كربلاء - الصباحمواطنو كربلاء وقرار زيادة أسعار المشتقات النفطية ذهل الحاج أبو جواد الرجل العجوز الذي احدودب ظهره حين سمع سائق سيارة الأجرة يقول أن أجرة النقل إلى حي العامل 1500 دينار ..فرد عليه أبو جواد باستغراب( ما تخافون من الله ليش يومية زودون بكيفكم) فضحك السائق وقال ( المسؤولون زودوا سعر البنزين واصبح بميتين وخمسين دينار ) وحين هم أبو جواد أن يشتري في اليوم التالي بما تيسر عنده من مال طعاما لعائلته المكونة من خمسة أرواح بينهم طالبان جامعيان اكتشف إن الأسعار ارتفعت هي الأخرى وحين سأل بائع الخضراوات قال له إن أجرة النقل قد ارتفعت من العلوة حتى السوق وعليه فان الأسعار قد ازدادت..وحين هم بجلب مادة الرز التي لم يتسلمها ضمن مواد بطاقته التموينية طالبه الوكيل بدفع أجرة جديدة فأخبره إنه سبق أن أعطاه مبلغ الوجبة كاملا في المرة السابقة فقال له الوكيل إن أجرة النقل ازدادت وان ما دفعه في المرة السابقة كان أجرة تلك المواد التي استلمها .هذه صورة مصغرة لواقع كبير جديد رسمته سياسة رفع أسعار المشتقات النفطية التي ألهبت الأسعار التي ابتدأت برفع أجرة النقل لتأكل في طريقها جميع الأسعار..والجميع اخذوا يتحدثون عن أسباب زيادة أسعار المشتقات النفطية وهم يشعرون بكوة نار حارقة جاءتهم على حين غفلة من التوقع الذي كانوا يأملون غيره في الأيام القادمات وربما لم ولن يكون أبو جواد هو الحالة الوحيدة التي حدثت وسوف تحدث في أرجاء المدن العراقية وليس في كربلاء فحسب..مادام النفط ومشتقاته هو العصب الذي يحرك الحياة اليومية مثلما يشكل النقل العمود الفقري لجميع النشاطات الاجتماعية..فبعد مظاهرات شهدتها مدن العراق ومنها كربلاء وتحول بعضها إلى مواجهات بين أجهزة الحكومة وبين المتظاهرين أو بين هؤلاء الغاضبين وبين أصحاب محطات الوقود الذين سارعوا إلى تطبيق القرار قبل أن تكمل الحكومة قراءة قرارها وأسبابه..وحتى بعد أن هدأت موجة الاحتجاج إلا إن واقع الحال يقول إن الأمور تجري من غلاء إلى غلاء لتشمل حتى الذي يريد أن يبني له دارا أو غرفة واحدة لان الأسعار قفزت ولن تنزل إلى مستواها الطبيعي.ارتفاع الأسعار والدول النفطيةالمتقاعد يونس الزيدي يقول..إن مثل هذا القرار لم يكن موفقا حتى وان بدأت المعالجة فيه . إن فروقات الأسعار ستذهب إلى الفقراء من خلال شبكة الحماية الاجتماعية..فنحن بلد النفط الذي لم نستفد منه.. وأضاف الزيدي إن البلدان المجاورة وهي نفطية أيضا لا تعاني مثلما نعاني اليوم لان دخل الفرد في تلك البلدان باستطاعته أن يجابه ويواجه فرق أسعار المحروقات إضافة إلى إن هذه البلدان لا تعاني من الفوضى الأمنية فيكون واقعها الاقتصادي متيناً ومراقباً لا يسمح بزيادة الأسعار من خلال كثرة المعروض والمنافسة في عملية طرح المنتوجات ولا يوجد من يستغل فرصة الأزمات ليرفع الأسعار..وأشار إلى إن هذه القرار جعل أزماتنا تشتد مما يعني إن رابط الصبر سيتهرأ وستكون الحياة القادمة صعبة ولن تنفع معها حتى زيادة الرواتب لان الأسعار ستأكلها وكلها بسبب زيادة أسعار المحروقات التي بدأت أولى خطواتها بزيادة أسعار النقل وبالتالي ولان النقل هو العمود الفقري للحضارة الجديدة فان كل ما هو متصل بها سيرتفع بكل تأكيد وسيقع التأثير على المواطن حتى وان كان من الطبقة المتوسطة فما بالك بالطبقة الفقيرة.تعريفة النقل ومفاجأة القرار المواطن حسين العبادي قال..لم أكن أتصور إن الحكومة التي رشحناها وصوتنا لها ستقوم بأول تجربة لقوتها حين رفعت أسعار المشتقات النفطية..وأضاف إن كل شيء سيرتفع وكأننا في عصر النظام السابق الذي كان لا يتوانى عن رفع الأسعار أو اخذ الضرائب من المواطنين بطريقة ما، مثل ضريبة بناء الملوية التي استنزفت أموالنا القليلة..وأوضح انه عاطل عن العمل وفي كل يوم يبحث عمن يدله على العمل أو يعينه على الحصول على فرصة للتعيين لاتفاجأ بزيادة الأسعار في كل شيء بدءا من أسعار تعريفة النقل الداخلي وربما الخارجي أيضا وهذا سينعكس أيضا على جميع المواد الغذائية لان نقلها سيرتفع أيضا.أما المواطن احمد السعدي فقال..أربعة أيام فقط على تطبيق القرار وها نحن نرى المأساة تحل بنا..فقد ارتفعت الأسعار ولم نعد نستطيع أن نتحرك خاصة ان الدولة هنا غائبة لا تحرك ساكنا وتردع السواق الذين سبق لهم أن رفعوا الأجرة كلما حدثت أزمة في الوقود..وأكد إن لديه ( بسطية ) يبيع فيها السكائر وسيذهب ربحها كما يقول لأجرة النقل وستعود عائلته لأكل الطماطة والخبز.الطلبة ومحنة الآباء الطالب علي حسين من جامعة كربلاء يقول.. ما ذنبنا ونحن نرهق آباءنا بمصاريف جديدة ستسببها هذه الزيادة في أسعار الوقود..وأضاف..إن أجرة النقل ستصل إلى 500 دينار بعد أيام وهذا يعني إنني بحاجة إلى ضعف المصروف اليومي يضاف إليه وهذا ما سيحصل حتما زيادة في أسعار الاستنساخ والقرطاسية وما نتناوله داخل ( كافتريا ) الجامعة التي نبقى فيها حتى الثانية ظهرا..وأكد إن هذا القرار مستعجل ولا اعرف لماذا اتخذته الحكومة وكأنها تعاقبنا على مشاركتنا في الانتخابات..أما الطالب حيدر الاسدي من جامعة بابل فقال..هل هناك سبب يدعو الحكومة لان تأخذ بطلبات البنك الدولي على حساب عذاب شعبها؟ وتساءل الاسدي مرة أخرى..إن هذه الحكومة وبعد إعادة التصويت على قائمتها كان عليها أن تكافئ الشعب لا أن تضره والا ماذا سيحصل لو إن النتائج لم تكن في صالحها ؟ وأوضح إن الأسعار سيرتفع مؤشرها إلى الأعلى وسيكون تنقلنا اليومي من كربلاء إلى بابل محفوفا بالعوز وسيكون آباؤنا محرجين خاصة ونحن ثلاثة أشقاء ندرس في الجامعة ورابعنا طالب في المعهد الفني فتصور كم سندفع إلى النقل ما بين كربلاء وبابل إضافة إلى النقل الداخلي حتى نصل إلى الكراج الموحد؟ أنه عذاب آخر سيحرمنا من متابعة دروسنا بشكل جيد لأننا في الأشهر الماضية كان بامكاننا أن نقوم باستنساخ ما يطلبه الأستاذ الذي يطلب منا دائما أن نشتري محاضراته المستنسخة في المكتب لقراءتها أما وبعد الذي حصل في هذا الأمر فان من الصعوبة بمكان أن يكون باستطاعتنا أن نوفق في تحقيق هذا الأمر وعليه أطالب الأساتذة ألا يطلبوا منا بعد اليوم شراء المحاضرات من مكاتب الاستنساخ.التجار والنقل وتحمل المواطنأبو مهدي تاجر قال..لم يمر الوقت طويلا حتى أصبحت أجرة نقل ما ابتاعه من بغداد 150 ألف دينار بعد أن كانت 100 ألف دينار قبل أسبوع..وأكد إننا في عمل تجاري بالجملة يستدعي أن ننقل موادنا الغذائية من بغداد أو من البصرة ولان الحكومة قررت زيادة أسعار المشتقات النفطية فهذا يعني وبحساب بسيط هو زيادة أسعار سيارات الحمل أو الشاحنات الكبيرة ونحن بدورنا ليس بمقدورنا أن نرفض لأننا تجار ولكن المتضرر الوحيد هو المواطن لأننا سنزيد أيضا من أسعار موادنا بصورة تناسب زيادة أسعار النقل..وأكد انه حتى هذا اليوم لم يقم بزيادة الأسعار لأنه يأمل برفع هذا القرار والعودة إلى الأسعار السابقة ولكن إذا ما بقي الأمر على ما هو عليه فانه والتجار الآخرين ليس بمقدورهم تحمل خسائر التجارة بل سيتحملها المواطن.أما زميله التاجر أبو ماجد فقال..انه قرار متسرع بكل معانيه..لان النقل وكما هو معروف هو ميزان التجارة فكلما كان النقل رخيصا كلما كانت الأسعار متدنية ونحن في العراق وطوال السنوات الماضية كان النقل لدينا رخيصا لان الوقود رخيص..مما جعل من المواطن العراقي باستطاعته أن يتنقل ويعمل ويشتري وكنا ارخص دولة في المنطقة..على الرغم من إن النظام السابق كان يسرق جميع عائدات النفط ولا يحصل منها الشعب إلا على القليل..وأكد إن تأثيرات هذا القرار ربما لن تكون مرئية بصورة واضحة في الوقت الحاضر لكنها ستكون ذات نتائج كبيرة على وضع الفرد وقدرته الشرائية وما يصاحبها من مشاكل خاصة وان العراق يعاني من عدد العاطلين عن العمل مما يعني إن العائلة العراقية لن يكون باستطاعتها أن تواكب أية زيادة في الأسعار.الموظف ومعادلة الراتبمحمد الحسناوي موظف قال..لم نتنفس الصعداء بعد زيادة في الرواتب لكي نعوض ما فاتنا وما ضاع من عمرنا حين كان النظام السابق على رأس السلطة والذي كنا فيه نعيش بثلاثة آلاف دينار..وكنا نبيع أغراضنا وعفشنا لكي نستمر بالحياة على أمل أن يموت أو يقتل ذلك النظام الدكتاتوري..أما الآن وبعد أن قامت الحكومة بزيادة أسعار المحروقات بنسب زادت على 200% فان معنى هذا إن زيادة الأسعار ستكون نسبتها أكثر من 300% لان الربح سيكون اكبر وهذا معادلة عراقية بمعنى انه كلما زاد سعر الجملة كلما زاد الربح خاصة ان التاجر سيبحث عن معادلة تحقق له ربحا يعادل ما تصاعد من مواد أخرى غير تجارته ليحافظ على استقرار ربحه.. وأكد الحسناوي..إن الموظف سيعود إلى بيع ما اشتراه خلال العامين الماضيين لان الغلاء سيلاحقه من جديد وكان من الأفضل لهذه الحكومة وهي تودع مرحلتها الانتقالية أو المؤقتة بقرار يرضي الشعب لأنها ستدخل إلى مرحلة الاستقرار في أداء عملها لمدة أربع سنوات لا بقرار يتعب شعبها إرضاء للبنك الدولي..وأشار إلى إن الاقتصاد العراقي قادر على مواجهة الأزمات لو اخلص الجميع ولكن يبدو إن السياسة الخارجية أقوى من الحكومة.أما المعلم حاكم حسين فقال..كيف أستطيع أن أدير كفة عائلة مكونة من خمسة أشخاص وأنا راتبي لا يتعدى 140 ألف دينار لأنني حصلت على الوظيفة مؤخرا وهذه أول سنة اعمل فيها موظفا.. وأضاف..أنا معلم في المناطق النائية وهذا يحتم علينا التنقل بأكثر من واسطة نقل للوصول إلى المدرسة..فبعد أن كنت امني نفسي بالحصول على هذه الوظيفة لأحسن من وضعي المعاشي وبعد سنوات من الحرمان منها بسبب الراتب القليل أيام النظام السابق الذي جعلنا لا نتقدم إلى أية وظيفة أصبحت هذه الوظيفة وكأنها ستعيدنا إلى راتب ثلاثة آلاف دينار بمعنى إن راتب الدولة لن يكفي متطلبات عيش العائلة المكونة من والدي الكبيرين وثلاثة أخوة في المدارس ..وأكد انه بحساب بسيط فان أجرة التنقل في الداخل حتى الوصول إلى المدرسة النائية ستتضاعف إلى 3 آلاف دينار بمعنى إنني خلال اثنين وعشرين يوما هي مدة الدوام الشهري سأحتاج إلى 66 ألف دينار وسيبقى من الراتب 74 ألف دينار فهل سيكفي مثل هذا الراتب لإعالة العائلة وكيف سأفكر بالزواج الذي طال انتظاره..اعتقد انه قرار مجحف بحق الجميع ومنهم الموظف. العوائل الفقيرة والزياداتالمواطنة أم احمد قالت..أنا استلم راتبا من الرعاية الاجتماعية وهو بالكاد يكفي لإعالة أربعة أطفال جميعهم في المدارس بعد أن قتل والدهم على يد الإرهابيين في بغداد..ولأنهم أطفال فان أمراضهم كثيرة لان تغذيتهم غير جيدة ونحن لا نملك الشيء الكثير لبرد الشتاء.. وأكدت إن ارتفاع الأسعار قد يؤثر فينا ولكن ارتفاع أجرة الأطباء وأسعار الأدوية في الصيدليات هو الذي سيرهقنا فبعد أن كانت أجرة فحص الطبيب ثلاثة آلاف دينار أصبحت خمسة آلاف ولا ندري كم ستصبح بعد زيادة الأسعار لان الأطباء سيتحججون بهذه الزيادة وسيرفعون أجرة فحصهم مثلما سترتفع أسـعار الأدوية عند أصحاب الصيدليات