التقارير

أفول الشمس العربية.. الانهيار المقبل للمَلَكيّات الخليجية

1409 08:20:00 2013-10-26

ترجمة وتحليل ـ ليلى زيدان عبد الخالق

منذ أكثر من سنتين ونصف السنة هبّت رياح «الربيع العربي» في بعض الدول العربية في شمال أفريقيا وكانت البداية تحديدًا في تونس. وإذا كان المشهد قد أوحى بدايةً للمواطن العربيّ بأنّ ثمّة ثورات شعبية تندلع في وجه بعض الديكتاتوريات فإن مجريات الأحداث أكّدت ألّا ربيع عربيًّا آتيًا إنما خريف مظلم مثقل بالديون لبنوك أميركا وأوروبا وسط سيناريو مرسومةٌ خطواته الواحدة تلو الأخرى أمّا الهدف فمزيد من الفوضى في الكيانات العربية واقتتال داخليّ مبنيّ على الأسس الطائفية والمذهبية والإثنية وكلّ ذلك خدمة لمشروع واحد أوحد هو… الشرق الأوسط الجديد. هذا الشرق الأوسط الذي قلنا عنه مرارًا وتكرارًا أنّه يمهّد لسيطرة تامة لـ«إسرائيل» على المنطقة بعدما ضعفت وهزلت أمام حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وبعدما فشلت خلال مئة عام في تحقيق حلمها التاريخيّ «أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل».

بعد اندلاع نيران «الربيع العربيّ» وفوضاه ظنّت ممالك الخليج وإماراته أنّها بمنأى عن الاحتراق لكن ما يجري في البحرين أثبت عكس ذلك وما جرى من حركات شعبية قوبل بالقوة والبطش والتنكيل في القطيف السعودية أثبت أيضًا عكس ذلك أما الحقيقة فتقول إن انهيار هذه النظم الخليجية التي غالت كثيرًا في تبعيتها للولايات الأميركية المتّحدة وفي «انبطاحها» أمام «إسرائيل» ليس بالأمر البعيد حدوثه فالمؤشرات كثيرة والتحليلات الصحافية تؤكّد أنّ شمس الملَكيّات الخليجية إلى أفولٍ قريبًا وإن بدا ذلك من خلال «استبدال الحكّام» كما جرى في قطر في الآونة الأخيرة.

هل تدفع الملَكيّات الخليجية ثمن تخلّيها عن قضية فلسطين؟ وثمن تخلّيها عن العرب؟ وهل ستمتثل لإرادة شعوبها التي لم تُضِع البوصلة بعد؟ أسئلة كثيرة ربّما تكون مدار أبحاث في أروقة قصور الملوك والأمراء وبلاطهم ولكنّ الإجابات لم تعد تخفى على أحد.

منذ تكوّنها الحديث في منتصف القرن العشرين حُكِمت كل من المملكة العربية السعودية وخمس من الملَكيّات الخليجية هي: البحرين الكويت عمان قطر والإمارات العربية المتحدة بأنظمة استبدادية للغاية تنطوي على ما يبدو على مفارقات تاريخية. ومع ذلك فقد أثبت حكّامها مرونة ملحوظة في إدارة الأزمات ومواجهة الصراعات الدموية في عقر دارهم فضلًا عن النموّ السكانيّ السريع في الداخل وتحديث القوّات من الخارج.

إحدى استراتيجيات البقاء الأكثر وضوحًا لدى هذه الملَكيّات هي تعزيز العلاقات الأمنية مع القوى الغربية من خلال السماح للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ببناء قواعد ضخمة على أراضيها والإنفاق الباذخ على الأسلحة الغربية. وساعدت هذه العسكرة المكلفة ـ في المقابل ـ على إظهار جيل جديد من الحكّام عدائيةً نحو إيران وبعض الدول الخليجية الأخرى أكثر من أيّ وقت مضى. وفي بعض الحالات نمت المظالم القويّة في ما بينها بشكل يكفل التسبّب بأزمات دبلوماسية والتحريض على العنف أو إصدار أوامر ملَكيّة تقضي بالتدخل في شؤون السياسة الداخلية لدى الآخر.

خطأ فادح الاعتقاد بعدم إمكان قهر هذه الملَكيّات الخليجية. رغم مواجهة التهديدات الداخلية فإن هذه الأنظمة تواجه تحدّيات خارجية أيضًا ـ من الحكومات الغربية وإيران وأتى هذا نتيجة تفاقم الصراعات والتناقضات الكثيرة الكامنة منذ فترة طويلة.

أساس المنزل

كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي فإنّ مشتريات دول الخليج جعلها من أكبر مشتري الأسلحة في العالم.

لطالما شكّل وجود قواعد عسكرية غربية كبيرة في شبه الجزيرة العربية مشكلة بالنسبة إلى الممالك والإمارات الخليجية. ولمنتقديها فإنّ استضافة جيوش غير عربية و«غير مسلمة» أمرٌ بحدّ ذاته إهانة لـ«الإسلام» وللسيادة الوطنية. وإنّ انتشارها المرجح سوف يرسم المزيد من الانتقادات وقد يكون بمثابة حجّة أخرى تستقوي بها حركات المعارضة في المنطقة.

من بين أكبر المنشآت الغربية في الخليج قاعدة «العُدَيْد» الجوية في قطر التي تدين بوجودها لحاكم قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني. وقد أبدى آل ثاني في العام 1999 رغبته في رؤية أكثر من 10000 جندي أميركي متمركزين بشكل دائم في الإمارة وهكذا وعلى مدى السنوات القليلة الماضية بدأت الولايات المتحدة بسحب موظفيها من السعودية إلى هناك. وتضمّ «العُدَيْد» اليوم آلافًا من الجنود الأميركيين بعد أن أصبحت مقرًا متقدّمًا للولايات المتحدة إذ تضمّ مقرّ القيادة المركزية الأميركية وسلاح الجوّ العسكري وقاعدة وكالة المخابرات المركزية ومجموعة من فرق القوّات الخاصة الأميركية. في الوقت الذي تستضيف فيه البحرين القريبة البحرية الأميركية وقوات القيادة المركزية والأسطول الخامس الأميركي برمّته والذي يتضمن 6000 أميركيّ. كما قامت الولايات المتحدة أخيرًا بتقليص عديد قوّاتها في الكويت لكن لا يزال لديها أربع قواعد مشاة بما في ذلك «كامب باتريوت» الّذي يحوي قاعدتين جويتين ويعيش فيه أكثر من 3000 جنديّ أميركيّ. وتخطّط الولايات المتحدة لتحقيق توسّع أكبر في المستقبل القريب وكما أعلنت القيادة المركزية الأميركية أخيرًا أنه سيتمّ إرسال أحدث الأنظمة المضادة للصواريخ إلى أربع دول خليجية على الأقل. وهي عبارة عن إصدارات جديدة من بطاريات «باتريوت» المضادة للصواريخ التي تهدف إلى تهدئة مخاوف الحكام الخليجيين من «الهجمات الصاروخية الإيرانية» وإلى الآن لم يتمّ بعد الكشف عن أسماء الدول التي وافقت على أخذ الأسلحة ويفترض بعض المحلّلين ـ وعلى نطاق واسع ـ أن أسماء الإمارات التي لم تذكر هي البحرين الكويت قطر والإمارات.

وقد يكون الأكثر تعقيدًا من هذا كلّه هو الإنفاق غير المحدود على الأسلحة الغربية في دول الخليج. عِلمًا أنّ الكثير من تلك المعدّات تعتبر غير مناسبة لتعزيز القدرات الدفاعية ولا حاجة لها في عمليات حفظ السلام غير أنّ قادة الخليج يرون أنّ هذه الصفقات التجارية ضرورية لأمنهم وحمايتم. وقد اجتذبت مشتريات كل من السعودية والإمارات الاهتمام من بين كل مشتريات ممالك الخليج إذ بلغت مشتريات الإمارات من المعدّات العسكرية عام 2009 فقط ما يقارب 8 مليارات دولار لتصبح أكبر زبائن الأسلحة في الولايات المتحدة في ذلك العام فضلًا عن نيّتها عقد صفقة شراء طائرات أميركية من دون طيار لتصبح بذلك أول مشترٍ أجنبيّ يحصل على هذا النوع من الطائرات الأميركية. أما المملكة العربية السعودية فقد اشترت من جهتها أجهزة حربية بقيمة 3.3 مليار دولار في كانون الأول عام 2011 لتعلن بعدها الولايات المتحدة أنها أتمّت صفقة شراء طائرات «بوينغ إف 15» مع القوات الجوية الملكية السعودية بقيمة 30 مليار دولار.

هذه الصفقات لم تسلم من الانتقاد خصوصًا من اللوبي المؤيد لـ«إسرائيل» في الغرب باعتبارها تجارة تؤدّي إلى تآكل «تفوّق إسرائيل النوعيّ في المنطقة». إضافة إلى أنّ حكام هذه الممالك سيواجهون صعوبة في تبرير مثل هذه المعاملات الضخمة لسكان أمّتهم المحاصرين. لكن وفي ضوء التوترات الإقليمية القائمة فمن المرجح أن تتواصل عمليات الإنفاق هذه سواء على الدبّابات والطائرات الحربية أو على السفن الحربية.

سبب شائع

تتعرّض هذه الممالك أيضًا للضغط في تعاملها مع الملف الإيراني فاتخاذهم مواقف معارضة لإيران تمكّنهم من احتواء المعارضة الداخلية والتخفيف من حدّة المشكلات الاجتماعية ـ الاقتصادية واللعب على وتر العنف الطائفي. فمنذ اندلاع «الربيع العربي» سعى هؤلاء الحكام إلى إصباغ «عضوية النكهة الشيعية» على حركات المعارضة وهو تكتيك سمح لهم باتّهام هؤلاء ـ زورًا ـ بأنهم عملاء لإيران.

حظيت هذه الاستراتيجية بالنجاح إلى حدّ كبير إذ سارع الكثير من السكان «السُنّة» في الخليج إلى وصف النشطاء «الشيعة» بالخونة. ولا تزال الدول الغربية تقدّم الدعم لهذه الأنظمة الملكية على أساس أنّ البديل لا بدّ وأن يكون على غرار النموذج الإيراني: «ثيوقراطي ثوري ومعادي للغرب». ويزداد القلق بشأن إيران خوفًا من إذابة العلاقات بين «إسرائيل» وبعض دول الخليج فهناك قنوات اتّصال مفتوحة في الوقت الحالي بين قطر و«إسرائيل».

ومثل هذه المشاعر المناهضة لإيران والمشاعر المسعورة تجاهها الخطيرة والوجودية في الوقت عينه قوّضت مواقف ملوك الخليج كوسطاء سلام محايدين ومساهمين في التنمية الإقليمية ما جعلهم أهدافًا أكيدة لأيّ صراع محتمل في الخليج الفارسيّ. غير أن آباء حكام الخليج الحاليين ما كانوا ليسمحوا بحدوث كل هذا مهما اهتزّت ثقتهم بجارهم الإيراني وقد تفادى هذا الجيل السابق كل أنواع المواجهات مع إيران بما فيها استيلاء إيران الشاه على ثلاث جزر تابعة للإمارات العربية المتحدة عام 1971 في مقابل الاعتراف بالمصالح الاقتصادية المشتركة وواقع أن عددًا كبيرًا من الإيرانيين يعملون في دول الخليج. كل هذا ما هو إلّا تاريخ قديم لكل من البحرين والمملكة العربية السعودية التي ـ ووفقًا لبرقية دبلوماسية سرّبتها الولايات المتحدة عام 2008 ـ فقد حضّ الملك السعودي الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا على ضرورة «قطع رأس الأفعى» أي «برنامج إيران النووي». وهناك وثيقة أخرى في العام ذاته أشارت إلى أنّ الوزير السعودي للشؤون الخارجية حرّض على هجوم حلف شمال الأطلسي على قواعد حزب الله ـ المدعوم من إيران ـ في جنوب لبنان لإنهاء سيطرته على السلطة. كما أعلن رئيس المخابرات السعودي السابق انتظار المملكة الحصول على أسلحة نووية لمواجهة إيران.

في أوائل عام 2011 استفاد حكام البحرين استفادة كاملة من المشاعر المناهضة لإيران بالتحرك ضدّ معارضيهم «الشيعة» في الداخل الذين يتمتّعون بـ «روابط» مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني. وقد تُرجم هذا بطرد المئات من اللبنانيين العاملين في البحرين وتعليق جميع الرحلات الجوية بين المنامة وبيروت محذّرين المواطنين البحرينيين «من خطورة السفر إلى لبنان خوفًا من «التهديدات والتدخل من قبل الإرهابيين».

أمّا موقف أبو ظبي نحو إيران فجاء مترددًا ربما بسبب سياسات حاكمها السابق الأكثر اعتدالًا. ووفقًا لبرقية من السفارة الأميركية في أبو ظبي فإن تهديدات تنظيم القاعدة سوف تكون طفيفة مقارنة بتلك التي تواجهها ممالكهم من أسلحة إيران النووية لذا فهو لطالما كان متردّدًا في اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تستفزّ هذا الجار. ورغم اكتساب وليّ العهد في إمارة أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان مع أشقائه الخمسة السلطة السيطرة الكاملة على سياسة إمارتهم الخارجية إلا أن آراءهم هذه ما لبثت أن تراجعت تماشيًا مع ما يحصل في السعودية والبحرين. وحثّت دائرة وليّ العهد منذ عام 2007 المسؤولين الغربيين على وضع المزيد من القوات في المنطقة لمواجهة الهيمنة الإيرانية. وما لبث أن حذّر ولي العهد الولايات المتحدة عام 2009 وبلهجة حاسمة من تمادي الولايات في استرضاء إيران قائلًا إن «أحمدي نجاد هو هتلر».

