«الشرق الأوسط» التقت اول من أمس نجل المرجع النجفي في لندن التي يزورها بدعوة من مؤسسة الامام الخوئي الخيرية للقاء الجالية المسلمة والتباحث معهم والوقوف على اوضاعهم، وفي أول حديث له لوسيلة اعلامية حول رأي المرجع النجفي بما يحدث في العراق حاليا، قال انه عندما دخلت القوات المحتلة الى العراق قال والده «ان العراق قد دخل في نفق مظلم وطويل جدا لا نعلم له من نهاية، ومع مرور الوقت مر العراق في ظروف صعبة وحرجة وتحقق بعض الانجازات في الوقت الذي حصلت مساوئ كثيرة في البلد، لكن الفترة الحالية حسب رأي المرجع، اذا لم تكن هناك وقفة حقيقية من رجالات العراق وارادة حقيقية من جميع الشرائح من الصعب ان نعبر بر الامان ونجعل من البلد في الصورة الحقيقية التي نريدها للعراق». واشار علي النجفي الى انه «اذا بقيت الامور تحسب بالمنظورين الشخصي والمادي فاننا نتوقع صعوبة اكبر مما نحن عليه».
وحول ما يطرح عن موضوع المصالحة بين السنة والشيعة في العراق، قال الشيخ النجفي ان «العراقيين على مدى تاريخ حياتهم لم يفرقوا ولم يتركو اية ثغرة بينهم في موضوع السنة والشيعة حيث هناك الترابط الاسري والتواصل بين كلا الطائفتين، هذه القضية دخيلة وجاء بها صدام حسين ثم كرسها الارهاب الدولي وللمحتل يد في هذه القضية.
مسألة المصالحة فسرت من عدة وجهات نظر ووجهة نظر المرجعية (الشيخ النجفي) ان تكون المصالحة مع من لم تلطخ يده بدماء الشعب العراقي.
الشعب العراقي تعرض للاضطهاد والقتل وبالتالي يجب ان تكون المصالحة مع من اختلف في وجهات النظر، ومع من له رؤيا اخرى، نحن في العراق نعرف تفاصيل الامور فالمعلم ما كان يستطيع ان يعين ويعلم الاطفال اذا لم يكن بعثيا، يجب ان نفرق بين البعثي الذي أُدخل عنوة واضطرارا للحزب وبين من ترقى وتدرج في المناصب على حساب دماء العراقيين وهتك اعراضهم وحسب المراكز».
واستبعد نجل اية الله العظمى بشير النجفي قيام حرب طائفية في العراق، وقال «هناك محاولات كثيرة من اعداء البلد والاسلام لهكذا قضية ولكن نحمد الله وبثبات المرجعية وتوجيهها للشارع العراقي على الرغم لما يحدث للطائفة الشيعية اولا ومن ثم ما يلحق بابناء الشعب العراقي عامة اعتقد ان من يفكر ويخطط لاشعال حرب طائفية في العراق فهو يخوض حرب خاسرة. نأمل من عقلاء البلد ان يتخذوا موقف المرجعية للحفاظ على البلد وعلى هيبته ونحن نعمل على افشال هذه المخططات، والرابح في هكذا حرب هو اول الخاسرين».
واكد الشيخ علي النجف ان هناك تواصلا بين علماء الدين السنة ومرجعية والده، وقال ان «المرجع والمرجعية بابها مفتوح للجميع، طالما هو تصدى للمرجعية فهو يمارس ابوته لعامة المسلمين فضلا عن علماء الدين لهذا ليست هناك حواجز او موانع في طريق تواصل زيارات علماء الدين من الاخوة السنة، وقد تحققت لقاءات وما تزال تجرى لقاءات واتصالات بين علماء الدين من الاخوة السنة والمرجع».
وحول فكرة احياء مقترح السيد عبد المجيد الخوئي عندما زار النجف، حيث اغتيل في العاشر من ابريل (نيسان) 2003، بتحويل النجف الى عاصمة دينية لكل المسلمين العراقيين من السنة والشيعة، اوضح النجفي قائلا ان الفكرة «انبثقت لايمان السيد الخوئي بان للنجف أهلية علمية ودينية ولما تحمله هذه المدينة عبر تاريخها من قيادة دينية للشيعة خاصة ومن فكر للاسلام عامة، وهذا الطموح نعمل من اجله ومن اجل ان تأخذ النجف مكانتها بعد ان عانت ورجالها على ايدي النظام السابق، وتبقى هذه امنية نتمنى ان تتحقق».
ووصف الوضع في النجف قائلا «هي افضل حالا من الكثير من المحافظات الاخرى، وكأية مدينة عراقية فالنجف وباقي مدن العراق بحاجة الى خدمات كثيرة في مجالات الكهرباء والماء والوقود والعمران»، مشيرا الى ان «الاجواء بصورة عامة هادئة ونأمل ان تبقى هكذا فالمدينة بحماية القوات العراقية لكن للاسف هناك فسادا ماليا واداريا كبيرا في ادارة المدينة والمرجعية هي روحية وتوجيهية وارشادية ونحن نشدد على الاخوة ونوصل توجيهات المرجع (والده النجفي) بهذا الصدد. الفساد الاداري كان موجودا في النظام السابق وتغلغل حتى اليوم وصار هم بعض الموظفين هو الحصول على المادة بدون تقديم اية خدمة».
وحول رأي مرجعية النجفي بقانون الاقاليم الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، قال نجله «وجهة نظره هو ان ننتظر تفاصيل آلية القانون ومن ثم ينظر اليه بعمق، بصورة عامة يقول المرجع انه طالما يحافظ هذا القانون على وحدة العراق وضد تقسيم البلد وشعبه فلا بأس».
وفيما يتعلق بوضع المرجعية الشيعية في النجف ومستقبلها، قال الشيخ علي النجفي ان «النجف مرت بادوار عديدة ومختلفة، مرة كان هناك مرجع واحد وهو زعيم الطائفة بلا منازع مثل اية الله ابوالقاسم الخوئي، ولم يكن هناك صوت بارز في الساحة سواه، وبعد وفاته مرت فترات ظهرت على الساحة مجموعة علماء ثم استقر الامر على مرجعية واحدة (السيستاني)، من الصعب التكهن بمستقبل المرجعية وطالما هناك في الفروع الفقهية الشيعية فقرة تقليد الأعلم (الاكثر علما) تبقى هذه الفقرة هي السائدة». واضاف قائلا ان «حوزة النجف تمتاز بان الاكثر علما هو الذي يبرز، وهناك منافسات علمية على طول خط دراسة طالب العلم، المتميز يظهر منذ البداية والدرس مفتوح في الحوزة، المرجعية هي ليست وصاية او وراثة بل هي مسؤولية دينية وعلمية كبيرة لمن يستطيع ان يفتي بأقرب شيء للواقع ويستنبط الحكم الشرعي بطريقة صحيحة وبصورة افضل من غيره فتكون له الريادة، وليس كل عالم دين يتصدى للمرجعية».
وردا على سؤال يتعلق بمقاطعة المرجعية للاعلام، قال نجل المرجع النجفي «مشكلة المرجعية مع الاعلام تتلخص في ان غالبية الاعلام العالمي تحت سيطرة دول كبرى وهذه نقطة سلبية والحرب الاعلامية لها اختصاصاتها وليست هناك اعلام محايد تماما لهذا تخشى المرجعية من استغلالها او تشويهها».
وفيما يتعلق بمقترح ان تكون للمرجعية وسائلها الاعلامية الخاصة بها من قناة فضائية وغيرها، قال النجفي ان «هذا الموضوع قيد الدراسة الان وطرحت افكار كثيرة حول هذه الفكرة، هناك آليات لايصال صوت المرجعية وعندما تريد المرجعية ايصال صوتها او اية فكرة فهي قادرة على ذلك».
وعن تدخل المرجعية الشيعية في موضوع الانتخابات قال الشيخ علي النجفي «بالنسبة للوالد وجه الشارع خلال الانتخابات لاسباب تتعلق بتوجيه الشارع العراقي الى الخير وحث الاخوة السنة على المشاركة في الانتخابات اكثر مما فعل السنة انفسهم»، مشيرا الى ان «فكرة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد كانت لضم جميع الطوائف والقوميات العراقية ونحن لا نتحمل اخطاء من أخطأ في الاتلاف لاحقا فالمرجعية لا تبحث عن منصب او مكسب مادي بل تسعى الى خير العراقيين والمؤمنين ككل».
وقال النجفي ان «الارهاب في العراق اتخذ صورا عدة، هناك الارهاب الطائفي وهو الابرز على الساحة العراقية حيث القتل يتم على الهوية، والارهاب السياسي الذي لا يفكر بسني او شيعي او مسيحي او عربي او كردي وهذا همه تحقيق المكاسب المادية ويتخذون من الاسلام لباسا لهم».
واكد النجفي قائلا ان «مرجعية الشيعة كانت وما تزال مستقلة والعلاقة بين شيعة العراق وايران تأتي من خلال الطائفة وهو ليس تواصلا او ارتباطا سياسيا، فسياسيا للعراق وضعه وثوبه ولايران وضعها السياسي الخاص بها وثوبها، وللنجف خصوصيتها ومرجعيتها وهيبتها واستقلالها وهي كما كتب والدي متميزة بتنوعها الفكري وهي ام كل الحوزات الموجودة في العالم».
جريدة الشرق الاوسط
https://telegram.me/buratha