التقارير

سورية تشهد المرحلة الثانية من الحرب.. والثالثة تُرعب الجوار

1195 10:17:00 2013-10-10

 

د. نسيب حطيط

أشعلت أميركا وأتباعها النار في سورية على حطب المطالب الشعبية في الإصلاح والديمقراطية ومكافحة الفساد، تحرُّك حق يراد به باطل، فالحق أن يأخذ المواطن حقوقه، والباطل أن تصادَر مطالبه ويستغلها المتآمرون خارج الحدود، فضاعت “الثورة” وضاعت المطالب وتحولت إلى محرقة للشعب والجيش والدولة، ومعهم حاملوا النار من التكفيريين والعصابات المسلحة والوصوليين من المقاولين الثوريين.

انتقلت ما سمي بـ”الثورة السورية” من المطالبة بإصلاح النظام إلى واقع تدمير سورية كمرحلة أولى من مخطط تدمير محور المقاومة والممانعة الذي صمد عشرين عاماً في مواجهة أميركا و”إسرائيل”، حتى استفاق الروس والصين لحماية أنفسهم واستعادة دورهم على الساحة الدولية.

بعد ثلاثين شهراً من التدمير المنهجي لسورية، استطاعت دمشق وحلفاؤها الصمود وعرقلة المشروع الأميركي – الصهيوني، وبدأت أحجار الدومينو “الإخواني” والتكفيري تتساقط، وبذلك تخسر أميركا مخالبها التي تلبس الزي الأفغاني وتتزين بلحية طويلة مع ساطور للذبح بدل السُّبحة، فاضطُّرت للتراجع وبدء المفاوضات مع روسيا كممثل لسورية وحلفائها، وكان التراجع عن العدوان من باب موافقة سورية على تدمير السلاح الكيماوي الذي لن تستعمله بمواجهة الإرهابيين، كونه لا يقدم أو يؤخر في الداخل السوري، بل كانت مهمته التوازن الاستراتيجي مع النووي “الإسرائيلي”.. وبعد توفر البديل من حلفاء سورية، تنازلت عنه للتخلص من عبئه، وكضربة وقائية قبل أن يقع في أيدي إرهابيي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش)، و”جبهة النصرة” في سورية ولبنان، و”القاعدة” في المغرب العربي، و”القاعدة” فرع اليمن، و”بوكوحرام” في نيجيريا، و”أنصارالشريعة تونس”، و”حركة الشباب المسلم” في الصومال، و”القاعدة” في ليبيا، وأتباع “الإخوان” في دول الخليج.

تركيا ستبدأ حصاد ما زرعته في سورية، وتكون أرض جهاد بعدما كانت أرض “نصرة” لتهريب المسلحين إلى سورية، وستصبح تحت ضربات الجماعات التكفيرية من جهة، وضربات الأكراد من جهة ثانية، مع بدء ولادة جبهة ثالثة سياسية – طائفية من العلويين والسُّنة الأتراك، بعدما أشعل أردوغان فتيل الفتنة المذهبية، وستبدأ في الأردن إرهاصات العنف التكفيري متعدد الأساليب والمعارك، سواء بين القبائل والعشائر، أو بين “الإسلاميين” والنظام، أو بين الفلسطينيين والأردنيين، حيث سيعود التكفيريون من سورية ليؤسسوا دولتهم في الأردن وفق منهجيتهم السياسية، وكذلك في لبنان والسعودية والخليج وأوروبا.

“الإنفلوانزا التكفيرية” في سورية وباء سيصيب بعدواه كل العالم العربي والإسلامي في المرحلة الأولى، وسينتقل عبر المجنَّسين الذين حشدتهم وسمحت لهم المخابرات الغربية بالانتقال إلى سورية، وذلك بعد عودتهم إما هرباً أو ثأراً، وتعويضاً لخيبات الأمل التي أصيبوا بها، خصوصاً أن أهم بنود الاتفاق الروسي – الأميركي هو التعاون للتخلص من الجماعات الإرهابية التكفيرية.

انتهت المرحلة الأولى من المحرقة السورية بصمود سورية وبقاء الرئيس الأسد والنظام – الدولة، وتقهقر المشروع الأميركي، وسقط “الحمَدان” في قطر، و”الإخوان” في مصر، و”مشعل” في غزة، وبدأت المرحلة الثانية بتقاتل فصائل وأجنحة “الثورة” السورية؛ بين متطرفين أجانب (داعش) وأمثالهم السوريين (النصرة)، وبين العلمانيين والإسلاميين، و”الائتلاف السوري” و”الجيش الحر”، والسياسسين والعسكريين، وقطر والسعودية وتركيا و”الإخوان” عبر ممثليهم في الفصائل العسكرية داخل سورية، وستزداد هذه الصراعات الدموية كلما اقتربنا من التسوية السياسية، لأن “جنيف-2″ لا يتّسع للجميع، وكل دولة تريد السيطرة على بعض الجغرافيا السورية، لصرفها سياسياً في جنيف، وتُنبت الدور السياسي لهذه الدول.

أما المرحلة الثالثة فستبدأ بانتقال هذه الجماعات المسلحة إلى إعلان الحرب الشاملة على مستوى الدول المجاورة لسورية (الأردن وتركيا ولبنان والعراق..)، والتوسع إلى الساحتين الأوروبية والأميركية، فكما تؤمن هذه الجماعات بـ”الخلافة” على المستوى السياسي وإدارة الحكم وعدم الاعتراف بالحدود السياسية للدول، فإنها تؤمن بوحدة ساحات المعركة و”الجهاد”، فكل الساحات الإسلامية مفتوحة لتجنيد المسلحين والعمل “الجهادي”، خصوصاً أنها اتبعت استراتيجية اللامركزية القيادية والتنظيمية، فلم تعد “القاعدة” بقيادة الظواهري هي التنظيم الأوحد، بل هناك أذرع متعددة في سورية والعالم، وتدمير السلاح الكيماوي الذي وافق عليه الروس وقدموه كتنازل ليس لمنع العدوان الأميركي، بل مقابل تدمير السلاح التكفيري الذي وافقت عليه أميركا كمقايضة مع السلاح الكيماوي السوري.

تجربة الأفغان العرب بعد الغزو السوفياتي لأفغانستان ستتكرر بمرحلة “التكفيريين” العرب الذين سيعودون إلى بلادهم، أو إلى الذين احتضنوهم، ليُشعلوا ساحات المتآمرين.

إن بداية شفاء سورية من “الإنفلوانزا” التكفيرية ستتزامن مع بداية إصابة آخرين بهذا المرض، وسيشرب طابخو السم ما طبخوه لسورية، مع فارق وحيد أنهم لن يستطيعوا الصمود كما صمدت سورية، فأنظمتهم أوهن من بيت العنكبوت، ولا يملكون القدرة على القتال، وأميركا لا تستطيع تلبية استغاثاتهم، فهي غارقة في أزمتها المالية، وفي مرحلة التصحّر السياسي، وانكماش الدور وبدء عصر العالم المتعدد الأقطاب.

إن صبح سورية لقريب، وليل المتآمرين قريب أيضاً، لكن سيرون نجوم الظهر بدل نجوم الليل، فمن اعتدى على الإسلام بـ”جهاد النكاح” والتحالف مع “إسرائيل” وسفك دم الأبرياء لن ينجو من عدالة السماء بأيدي من في الأرض.

21/5/131010

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك