بعضاً من الصورة التكفيرية للفلوجة: اغتيالات وتهديدات وذبح للعلماء

يطلق على مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار اسم (مدينة المساجد) وذلك لكثرة الجوامع والمساجد حيث يوجد بها 102 جامع في مركز المدينة... وعادة ما تزدحم تلك الجوامع بالمصلين خاصة في صلاة الجمعة ويشعر غالبية مواطني المدينة بالانتماء الروحي الى علمائهم. غير أنه في الفترة الاخيرة شهدت مدينة الفلوجة، (45 كم غربي بغداد) هجرة واسعة من جانب علمائها وشيوخها بعيدا عنها ، وبلغ عدد المهاجرين من علماء الدين( 45) عالم دين خلال الشهور الاخيرة وذلك حسب احصائية لمجلس علماء الفلوجة. وقال الشيخ عبدالله محمد العيساوي أحد علماء الدين في الفلوجة لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة إن "موجة الاغتيالات التي طالت شيوخ الدين في الفلوجة، والتي بدأت منذ نحو عام بقتل مفتي الفلوجة الشيخ حمزة عباس العيساوي وأعقبه مقتل الشيخ شوكت الصعب والشيخ كمال التكريتي والشيخ عمر سعيد حوران وغيرهم إضافة الى تلقي قسم كبير من بقية الشيوخ والعلماء تهديدات، دفعت الغالبية لترك المدينة ومغادرتها مع عوائلهم". من جانبه يقول الشيخ محمد احمد مطر عضو مجلس علماء الفلوجة وخطيب جامع البدوي في المدينة "تم تشكيل مجلس علماء الفلوجة كهيئة دينية بعد دخول القوات الامريكية لبغداد وضم في عضويته معظم علماء الدين في المدينة ومحيطها". وأضاف "سجل المجلس مواقف ونشاطات عدة تركزت في البيانات التي نددت بالممارسات التي تنتهجها القوات الامريكية في المدينة فضلا عن دور المجلس في مساعدة العائلات التي نزحت من المدينة خلال المعارك التي شهدتها الفلوجة عام 2004". وأشار إلى أن "هذا المجلس قل نشاطه أو تلاشى بسبب التهديدات او محاولات الاغتيال التي تعرض لها العلماء". وقال انه تلقى تهديدا بالقتل من قبل جماعة مسلحة تركت له منشورا ورقيا بذلك لصق على جدار منزله عقب احدى خطب الجمعة التي شجع فيها أهالي الفلوجة على ضرورة الانخراط في سلكي الجيش والشرطة مما اجبره على مغادرة الفلوجة مع اهله ويعيش الان في سوريا. وقال الشيخ مطر في إتصال هاتفي مع (أصوات العراق) إن "هجرة العلماء والخطباء من المدينة تركت فراغا واسعا لدى اهالي الفلوجة وجعل المدينة تعيش فراغا قياديا حيث كان مجلس علماء الفلوجة يتبنى المسائل المهمة والمشاكل التي تعترض المواطن." وأضاف "اعتقد أن عملية استهداف العلماء ودفعهم الى الهجرة لم يكن امرا عفويا بل امرا مدروسا بعناية من قبل دول خارجية تريد ان تحل الفساد والخراب بالعراق اولا وبالفلوجة ثانيا." كما تأثرت المدارس الدينية في الفلوجة هي الاخرى بالواقع المرير الذي تعانيه جراء غياب العلماء والمشايخ عنها. وتعاني مدرسة الشيخ عبدالعزيز السامرائي الدينية ومدرسة الحضرة المحمدية الدينية من الغياب الواضح لاساتذتهما من العلماء. ويقول أحد الاساتذة في مدرسة السامرائي الدينية ، والذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ (أصوات العراق) إن "المدرستين الدينيتين كانتا تستقبلان سنويا خريجي الدراسة الابتدائية للالتحاق بصفوفهما ، غير أنهما هذه السنة شهدتا انحسارا ملحوظا في اعداد الطلبة المتقدمين للدراسة كون الكادر التدريسي للمدارس غير مكتمل من جهة كما قل إقبال الطلبة على الالتحاق بالمدارس الدينية من جهة اخرى". وأضاف "لعبت القوات الاحتلال الامريكي دورا كبيرا في هجرة كثير من علماء الدين في الفلوجة حيث الاعتقالات نالت من العلماء الكثير ومنهم الشيخ صلاح سالم الكبيسي والشيخ كمال التكريتي ومحمد نوري العيساوي، فضلا عن المطاردة المستمرة لعدد كبير من العلماء ومنهم المشايخ مكي حسين الكبيسي وطالب العيساوي مما جعل العلماء يفكرون بالهجرة خوفا على حياتهم وحياة عوائلهم من الاعتقال الذي ينال من الانسان كرامته." وأظهرت احصائية حديثة لمجلس علماء الفلوجة أن أكثر من 45 عالم دين وخطيب جامع هجروا الفلوجة التي يبلغ عدد مساجدها 102 وهذه الاحصائية تشكل رقما خطيرا لمدينة عاش وتربى سكانها على يد شيوخ المدارس الصوفية ومن بينهم الشيخ خليل الفياض الكبيسي صاحب المدرسة الصوفية النقشبندية الذى تربى على يده العديد من العلماء والناس وتتلمذوا في جامع الفياض الذي انشأه والده الحاج محمد الفياض في الفلوجة. وقال أحد طلاب الشيخ خليل الفياض ، طلب عدم ذكر اسمه ، ل (أصوات العراق) إن " الشيخ خليل الفياض أجبر على ترك الفلوجة ومغادرتها". وأضاف " تلقى الشيخ الفياض تهديدا بالقتل اذا لم يترك الفلوجة خلال اسرع وقت ، وجاء في التهديد ان الشيخ الفياض يدعم المدارس الصوفية وينشر مفاهيمها بين الناس وهذا يخالف السنة النبوية". ودفع التهديد بالقتل او الاعتقال او المطاردة أهالي مدينة الفلوجة الى السعي لخلق جيل جديد من علماء الدين الشبان ليعتلوا صف المشايخ ومنابر خطب الجمعة بديلا لمشايخهم واساتذتهم ممن هددوا او اعتقلوا او يطاردوا. صوت العراق