قطر أيضًا لعبت دور الوسيط الإقليمي فكانت أكثر حذرًا في تصريحاتها العلنية وفي لقاء خاص عام 2009 قال رئيس وزرائها حمد بن جاسم آل ثاني في معرض وصفه علاقات إمارته مع إيران: «إنهم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم». دبلوماسية قطر هذه تحسب لها وربما يعود هذا إلى توازنها الهشّ مع محيطها فهي تستضيف المنشآت العسكرية الرئيسة للولايات المتحدة وتتقاسم حقل الشمال البحريّ ـ أكبر مصدر للغاز ـ مع جارتها إيران.

عدوّ عدوّي

قد يكون الأكثر خطورة من هذه السياسة الفوقية المنتهجة نحو إيران هو انبطاح هذه الممالك أمام «إسرائيل». بعد أن كانت منذ الاستقلال قد أيّدت إصدار قوانين تقاطع «إسرائيل». هناك مكتب دائم لمقاطعة «إسرائيل» تديره الحكومة الفدرالية في الإمارات العربية المتحدة وهو قانون اتحاديّ صدر عام 1971 ينصّ على أنّه «يحظّر على أيّ شخص أن يبرم اتّفاقًا مباشرًا أو غير مباشر مع المنظمات أو الأشخاص أو المقيمين في «إسرائيل» والمرتبطين بها بحكم جنسيتهم للعمل نيابة عنها». كما منعت شركة الاتصالات المملوكة من قبل الدولة المكالمات الهاتفية إلى «إسرائيل» وأوقفت عمل كلّ المواقع الإلكترونية «الإسرائيلية» في الدولة ولم تسمح لـ«لإسرائيليين» بالدخول إلى الإمارات العربية المتحدة ولأيّ زائر يتضمّن جواز سفره طوابع تأشيرة «إسرائيلية». غير أنّ الفرص التجارية دفعت الإمارات في كثير من الأحيان إلى تجاهل هذه المقاطعة وذلك بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 1996 إذ تعرّضت الإمارات لضغوط واضحة عند استضافتها الاجتماع السنوي لمنظمة التجارة العالمية عام 2003 ولم يكن في استطاعتها منع وصول وفد «إسرائيليّ» إلى الاجتماع أو الحؤول دون رفع العلم «الإسرائيليّ» على قمة مركز التجارة العالمية في دبي. كذلك فإنّ هناك قنوات اتصال مفتوحة الآن بين قطر و«إسرائيل». ففي أواخر عام 2010 استضافت قطر ـ كجزءٍ من اجتماع الإنتربول ـ وفدًا كبيرًا من رجال الشرطة «الإسرائيلية» من بينهم رئيس فرع المخابرات…

في المقابل لا يوجد حتى الآن أدلّة كافية على تنامي العلاقات السعودية ـ «الإسرائيلية» أو على الأقل ليست علاقات علنية كما هو الحال مع كل من البحرين وقطر رغم شائعات تؤكّد التعاون الدبلوماسي بينهما بهدف القضاء على «عدوّ واحد مشترك» وليطيب لقارئ أن يعرف من هو العدوّ المشترك هذا! .

وإذا ما أسقطنا هذه السياسات الجديدة للممالك الخليجية على الواقع السياسي المحلي نرى أنها ستشكل خطرًا كبيرًا عليها فالشعب الخليجيّ برمّته معادٍ لـ«إسرائيل» ومؤيد لفلسطين ونمت هذه المشاعر في قلوب الخليجيين بسبب مراقبتهم مشاهد الانتفاضة على شاشات التلفزة إذ تبقى قضية فلسطين وهمّ تحريرها الشغل الشاغل لدى شعوب المنطقة. كما إنّ هناك مجتمعات فلسطينية منتشرة في كل هذه الدول وبعض هؤلاء من المتجنسين أو ممّن يعيشون في مخيمات اللاجئين والذين باتوا يتمتعون بمناصب مهمة في محاكم هؤلاء الحكّام.

صراعات الخلافة

إن أيّ تهديد في الولايات المتحدة و«إسرائيل» وإيران يجعل من منطقة الخليج بؤرة قابلة للانفجار بسبب الضغوطات التي تواجهها. فهذه المشاجرات المريرة بين دول الخليج أدّت إلى تدخل بعض الأنظمة الملكية في محاولة لتغيير مسار التعاقب الأسري في أنظمة أخرى ففي أعقاب وفاة حاكم ما أو على إثر نزاع داخليّ صغير في ملكية ما أصبح شائعًا تدخّل الملوك في الدول المجاورة سواء من خلال دعم مرشّحها الأفضل ـ بشكل سريّ ـ أو في أسوأ الحالات من خلال رعاية انقلاب أو تدخل الدول الأجنبية في حالة حدوث فراغ في السلطة.

وخير مثال على ما سبق الانقلاب الذي حدث في إمارة رأس الخيمة عام 2003 بعدما أقدم أحد المحتجّين خلال تظاهرة مناهضة للاحتلال الأميركي للعراق على حرق العلم الأميركي إذ تمّ استبدال وليّ العهد الشيخ خالد بن صقر القاسمي الذي حكم الإمارة لفترة طويلة بأخيه الأصغر غير الشقيق محمد بن صقر القاسمي وحاول والده المسنّ في ما بعد تغيير هذا القرار غير أنّ كبر سنّه واعتلال صحته منعاه من ذلك. وجاء البديل إلى الحكم بدعمٍ من إمارة أبو ظبي التي نشرت دبّاباتها العسكرية في شوراع رأس الخيمة وجرى تفريق مؤيّدي وليّ العهد المخلوع الذين انتشروا في الساحات بخراطيم المياه وما لبث أن نُفِي وليّ العهد وأجبر على عبور الحدود إلى عُمان ليغادر بعدئذٍ إلى الولايات المتحدة.

عام 2008 تعثّر مشروع التنمية في دبي بعد تعرّض الأمير سعود لعددٍ من الانتقادات كقبوله الرشى من صناعة البناء والتشييد. في هذا الوقت ـ وإذ كان الأمير المخلوع لا يزال في المنفى ـ قامت شركة أميركية بالتعاون مع محام بريطانيّ قدير بالتجنيد لحملة إعلامية ضخمة تهدف إلى إقناع إمارة أبو ظبي والمجتمع الدولي بأنّ الأمير سعود لم يكن على قدر المسؤولية بسبب علاقاته العلنية مع طهران وقيام نائبه وهو رجل أعمال «شيعيّ» لبناني الهوية يمتلك مصالح تجارية كبرى بما في ذلك مصانع عديدة في الجمهورية الإسلامية. حتى أنّ هذه الحملة ادّعت عام 2009 أنّ بعض موظفي الجمارك الإيرانيين كانوا يزورون مرفأ رأس الخيمة لتسهيل تمرير مواد نووية إلى إيران. في الوقت الذي زعمت فيه بعض وسائل الإعلام المحلية أن المحاولات الإرهابية بما فيها محاولة تفجير برج خليفة في دبي قد دُبّرت في رأس الخيمة. وتردّد أيضًا عن محاولات الأمير المنفيّ العديدة بالتودّد إلى «إسرائيل» من خلال إقامة علاقات مع سفيرها في المملكة المتحدة.

بدأت هذه الحملة تجني ثمارها عام 2010 عندما سمحت العائلة المالكة للأمير المنفي خالد بالعودة إلى بلاده لرؤية والده المريض الذي كان يخضع للعلاج في مستشفى أبو ظبي. عندما توفي الملك صقر عاد الأمير خالد إلى رأس الخيمة ليتحضر لاستلام حكم هذه الإمارة بشكل رسميّ في وقت لاحق من ذلك اليوم غير أنّ وزارة شؤون الرئاسة في دولة الإمارات العربية المتحدة في أبو ظبي عيّنت شقيقه الأمير سعود حاكمًا جديدًا في رأس الخيمة.

من المرجح أن يتعرّض مستقبل الخليج لعددٍ من الانقلابات ومحاولات الانقلاب هذه فضلًا عن تعرّض هذه الأنظمة لعددٍ من التدخلات الخارجية وتبدو هذه الملَكيّات قوية غير أنها ضعيفة في مجالسها الخاصة وهشّة للغاية حيال التدخل الأجنبي و«الإسرائيلي» فقد تكون حجر الدومينو الأول الذي سيسقط في المنطقة. وفي النهاية على هذه الممالك أن تتراجع عن الوهم الذي تعتقده بأنها ممالك لا تقهر وتحاول ـ وإن بشق الأنفس ـ إثبات محاولة تمييز نفسها عن التخبط الذي تدور فيه الجمهوريات العربية المجاورة.

البناء

17/5/131026

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك