة القتل المروعة غضبا عارما على مستوى العالم . حتى أن واشنطن لم تتمكن من إخفاء الحقيقة ، حيث أعلنت رسميا ، من خلال الكونغرس ، ومن خلال وكالة المخابرات المركزية أن ولي العهد محمد بن سلمان هو الذي اصدر بشكل مباشر أمر تصفية الصحافي خاشقجي الذي كان يقيم بصفة رسمية في الولايات المتحدة ، وكاتبا مساهماً في صحيفة واشنطن بوست .

ولي العهد السعودي ، المتهم الأول في قتل خاشقجي ، حل اليوم ضيفا كريما على الرئيس اردوغان في زيارة رسمية ، وذلك بعد زيارة قام بها الرئيس التركي الى السعودية في نيسان الماضي .

وسائل الاعلام العالمية تناولت زيارة بن سلمان الى انقرة واعتبرتها نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين ، بعد عدة سنوات من القطيعة والعداوة .

وجاء في تقرير لصحيفة الغاردين " أن زيارة ولي العهد السعودي شكلت نقلة أساسية في سياسات الشرق الأوسط ومثلت آخر الجهود الرامية الى عودة السعودية الى المجتمع الدولي بعد تعهدات بعزلها ومقاطعتها بسبب حادثة مقتل خاشقجي .

ونقلت عن خطيبة خاشقجي قولها " إن زيارته الى بلدنا لا تغير من حقيقة أنه كان هو المسؤول عن القتل . والشرعية السياسية التي يحصل عليها من خلال هذه الزيارات التي يقوم بها لمختلف البلدان لن تغير من حقيقة كونه هو القاتل "

وقالت الصحيفة " إن اردوغان قاد الجهود الدولية لإدانة مقتل خاشقجي ، واصفا تركيا " بأنها ممثل الضمير العالمي المشترك وذلك في خطاب له في اكتوبر عام ٢٠١٨"

وقال في مقالة نشرها في صحيفة واشنطن بوست عام ٢٠١٨ " نحن نعلم ان الأمر بقتل خاشقجي قد صدر عن المستويات العليا في الحكومة "

وأشارت الغاردين الى زيارات  اردوغان للسعودية ودولة الإمارات وقالت أنها جاءت في وقت حاسم ، بعد انهيار قيمة الليرة التركية بحوالي نصف قيمتها في السنة السابقة . ونقلت عن خبير وباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله " أن اردوغان من الواضح يريد ان يركز على القضايا المحلية ، وإنه يائس للغاية لجمع الأموال لتركيا ، كما أنه ايضا يغير من سياسته اتجاه الشرق الاوسط ، حيث بعد الربيع العربي ، كانت تركيا تدعم التغيير الجماهيري في البلدان العربية "

وفي تقرير لها حول الزيارة قالت قناة بي بي سي أن زيارة محمد بن سلمان الى تركيا جاءت بعد ثلاثة اسابيع من ايقاف محكمة في إسطنبول المحاكمة الغيابية ل ٢٦ مواطنا سعوديا ، بينهم اثنان من مساعدي ولي العهد السعودي المتهمين بقتل خاشقجي .

وهكذا وبكل بساطة يسدل الستار على هذه القضية الإنسانية ، ومرة اخرى تتغلب المصالح على المبادئ ، وقريبا سوف يحل الرئيس الأمريكي جو بايدن ضيفا على ولي العهد السعودي ، ناكثا الوعد الذي قطعه خلال حملته الانتخابية بجعل السعودية دولة " منبوذة " بسبب قتل خاشقج

عالم تحكمه المصالح ، وحقوق الإنسان تبقى مجرد شعار وكذبة كبرى

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك