أطلق الجيش الأمريكي على سد الموصل لقب "أخطر سد في العالم" وهو الآن محلّ صراع عنيف جدا بين متطرفي تنظيم "داعش" والقوات الكردية التي تحاول استعادته بمساعدة القوات الأمريكية.
ولا يتعلق الأمر بمصير السدّ وإنما بمصير ملايين العراقيين الذين يعيشون عليه وهو الذي يعدّ الأكبر في البلاد.
وقال رئيس منتدى الشرق الأوسط دانييل بايبس لـCNN "إذا سيطرت على سد الموصل فإنّه يمكنك أن تهدد أي شخص وجزءا كبيرا جدا من العراق سواء بالفيضان والسيول وقطع إمدادات الكهرباء والماء.. إنه أفق رهيب".
تم تشييد السد بداية ثمانينيات القرن الماضي في ظل حكم صدام حسين، على نهر دجلة نحو 50 كلم شمال الموصل، ويعد مصدرا رئيسا للكهرباء والريّ والحماية من الفيضانات. ولكن وقوعه تحت أيدي تنظيم داعش في وقت سابق من الشهر حوّله إلى سلاح. ولهذا التنظيم تاريخ من استخدام المياه سلاحا لتهديد أعدائه.
وفي وقت سابق من العام فتح مسلحو "داعش" بوابات سد الفلوجة وسط العراق لوقف تقدم القوات العراقية مما أدى إلى إغراق قرى تقع على طريق بغداد التي انقطعت عنها المياه لأيام.
كما قال بابيبس إنّ "داعش" استخدم سدودا أصغر أيضا لمدّ السيطرة على أراض والضغط على السنة للحصول على دعمهم وكذلك لمعاقبة الشيعة.
يبلغ طول سد الموصل 3.2 كلم ويحتوي على 12.5 مليون متر مكعب من الماء، وفقا لأرقام رسمية مستقلة. وإذا انهار لسبب أو لآخر فإنه سيطمر الأراضي من دجلة حتى الموصل بسكانها الـ1.7 مليون. كما أنه سيتسبب في ما يشبه تسونامي في أغلب المدن وصولا إلى بغداد.
وشرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالة إلى الكونجرس سبب تنفيذ غارات قريبة من السد بالقول "سقوط السد يمكنه أن يهدد حياة عدد كبير من المدنيين ويضع موضع الخطر الموظفين الأمريكيين ومنشآتنا بما فيها سفارتنا في بغداد، كما أنه سيمنع الحكومة العراقية من توفير خدمات أساسية وحساسية للسكان العراقيين".
وقارن بابيبس ما يمكن أن يحدث بتداعيات تدمير الحكومة القومية الصينية سدا في البحر الأصفر عام 1938 في محاولة لوقف تقدم القوات اليابانية. فقد أدى ذلك إلى مصرع مئات الآلاف من الصينيين بسبب السيول.
غير أن بعض المحللين يستبعدون أن يلجأ تنظيم "داعش" إلى إلحاق الضرر بالسد. ويقول محلل الشئون العسكرية في CNN جيمس سبايدر ماركس إنّ تدميره يعني دفع السيول على طول دجلة ولكنني أعتقد أنّ "داعش" يرغب في الاحتفاظ بالسيطرة عليه مثلما هو لأنه يوفر الكهرباء بما يجعلهم قادرين على استخدامه سلاحا نظاميا ضد من هم واقعون تحت سيطرتهم.
وأضاف بابيبس إنّه يمكن لداعش أن يستخدم السد عنصر تأثير مذكّرا بتاريخ النزاعات حول المياه في الشرق الأوسط الذي يعيش تحت وطأة نقص في الإمدادات من هذه المادة الحيوية.
ولكن حتى في حال رغبة المسلحين في عدم إلحاق الضرر به، يعاني السد من ضعف في أساسته منذ إنشائه لأن هناك مشكلة مزمنة تتعلق بتهديدات انجرافه الداخلي وتربته شديدة التأثر بالمياه حتى أن هناك انهيارات أرضية في محيطه مما يعني ضعفا تحت سطحه.
وأنفقت السلطات الأمريكية أثناء احتلالها العراق عشرات الملايين من الدولارات لصيانة السدّ، ولكن مع تزايد التهديدات وتحوله إلى موضوع نزاع دموي، سيبقى من غير الواضح ما إذا كان سيتلقى أي نوع من أنواع الصيانة في المستقبل المنظور.
15/5/140819
https://telegram.me/buratha