التقارير

إعدام النمر يخرج جني الطائفية من قمقمه

1801 07:12:35 2016-01-04

كشف إعدام الشيخ نمر النمر عن حدة الاصطفاف الطائفي في المنطقة، وانزلاق للعلاقات السعودية الإيرانية إلى مرحلة خطرة، اشتعلت معها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد للأمر ومعارض له.

ويسلط الرد الإيراني القاسي على تنفيذ حكم الاعدام بحق الشيخ النمر وثلاثة آخرين من الأقلية ذاتها الضوء على حدة الاختلافات بين البلدين. ويشير الرد إلى انزلاق العلاقات بين طهران والرياض إلى مستوى خطر بسبب تضارب مصالحهما الاقليمية. ويجب عدم اهمال أن التوتر لم يخمد بعد حادثة تدافع الحجاج في أيلول/ سبتمبر الماضي والتي أدت إلى نشوب خلاف وصل إلى التلويح باستخدام القوة إثر اتهامات صريحة من القيادات الإيرانية للسلطات السعودية بتدبير الحادث الذي أسفر عن وفاة مئات الحجاج الإيرانيين. وينهي الرد الإيراني عمليا أي آمال بتنسيق جهود الجانبين من أجل مواجهة خطر تنظيم "داعش"، بالرغم من تأكيد كل منهما للخطر الكبير للتنظيم على المنطقة والعالم.

وواضح أن تنفيذ حكم الاعدام بحق النمر وآخرين، من ضمن 47 متهما بالإرهاب والتحريض على العنف والكراهية، يتضمن رسائل داخلية وخارجية أرادت السلطات السعودية بعثها، وفحواها أنها لن تتهاون مع الإرهاب أيا كان مصدره، وأنها لا تفرق بين العنف السياسي الذي يرتكبه أفراد الطائفتين المسلمتين في السعودية. ويكشف تنفيذ الحكم بأن السعودية تؤكد بذلك أنها لن تخضع لأي من أنواع التدخل الخارجي.

اللافت أن الرد الأعنف على حادثة الإعدام صدر عن إيران، وركز فقط على إعدام الشيخ النمر وثلاثة من رفاقه من المنطقة الشرقية في السعودية دون غيرهم. ودفع التحريض من أعلى المستويات ضد السعودية إلى اقتحام سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد. وأثار الرد الإيراني العنيف استهجانا واسعا بدوافع مختلفة. وبداهة، فإن الدافع الطائفي حرك معظم من أدلى بدلوه في مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظمهم يرى في الشيخ النمر "رافضيا يشتم الصحابة"، ويسعى إلى اقتطاع أجزاء من السعودية وتشكيل دولة مع البحرين تضم طائفته في الجزيرة العربية. فيما رفض فريق آخر قرار الإعدام ورأى، في جزء منه، محاولة سعودية لمزيد من قمع أبناء المناطق الشرقية في السعودية الذين هبوا مع بداية الربيع العربي في تظاهرات جماهيرية لا تختلف عن تلك التي انطلقت في البحرين أو سوريا واليمن ومصر وتونس وليبيا.

واستحضرت منظمة العفو الدولية إحصاءات حول عمليات الإعدام في عام 2014 كشفت أن إيران تأتي في المرتبة الثانية عالميا بتنفيذ 289 حالة إعدام، فيما حلت العربية السعودية ثالثة بـ 90 حالة، وبعدها العراق بـ 61 حالة. وأشار الناشطون إلى أن جزءا ليس صغيرا من حالات الاعدام في إيران نفذ بدوافع سياسية ودينية وتضمنت تمييزا طائفيا واضحا.

ويكشف الاصطفاف الحاد بين مؤيد ومعارض للسعودية وإيران عن المأساة التي تعيشها المنطقة العربية، وتغلغل الفكر الطائفي المحفز لاستمرار معارك كان يجب أن يطويها النسيان منذ عقود طويلة، وتبني موقف يدعم أحد البلدين في صراعه مع الآخر.

فنظاما الحكم السعودي والإيراني، وفق كثير من الخبراء، لا يختلفان كثيرا في جوانب تغليب العامل الديني على بناء الدولة الوطنية. وعلى الرغم من الاختلاف الظاهري بين النظامين فإن الديمقراطية وحقوق الإنسان آخر ما يمكن أن يهتما به. ويرى خبراء استراتيجيون أن حكام البلدين لا يكفون عن التدخل في شؤون الدول الأخرى بوسائل وصلت إلى حد التدخل العسكري المباشر والدعم بالأسلحة لإثارة حروب بالوكالة في دول عدة بالإقليم.

ويبدو، كما يشير مراقبون، أن المنطقة مازالت بعيدة عن بناء دول وطنية تغلب فيها فكرة المواطنة التي لا تتضمن التمييز على أساسي ديني أو عرقي. وربما بات لزاما على الجميع إعمال المنطق لتجنيب المنطقة أهوال حرب طائفية وقودها البسطاء. وعلى العقلاء تبني مواقف واضحة برفض حكم أنظمة دينية عفا عليها الزمن، وفضح أساليب تغليف الصراعات بطابع طائفي، والتأسيس لنهج يفصل السياسي عن الديني، ويمنع تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية على أسس طائفية، وتغليب الولاء للأوطان، والانحياز للإنسان على أنظمة حكم تجتر أسوأ ما في التاريخ لتثبيت حكمها باستخدام العامل الديني والتفريق الطائفي والمذهبي والإثني.

سامر إلياس

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك