كانت محاولة اقتحام البنك المركزي وما خلفته من اشتباكات دامت ساعات عدة، هي الاولى من نوعها في استهداف هذه المؤسسة النقدية العملاقة، خلال الاعوام الماضية، والتي اثارت استغرابا بسبب نجاح المسلحين في تحقيق اختراق كبير لموقع شديد التحصين يمنع مرور السيارات بقربه.
وقال مصدر وثيق الصلة بالتحقيقات الجارية بشأن عملية السطو "، مفضلا عدم كشف اسمه لحساسية المعلومات التي يدلي بها ان "الشكوك تحوم حول وجود عملية تواطؤ من قبل موظفين في البنك مع افراد العصابة التي هاجمته"، موضحا ان "ما يدعم هذه النظرية هو اختفاء أي اثر لافراد العصابة التي اقتحمت المبنى، فضلا عن اندلاع النيران في طوابق منتخبة ومنتقاة بعناية من البنك، تضم وثائق حساسة".
واشار المصدر الى ان "ظروف العملية لا توحي بوجود دوافع بالسرقة، بل هناك تخريب متعمد". وقال ان "شكل العملية يؤكد مشاركة عدد كبير من الاشخاص فيها، لكن الجثث الموجودة هي خمسة فقط، وهو أمر يؤكد حصول المعتدين على مساعدة من قبل موظفين داخل البنك سهلت عليهم الفرار".
من جهته قال مصدر مطلع آخر، ان الشعبة التي تضررت بشكل خاص في حادث الاحد، تختص بمكافحة غسيل الاموال ولها صلة بـ"قروض غير مشروعة مع مصارف اهلية".
وأوضح ان الغرف التي تعرضت للتفجير والحرق خلال العملية "يحتفظ فيها البنك المركزي بوثائق لها علاقة بغسيل الأموال والصيرفة والائتمانات" مشيرا الى ان من ضمن الوثائق التي احرقت "مجموعة تخص تعاملات غير شرعية وقروضا مكشوفة تورط بها موظفون حكوميون مع بعض المصارف الاهلية خلال الفترة السابقة".
لكن مصدرا في البنك المركزي اكد : ان البنك "يحتفظ بنسخ احتياطية من كل الوثائق بما فيها تلك التي تضررت خلال حادث الاحد".
وكان المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا قال أمس الاثنين، ان "التحقيقات المتعلقة بالعملية الفاشلة التي حاولت عصابة ارهابية تنفيذها في مبنى البنك المركزي العراقي الاحد افضت الى ان المعتدين كانوا يرتدون الزي العسكري".
ونقل المركز الوطني للإعلام التابع لمجلس الوزراء، عن عطا قوله ان "آخر تطورات التحقيقات اثبتت ان احد افراد العصابة الارهابية التي حاولت اقتحام البنك كان يحمل رتبة نقيب، يرافقه شخص يحمل رتبة ملازم أول وثالث يحمل رتبة ملازم، فيما ارتدى باقي افراد العصابة زي الجنود".
واشار الى ان "خبراء الادلة الجنائية والمتفجرات يعملون منذ يوم أمس الاحد على اعداد التقارير الخاصة بنوعية المتفجرات المستخدمة ورفع البصمات من موقع الاعتداء وتحديد الهويات والامور الثبوتية الخاصة بالمهاجمين".
وتابع ان "اللجنة التي تحقق في قضية الاعتداء على بناية البنك المركزي توصلت، عبر معلومات استخبارية، الى تحديد النقاط التي انطلق منها المعتدون، فضلا عن حصر عددهم".
واعلنت قيادة عمليات بغداد ان الحصيلة النهائية لعدد ضحايا الاعتداء الذي طال مبنى البنك هي 18 شهيدا و55 جريحا، غادر 44 منهم المستشفى بعد تلقيهم العلاج.
وقال عطا ان "حصيلة الشهداء تشمل اثنين من رجال الدفاع المدني واثنين من رجال حماية المنشآت (أف بي أس)، في حين تشمل حصيلة الشهداء ستة جرحى من رجال الدفاع المدني و13 جريحا من رجال الـ (أف بي أس) وخمسة عسكريين، بينهم آمر لواء الفرقة 43 الفرقة 11 في الجيش الذي قاد عملية تطهير البنك من عناصر العصابة التي هاجمته".
وكشف ان "المحاولة التي نفذتها العصابة الارهابية للسيطرة على البنك كانت على اربعة مراحل". وقال ان "المرحلة الاولى تمثلت في تفجير عبوة ناسفة قرب خزان وقود مولدة كهربائية عند المدخل الخارجي للبنك المركزي".
واضاف ان "المرحلة الثانية تمثلت في اشتباك المعتدين مع قوة حماية المدخل الخارجي للبنك تخلله تفجير احد المهاجمين نفسه"، موضحا ان "المرحلة الثالثة تمثلت في وصول المهاجمين الى ساحة البنك الداخلية وتفجير انتحاريين نفسيهما عند الباب الداخلي للبنك ومهاجمة القوة التي تحمي المدخل الخلفي له".
واشار الى ان "المرحلة الرابعة والاخيرة تمثلت في دخول عدد من المسلحين الى مباني البنك واضرام النار في عدد من الطوابق".
وذكر عطا ان "القوة التي قامت بتطهير البنك كانت بقيادة فوج مغاوير الفرقة 11 وسرية استطلاع الفرقة السادسة، وتم اسناد هذه القوة بفوج من جهاز مكافحة الارهاب".
واوضح الناطق باسم قيادة عمليات بغداد ان لجنة رفيعة المستوى برئاسة وزير الامن الوطني شكلت للتحقيق في ملابسات الحادث، مشيرا الى ان هذه اللجنة باشرت بالاطلاع على محتوى اشرطة كاميرات المراقبة الخاصة بالبنك المركزي العراقي.
كشف مصدر وثيق الصلة بالتحقيقات الجارية بشأن عملية السطو التي تعرض لها البنك المركزي العراقي أمس الاول الاحد، ان القوة الامنية التي استعادت المبنى لم تجد أي أثر للمهاجمين، بل وجدت خمس جثث تعود لانتحاريين فجروا انفسهم، لكن كثافة النيران تشير الى ان عدد المسلحين كان اكبر بكثير.
https://telegram.me/buratha

