على غير العادة في ايام الجمعة في بغداد والتي عادة ما تشهد عمليات مسلحة يشنها ارهابييون على اماكن عبادة كان الجمعة الماضي يوماً هادئاً خلا من الانفجارات لكن عكر صفوه ضيق العراقيين من نقص الكهرباء والماء في يوم وصلت حرارته الى 50 درجة مئوية. لم يجد العراقيون بداً من صب جام غضبهم على السياسيين بكافة مشاربهم بعد أن أدى الصراع السياسي في البلاد الى تأخير تشكيل حكومة بعد ثلاثة اشهر من الانتخابات التشريعية. لم يتردد كثيرون في نعت السياسيين بأغلظ العبارات واتهامهم بأنهم لا يفكرون الا في مصالحهم الشخصية دون مراعاة لابسط حقوق المواطنين. شارع الكرادة ـ وهو احد اهم شوارع مدينة بغداد ـ بدا رتيباً الجمعة الماضي، وخلت معظم شوارع بغداد من المارة الا ان هذا لم يمنع العديد من العراقيين من فتح متاجرهم في هذه المنطقة. وفي احدى المكتبات في منطقة الكرادة قال صاحب المكتبة وهو استاذ جامعي مسيحي رفض ذكر اسمه "والله العراقيون ناس غير طبيعيين. يتحملون كل هذه الظروف وهم ما زالوا يمارسون الحياة". واضاف "لو ان ما يحدث في العراق وقع في اي دولة لرأينا اكثر مما نرى الآن في العراق". ويبدو ان تراجع حدة العنف في بغداد ليس كافياً وحده لتهدئة العراقيين رغم انهم متفقون جميعاً على أهميته لكن نقص الخدمات الاساسية او غيابها وخاصة الكهرباء والماء اصبح سبباً رئيسياً في زيادة حنقهم من المسؤولين الذين ادت خلافاتهم حول احقية الكتل البرلمانية في تشكيل الحكومة الى ادخال البلاد في متاهة يخشى انها ستكون سبباً في حدوث انتكاسة في العملية السياسية برمتها. ومما يزيد من غضب العراقيين اعتقادهم بأن سياسييهم الذين كان اغلبهم يعيشون في المنفى قبل العام 2003 يكرسون جل وقتهم في التفكير بكيفية البقاء في مناصبهم دونما اكتراث بغياب الخدمات الاساسية.
وقال احمد محمد شندل (35 عاماً) وهو صاحب محل للعدد اليدوية غطت صورة للزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر جزءاً كبيراً منه ان السياسيين "يفكرون بشيئين فقط..الشنطة (لحقيبة) والكرسي. الشنطة حتى يضعون فيها فلوسهم والكرسي وشلون (كيف) يتمسكون به ولا يتركوه". وقال عبد الله العبد الله صاحب محل للملابس وهو يتحدث عن المسؤولين العراقيين ويتصبب عرقاً بسبب انقطاع الكهرباء عن منطقة الكرادة التي يقع فيها متجره "كلهم حرامية. شنو فضلهم علينا..هم لا فضل لهم علينا. لا كهرباء لا ماء". ورغم مصادقة المحكمة الاتحادية على الانتخابات التشريعية في الاول من الشهر الجاري تشير التوقعات الى ان تشكيل الحكومة لن يكون امراً واقعاً قبل اشهر وهو امر يثير مخاوف كثيرة لما قد يسببه من فراغ في السلطة خصوصا من اقتراب موعد انسحاب القوات الاميركية القتالية من العراق في نهاية اغسطس/آب المقبل. ومن المقرر حسب الاتفاقية الامنية الموقعة بين الولايات المتحدة والعراق ان تنسحب القوات الاميركية بالكامل من البلاد نهاية العام 2011 . رويتر
https://telegram.me/buratha

