نص الخطبة الثانية لصلاة الجمعة 21 شعبان 1427هـ الموافق 15 أيلول 2006م من الصحن الحسيني المطهر بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة ..
ايها الاخوة المؤمنين ايتها الاخوات المؤمنات اود ان ابين الامرين التاليين اولا: تعقيبا على مايجري من فصول محاكمة الطاغية صدام اود بيان ما يلي:انه مثل هذه المحاكم- لابد من ان يكون القصد منها وفق الموازين الشرعية والعقلائية- تحقيق القصاص العادل من المجرمين الذين اوغلوا في سفك الدم الحرام وانتهاك الاعراض ونهب الاموال خاصة ممن بلغت جرائمهم حد الابادة لشرائح واسعة من المجتمع العراقي ومع تدمير البنية التحتية للشعب العراقي سواء اكانت العمرانية ام النفسية والحضارية.. لكي يكون ذلك رادعا لامثالهم من ارتكاب مثل هذه الجرائم ولياخذ الحق مجراه وفي نفس الوقت فان من الاهداف المهمة لمثل هذه المحاكم هو كشف حقيقة اولئك المجرمين الذين حولتهم ابواق الضلال والباطل الى قادة للعروبة والاسلام، وبيان زيف دعاويهم في خدمة الشعب والحرص على مصالحه وهم الذين اهلكوا الحرث والنسل ودمروا كل شيء .. ولكن للاسف الشديد .. اخذت هذه المحاكمة مجرى آخر.
فبعد أن تحقق الوعد الالهي بسقوط صنم بغداد وطاغوت العراق وسلبت منه كل وسائل الغطرسة والعنجهية والطغيان .. عاد من جديد ومن خلال جلسات هذه المحاكمة التي يفترض ان تضع القاتل والجلاد في موقعه الحقيقي-عاد لكي يهدد ويتوعد الاخرين حيث يقول في احدى الجلسات: (( إننا هادئون ولكن اذا ازعجتمونا سيحصل ما يحصل)).
وحتى صار الضحية موضع سخرية واستهزاء بل ما يذكره الضحايا موضع شك وطعن وان الذي كان يذكرونه من الوقائع من اوضح الواضحات واصدق مصاديق الحقيقة.. وفي الواقع ان المحكمة إذا اتخذت هذا المنحى فهو استهانة بحقيقة التاريخ الذي مر به العراق خلال حقبة الظلم والطغيان بل واستخفاف بهذا الشعب، وإضافةمظلومية أخرى إلى المظالم الكثيرة التي يتعرض لها .. واذا كانت هناك بعض الموازين الشرعية في القضاء من قبيل معاملة الشريف والوضيع على حد سواء وكذلك مساواة الناس في مجلسه وعدله، فان الظاهر ان الجهة المشرفة على المحكمة إما أنها لم تفهم هذه الموازين حق فهمها او انها تتعمد اساءة التطبيق لاسباب لا نعرفها ...ويفترض بهذه الجهة ان تجعل للقضاء هيبته وان تحفظ للشعب العراقي وضحاياه كرامتهم وشرفهم وبدلا من ذلك اخذ الطاغية وبمسمع من المحكمة العليا يتوعد الذين قالوا الحق حينما وصفوا دولته بالدكتاتورية بانه سيسحق رؤسهم ووصف ابناء الشعب العراقي من ضحايا جرائمه بانهم عملاء وخونة.
ومن هنا فان على الدولة العراقية ان لا تقف متفرجة على هذه المهازل وهي ترى كرامة هذا الشعب وشرفه وتضحياته تسحق من جديد ومن قبل نفس المجرمين القتلة، فان ذلك سيطمع الإرهابيون ومن هو على شاكلة هؤلاء السفاحين القتلة بالتمادي في طغيانهم وعتوهم، ونحن نطالب ان تسعى المحكمة الجنائية لإعادة الهيبة والاحترام للقضاء العراقي والكرامة المفقودة والشرف الضائع لهذا الشعب المظلوم والذي سحقها طغيان وتجبر وعتو المجرمين والصداميين والارهابين التكفيريين .
ثانيا: ان من المهام الاساسية التي تكلفت بها الادارة الشرعية والقانونية للروضتين المطهرتين في مدينة كربلاء المقدسة هو الحفاظ على امنها وسيادة النظام فيهما وان تكون مركزا لانطلاق الدعوات الحقة والفكر الصائب ومثل الخير والفضيلة والتسامح واعتماد الحوار بدل العنف .. ومن هنا فان هذه الادارة تستشعر المسؤولية العظيمة في ابعاد الروضتين المطهرتين عن أي منشئ من المناشئ التي تؤدي الى الفوضى وتعكير صفو مراسم الزيارة والعبادة داخل الروضتين الشريفتين والأهم من ذلك كله ابعادهما عن أي دعوة تشعر الادارة بانها بعيدة عن الحق وتجر الى الضلال، وهذه هي الدوافع الحقيقية للاجراءات التي تتخذها ادارة الروضتين فيما يتعلق ببعض الاحداث الاخيرة التي مرت بها هذه العتبات المقدسة .. ومما يؤسف له ان بعض الابواق البعثية ومنها بعض الصحف الصادرة في بغداد تحاول ان تصور بعض الاحداث الاخيرة على انها صراع على واردات الروضتين المشرفتين ...
والجميع يعلم ان هذه الادارة التي عينها المراجع الاربع العظام في النجف الاشرف هي على درجة عالية من النزاهة وحس التصرف والحرص على تطبيق الاحكام الشرعية فيما يتعلق بكيفية صرف هذه الاموال بل وحتى الاحتياط من جهة صرفها من بعض الموارد - وان كانت شرعية- لكنها لاتتوافق مع مقصود ووقفية هذه الاموال ... ولو لم تكن كذلك ما كانت لتنال هذه الثقة العظيمة من المراجع العظام - دام ظلهم الوارف- ولو حاولنا معرفة دوافع مثل هذه الافتراءات والاكاذيب لوجدنا ان الدافع الحقيقي وراءها هو التسقيط المعنوي للمرجعية الدينية في نظر الناس ومحاولة تصويرها بانها تتصارع على الاموال مع الاخرين لمصالحها الخاصة ... والذي يكشف كذب هذه الادعاءات وزيفها وخبث دوافعها هو ان ادارة العتبتين المقدستين لم تصرف دينارا واحدا لصالح الدعاية لخطها المرجعي ومنهجها السياسي الذي اعتمدته تجاه قضايا العراق، بل يشهد الجميع داخل العراق وخارجه ان الخدمات المقدمة خلال هذه السنين الثلاث بعد سقوط النظام البائد والمشاريعالمقامة داخل الروضتين المطهرتين ومابينهما وما حولهما وطبيعة النشاطات الثقافية والفكرية فيها والجهود المبذولة لحفظ امن الزائرين وانتظام شؤون الزيارات المليونية لم يكن من المتصور انجازها خلال هذه الفترة القصيرة ... وقد دفعت هذه الادارة من اجل الحفاظ على خطها الاصلاحي والشرعي في ادارة الروضتين المطهرتين الكثير من التضحيات والدماء والمعاناة وهي - في الوقت الحاضر- تجدد العهد على انها ماضية على النهج مهما كانت الصعوبات والمشاق التي تعترضها وحجم التضحيات التي ستقدمها من اجل نيل رضى الله تعالى ونبيه الاكرم صلى الله عليه واله الاطهار خاصة صاحب المرقد المطهر ابي عبد الله الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام وحامل راية الهدى والعدل والنور صاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفداء .نون...
https://telegram.me/buratha