بعد انتشار ظاهرة بيع الخمور في محافظة البصرة وبشكل علني وبإسناد واضح من بعض الأجهزة الأمنية ، وتقاعس من بعض أصحاب القرار والجهات المعنية ، وتساهل مريب من قبل السلطة القضائية في تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة كبعض مواد قانون العقوبات العراقي وقانون تنظيم التجارة العراقي والتضارب الواضح في تكييف القضايا من قبل القضاة وإنكار بعضهم لوجود مواد قانونية تعاقب المخالفين ، رأينا أن نطرح على مجلس المحافظة مشروع قرار جديد يمنع تداول الخمور بالبيع والشراء والتصنيع والنقل ويؤكد قرار مجلس المحافظة السابق في هذا الصدد ، وتم بالفعل طرح المشروع من قبلنا في الجلسة المرقمة (26) والمنعقدة بتاريخ (2/8/2009) وصدر القرار برقم (59) بعد أن حاز موافقة جميع الحاضرين في الجلسة باستثناء عضوين فقط ، وتمت التوصية بأن تشكل لجنة لوضع آليات تطبيق القرار (الوثيقة رقم 1) ، إلا أن اللجنة لم تشكل لمدة (14) يوما بعد صدور القرار والظاهرة تزداد في كل يوم انتشارا وتأخذ أشكالا متعددة حتى باتت الخمور تباع جنبا إلى جنب مع المواد الغذائية والعصائر والمشروبات الغازية في محلات عديدة في منطقة العشار وغيرها ، فوجهت مطالعة إلى السيد رئيس المجلس بتاريخ (16/8/2009) (الوثيقة رقم 2) طالبت فيها بضرورة الإسراع في تشكيل اللجنة المشار إليها في أصل القرار واقترحت أن تكون برئاستي لكوني صاحب أصل المشروع ، وبناءا على المطالعة المذكورة تم بتاريخ (26/8/2009) صدور هامش السيد رئيس المجلس بتشكيل اللجنة ولم أكن طرفا فيها (الوثيقة رقم 2) ، وصدر الأمر الإداري بتشكيل اللجنة بتاريخ (31/8/2009) ( الوثيقة رقم 3) إلا أن هذه اللجنة لم تعقد اجتماعا واحدا ولم تنظر في الموضوع نهائيا ، مما اضطرني إلى توجيه مطالعة إلى السيد رئيس اللجنة بتاريخ (3/11/2009) للاستفسار عن نتائج عمل اللجنة ( الوثيقة رقم 4) ولكن لم أحصل على أي جواب لحد لحظة كتابة هذا التوضيح .
ونحن في الوقت الذي نعلن فيه أننا بذلنا ما بوسعنا وسنبقى في سبيل الحد قدر المستطاع من هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد المجتمع البصري لكون مسؤوليتنا في الوقت الحاضر مقتصرة في حدود هذه الدائرة نذكر جميع المعنيين لاسيما السادة أعضاء مجلس المحافظة والسادة المحافظ ونائبيه ورؤساء الأجهزة الأمنية كافة والمسؤولين في السلطة القضائية بأنكم أقسمتم أن تحافظوا على الدستور وتطبقوا القوانين النافذة فعليكم أن تبروا هذا القسم وتحافظوا عليه من خلال التطبيق التام للقوانين المرعية في هذا المجال وإلا فسوف تحاسبون من قبل الله تعالى أولا ومن قبل الشعب ثانيا فهو صاحب القول الفصل في دولة تتخذ من الديمقراطية أداة لاختيار حكامها ، مضافا إلى محاسبة الضمير والتاريخ .
كما أننا سنفضح كل المحاولات اليائسة التي يقوم بها بعض أصحاب النفوس الضعيفة من المحسوبين على الأجهزة الأمنية أو غيرها الذين يساهمون بشكل أو بآخر في ترويج هذه الظاهرة السيئة لمآرب شخصية أو لصالح جهات أجنبية هدفها تدمير أخلاق المجتمع العراقي .
وفي نهاية المطاف نبين بعض النصوص القانونية التي تمنع تداول الخمور والمتاجرة بها وعدم جواز إصدار أي قانون يسمح بذلك :
(1) أشار الدستور العراقي في المادة (2) الفقرة (أولا) البند (أ) بأنه (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام) ، وبما أن المقصود من الثوابت هو الأحكام المجمع عليها عند المسلمين ولكون تحريم الخمر من هذه الأحكام فعليه لا يجوز سن أي قانون يجيز تداول الخمور بأي شكل كان في كل أنحاء العراق استنادا إلى المادة (13) الفقرتين (أولا) والتي تنص على (يُعدُ هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق ، ويكون ملزماً في أنحائه كافة ، وبدون استثناء) ، كما (لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع هذا الدستور ، ويُعد باطلاً كل نصٍ يرد في دساتير الأقاليم ، أو أي نصٍ قانونيٍ آخر يتعارض معه) كما ورد الفقرة (ثانيا) من نفس المادة .
(2) ينص قرار مجلس المحافظة السابق والصادر بتاريخ (21/5/2008) على (يمنع منعا باتا بيع وشراء وتناول المشروبات الكحولية والمسكرات كافة في محافظة البصرة) (الوثيقة رقم 5) .
(3) ينص قرار المجلس الحالي المرقم (59) والصادر في (2/8/2009) على (يمنع منعا باتا تداول الخمور وجميع أنواع المسكرات بأي شكل كان في الحدود الإدارية لمحافظة البصرة) .
(4) نص قانون هيئة السياحة رقم (14) لسنة 1996 في المادة (9) الفقرة (عاشرا) على صلاحية الهيئة لمنح إجازة مشروبات كحولية على أن تجدد سنويا كما نصت المادة (12) الفقرة (رابعا) من نفس القانون ، وبما أن هيئة السياحة في البصرة لم تمنح إجازة منذ سنة (2002) فعليه لا يوجد محلات مجازة ببيع الخمور في المحافظة .
(5) نص قانون تنظيم التجارة رقم (20) لسنة (1970) في مادته (10) الفقرة (أولا) على أنه (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات أو بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة آلاف دينار ولا تقل عن ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وذلك في إحدى الحالات الآتية ) ثم ذكر في الحالة السابعة (من تعاطى البيع أو الشراء أو توسط بأي صفة كانت بين البائع والمشتري خلافا لأحكام هذا القانون أو البيانات الصادرة بموجبه أو تعاطى البيع أو الشراء بالمواد المحظور التعامل بها بالقطاع الاشتراكي أو الممنوع المتاجرة بها لغير المجازين المسجلين) .
(6) هناك مجموعة كبيرة من النصوص القانونية المتناثرة في قوانين الدولة المختلفة كقانون العقوبات وقانون العقوبات العسكري وقانون انضباط موظفي الدولة وغيرها يمكن الاستعانة بها لمواجهة هذه الظاهرة اللاأخلاقية الخطيرة .
فأين الجهات التنفيذية المعنية والسلطات القضائية وأجهزة الضبط القضائي وغيرها من كل هذه القوانين ولماذا تتغاضى عن تطبيقها ولا تستمع لكل النداءات المستمرة من المسؤولين ورجال الدين والأحزاب السياسية وشيوخ العشائر ومؤسسات المجتمع المدني وغيرهم مقابل الوقوف مع الشذاذ ومروجي الانحراف والفساد الأخلاقي في المجتمع والساعين لتدمير قيم المجتمع ونسيجه الاجتماعي والأخلاقي .
الشيخ أحمد السليطي
نائب رئيس مجلس محافظة البصرة
https://telegram.me/buratha
