التقارير

التحالف الدولي والخطوط والحمراء!

1225 07:56:52 2014-10-18

محمد محمود مرتضى

لقد بات واضحا أن الولايات المتحدة الاميركية لم تحرك ساكنا تجاه تمدد داعش في العراق بعد "غزوة الموصل" الا عندما وصل السيف الى إربيل عاصمة اقليم كردستان. كان واضحا منذ البداية ان الاستراتيجية الاميركية تعتمد بشكل اساس على ترسيخ حدود معينة في العراق، حدود بمثابة الخطوط الحمراء التي لا ينبغي لداعش تجاوزها وهذا أمر اصبح معلوما. الا ان ما هو غير معروف ان ثمة خطوطا حمراء وضعت للجيش العراقي ايضا لا ينبغي تجاوزها.

يمكن القول إن ما حصل في سوريا خلال السنة الماضية كان ماثلا امام الادارة الاميركية. فالتوسعات التي شهدتها الجماعات المسلحة كانت تقتصر على المراحل الاولى حيث كان الجيش السوري لا يزال في مرحلة استيعاب الصدمة. ولكنه فيما بعد استطاع وضع استراتيجيات جديدة تتلاءم وطبيعة المعركة ثم اخذ فيما بعد بالانطلاق الى مرحلة الهجوم واسترداد مناطق هامة.

بدا أن المشهد العراقي يقارب المشهد السوري الى حد كبير نسبيا، فالهجوم الداعشي استطاع تحقيق انجازاته من خلال الضربة الاولى، ومعظم الاراضي التي استولى عليها كانت في تلك الفترة تحديدا. وكان يمكن ان يصل داعش الى بغداد لولا ان الجيش العراقي اظهر تماسكا مقبولا ثم تدارك الفصائل المقاومة هناك ومؤازرة الجيش.

مع استيعاب الجيش العراقي للضربة الاولى وتشكيل تحصينات تبعد الخطر الداعشي عن العاصمة وتأمين مناطق الجنوب واخرى في الوسط لا سيما الاماكن المقدسة في سامراء، وهذه مرحلة كان لا بد منها قبل الانطلاق نحو اعمال عسكرية لاسترداد بعض المناطق التي خسرها الجيش العراقي، وجد داعش نفسه غير قادر على اختراق تلك التحصينات، لكنه وتحت نشوة النصر تحرك باتجاه اقليم كردستان، متجاوزا بذلك الخطوط التي تعتبرها الادارة الاميركية حمراء.

وفي نفس الوقت بدأ الجيش العراقي ومن معه يتحضرون للقيام بعمليات عسكرية واسعة لاستعادة التوازن وذلك بمؤازرة من معسكرات التدريب التي اقيمت للمتطوعين بعد موقف المرجعية الدينية.

في هذا الوقت بالذات بدأت الادارة الاميركية بالتدخل، تسعى من جهة لضبط ايقاع داعش باتجاه كردستان، وفي نفس الوقت ضبط ايقاع الجيش العراقي والحشد الشعبي لعرقلة قيامهم باعمال عسكرية قد تعيد الامور الى افضل مما كانت عليه بعد" غزوة الموصل".

لقد بدا واضحاً من خلال الغارات التي يشنها التحالف الغربي من خلال مواقعها واهدافها انها تسعى لرسم حدود جديدة للامر الواقع. فهي في الوقت الذي تركز غاراتها على مناطق الموصل بشكل اساسي داعمة البشمركة الكردية، تتجاهل مناطق اخرى في الوسط والغرب ما سمح لداعش بالتمدد هناك. والاخطر من ذلك كله ، وهو امر لا يعلمه الكثيرون، ان التحالف وضع قيودا على حركة الطائرات العسكرية العراقية. ويمكن للمتتبع ان يلحظ تراجع مشاركة الطائرات العراقية الحربية منذ انطلاق العمليات العسكرية للتحالف.

اذا غضضنا النظر عن "الغزوة الاولى" لداعش باتجاه الموصل والشمال العراقي، فاننا سنجد ان الفترة التي اعقبت اعلان التحالف بدء عمله كانت الاكثر نشاطا لداعش حيث استطاع احتلال قرى عين عرب في سوريا ومحافظة هيت وشنّ هجوما على الرمادي في العراق.

ان احتلال داعش لهذا الحجم من الاراضي بعد انطلاق التحالف بعملياته العسكرية يثير الكثير من علامات الاستفهام، ليس فقط حول جدوى الغارات الجوية وانما حول اهدافها وطبيعتها الحقيقية.

ان المعالم التي ترتسم الآن في سوريا والعراق هي معالم "دولة" يراد ترسيم حدودها وترسيخ وجودها. "دولة" تحكمها الآن داعش بانتظار تبلور الرؤية وتجهيز "جيش"وقوى بديلة تستلمها.

ان غارات التحالف ليست سوى غارات ترسم حدود الكيانات الجديدة كأمر واقع. انها غارات التقسيم.

25/5/141018

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك