التقارير

خيوط اللعبة: نصف العالم مع الأسد

1243 07:42:17 2014-06-03

سامي كليب

ليس في السياسة الدولية مبادئ. هي مجموعة مصالح تتقارب أو تتناقض. ينطبق الأمر بامتياز حالياً على سوريا. ولأنه كذلك، فإن مشاعر محبة البعض للنظام السوري وكره البعض الآخر له تبقى في مجال المشاعر عديمة الفائدة. الأهم هو التوازن العالمي الذي بات يتحكم بمآل الأمور.

في هذا التوازن، لن يتردد نصف العالم في تهنئة الرئيس السوري بشار الأسد بالفوز الأكيد بالانتخابات. يضمّ المحور المستعد للتهنئة كلاً من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا المنضوية في إطار منظومة البريكس. تضاف إليها دول عديدة من أميركا الجنوبية وإيران والعراق وعدد من الأحزاب والقوى العربية والدولية. لو قيس هؤلاء بالعدد، فهم يشكلون أكثر من نصف العالم. لو قيسوا بالقدرات الاقتصادية، فهم القوة الناشئة والمقبلة على الحلول مكان القوى الاقتصادية السابقة. اثنتان من هذه الدول، أي روسيا والصين، منعتا 4 مرات القرارات الدولية ضد سوريا. سوف تستمران بذلك.

لم ينتبه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع للأمر. قال في مؤتمره الصحافي الأخير إن من سيهنئ الأسد هي سورينام وفنزويلا ودولة ثالثة. هذا حقه، فهو كاره للنظام السوري. لكن في المصالح الدولية، لا مجال للحب والكره.

ما الجديد؟

في الأيام القليلة الماضية، وقع حادثان إرهابيان خطيران جداً. هكذا نوع من الإرهاب يزيد التفكير بالمصالح الدولية ويقلل الاعتماد على المبادئ والمشاعر والقلوب. وقع هجوم على كنيس يهودي في بروكسل نفذه إرهابي فرنسي من أصل مغاربي، وضجت أميركا بعملية انتحارية نفذها أميركي للمرة الأولى في إدلب السورية.

في المصالح الدولية، ليس للدم السوري النازف منذ 3 سنوات أي أهمية. كانت رغبات دول عديدة أن يستمر القتال طويلاً.

في الحسابات الدولية، أيضاً، أن الحرب في سوريا تستنزف الجيش السوري، وكذلك حزب الله وإيران. وفي المصالح كذلك أن الفتنة المذهبية السنية ـــ الشيعية من شأنها خلق جبهة ممتازة بين مقاتلي حزب الله والتكفيريين. كاد كل ذلك يتحقق لولا الإرهاب.

بعد هجوم بروكسل والعملية الانتحارية الأميركية، لا بد من حساب المصالح على نحو آخر. سيكون من الصعب جداً على الدول الراغبة برفع مستوى السلاح للمقاتلين المعارضين إقناع الكونغرس والرأي العام والخزائن المالية بإمرار ذلك. صارت صورة الحرب في سوريا قتالاً بين إرهابيين وغير إرهابيين.

تقتضي المصلحة الدولية الوقوف حالياً الى جانب غير الإرهابيين. قد يحلو لكارهي النظام السوري القول إنه هو الذي شجع الإرهاب منذ الاحتلال الأميركي للعراق، وهو أطلق سراح إرهابيين وهو يمارسه، وغير ذلك من مقولات. هذه في المصالح الدولية مجرد جمل لا تفيد.

لا يمكن إبقاء الوضع في سوريا على ما هو عليه. الإرهاب الذي تسلل الى سوريا عبر ممرات معروفة، يمكن أن يعود عبر الممرات نفسها. هذا حصل فعلاً. عاد البعض الى بلادهم وصاروا خطراً. من يستطيع منع ذلك هو الجيش السوري بالتعاون مع جيوش الجوار وليس أي طرف آخر.

الرئيس الأميركي باراك أوباما حدد الخط الأحمر. لا عمل عسكرياً من الخارج. السعودية وضعت لائحة بأسماء منظمات إرهابية؛ بينها داعش والنصرة والإخوان المسلمون. تتقارب إذاً المصالح الدولية الغربية والخليجية من المصالح الروسية والإيرانية والسورية.

لم يبق إلا 3 احتمالات، إما ترك الحرب السورية تطحن ما بقي من بشر وحجر. هذا مستحيل بعد تفاقم خطر الإرهاب. أو المغامرة برفد المسلحين بأسلحة متطورة ضد الطائرات وغيرها. هذا صعب بسبب الخطوط الحمراء الكثيرة؛ وبينها الروسية. أو فتح قنوات اتصال علنية للتعاون مع الجيش السوري، كما هي الحال مع الجيشين العراقي والمصري. لعل الخيار الأخير هو الأسهل رغم الإحراج.

لماذا الإحراج؟

ببساطة لأن مشكلة الغرب الأطلسي وحلفائه لم تعد ببقاء النظام أو الجيش، وإنما في كيفية التعاون مع هذا الجيش، في ظل انتخاب الأسد لولاية ثالثة. أما الإصلاحات وتغيير النظام وغيرها من الشعارات فلم تعد على جدول المصالح الدولية.

مشكلة الغرب الأطلسي هي مصدر قوة المحور الآخر. الترحيب بانتخاب الأسد وتهنئته ابتداءً من الخميس هما جزء من معادلة دولية مطلوبة من قبل روسيا وإيران وحلفائهما. هذه باعتقادهم تدفع نحو تفاهم ما في مكان ما. لا بد من تفاهم على محاربة الإرهاب مع القبول، ولو على مضض، ببقاء الأسد.

أما المسلحون الأكثر خطورة، فهم سيستمرون حتى إشعار آخر في رفع وتيرة قصفهم والمتفجرات. لعل القصف سيزداد في اليومين المقبلين للتأثير على العملية الانتخابية.

مرة جديدة، تضحّي المصالح الدولية بحلفائها وتترك المعارضة على قارعة الطريق، حتى لو تفنّنت حالياً في الكلام على دعم لها.

العالم بعد اعتداء بروكسل والتفجير الانتحاري الأميركي، ليس كما قبله. لم يعد الأمر يتعلق بالدم السوري.

الاخبار اللبنانية

5/5/140603

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك