المدعي العام يطالب باستقالة القاضي وأحد الشهود يقول: "لقد أرادوا تسميم الهواء"
بغداد/ المدىتستأنف اليوم الخميس المحكمة الجنائية العليا لمحاكمة صدام وستة من أعوانه بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الأكراد خلال حملة الأنفال للاستماع إلى ثلاثة مشتكين آخرين.وكانت جلسة أمس قد استؤنفت وطلب فيها المدعي العام منقذ آل فرعون من رئيس المحكمة عبد الله العامري تقديم استقالته متهماً إياه بالتساهل إزاء صدام والمتهمين الآخرين "لتطاولهم واستخدامهم تعابير غير مقبولة، وتوجيه تهديدات إلى المدعي العام والشهود".
ورد العامري ذاكراً قصصاً تاريخية يستخلص منها العدالة والمساواة بين الناس "كي لا يطمع شريف ولا ييأس ضعيف" في إشارة إلى حياديته. من جهتهم قال فريق الوكلاء المدعين بالحق الشخصي أنهم لاحظوا في الجلسات السابقة أن المجال فسح إلى صدام للتطرق إلى مواضيع بعيدة عن سير المحكمة مشيرين إلى أن هذا الأمر "جرح مشاعرنا ومشاعر شعب كردستان وحقوق المدعي الشخصي ويؤثر على سير المحكمة". وأضافت المتحدثة باسم الفريق "لدينا ما نرد به على هذه المداخلات غير القانونية لكن الالتزام بالمحاكمة يمنعنا من الرد على هذه التجاوزات". ورد القاضي بأن إدارة الجلسة وانضباطها منوطة برئيس الجلسة مذكراً بأنه عمل في مجال القضاء مدة 25 سنة وقال "لا يمكن لفريق الوكلاء المدعين بالحق الشخصي أن يبينوا حدود وصلاحيات رئيس المحكمة".
وابتدأت المحكمة بوصف المشتكي الأول حالة قريته المكونة من 500 عائلة أثناء وقبل قصفها بالأسلحة الكيمياوية حيث قال بأن الطائرات والمدافع والراجمات قصفت قريته بشكل يومي وقتل جراءها العديد من الأهالي مضيفاً: أن حملات الأنفال بدأت في شهر شباط من نفس العام حيث حشدت قوات عسكرية باتجاه القرية وما يحيطها وتقدمت من أربعة اتجاهات واستمر الهجوم مدة 20 يوماً استخدم فيه أنواع الأسلحة ومنها الكيمياوية ولم يتمكن الأهالي من البقاء في قراهم واتجهوا إلى إيران.
وأضاف المشتكي أن ظروفاً صعبة مر بها الهاربون إلى إيران حيث كان الجو بارداً وينقصهم الغذاء، فيما استمرت الطائرات بالقصف واستولت القطعات العسكرية على القرى وقامت بهدمها لاحقاً باستخدام المواد المتفجرة. وقال: مكث الأهالي في إيران مدة 20 يوماً وحينها وزعت الطائرات العراقية منشورات تدعوهم فيها إلى العودة من إيران بعد صدور (قرار عفو) بشأنهم، وعادت تلك العوائل البالغ عددها ثمانية كي يسلموا أنفسهم إلى قرية (سوينا) وتم إلقاء القبض عليهم من قبل القوات العسكرية وتسفيرهم إلى محافظة أربيل وإلى السجن فيما بعد، وأشار المشتكي إلى إن أفراد عائلته العائدين من إيران لم تتم معرفة أخبارهم غير أن بطاقة هوية لزوجة شقيقه وجدت بإحدى المقابر الجماعية في مقبرة الحضر بالموصل.
وقام المدعي العام بإظهار وثيقة قال بأنها (تؤيد أقوال الشاهد) وهي عبارة عن هوية الأحوال الشخصية لزوجة شقيق المشتكي وجدت في مقبرة الحضر. ووجه علي حسن المجيد ستة أسئلة إلى المشتكي بدت غير منطقية ولم يصل بها إلى نتيجة أو فائدة وتناولت سؤاله عن وجود الكهرباء في قريته أو طريق مبلط أو أية مؤسسات حكومية واكتفى المشتكي بالإجابة "توجد قنابل ومدافع".
وقد شهدت الجلسة أكثر من عشرين سؤالاً من قبل محامي الدفاع علق عليها القاضي عبد الله العامري بأنها "غير منتجة". وبدأ المشتكي الثاني عمر عثمان شهادته بوصف حاله جراء القصف الكيمياوي بالقول انه "جاء إلى المحكمة بعين بالكاد تبصر وبجسد محروق" وقال بان شكواه عن عمليات الانفال الاولى والاسلحة الكيمياوية. عثمان يبلغ من العمر 42 عاماً يقرأ الأوراق بواسطة (مكبرة) بسبب تأثر نظره بالسلاح الكيمياوي، وقد اكد اصابته تقرير من مستشفى الماني عولج فيه في وقت سابق.
وذكر في افادته ان عمليات الانفال بدأت في اربع قرى شهدت معارك بين البيشمركة والجيش استخدم فيها الاخير الاسلحة الكيمياوية في اغلب المناطق، وفي 19 آذار 1988 انسحبت قوات البيشمركة بسبب قلة العتاد والعناصر المقاتلة وشاهد جراء القصف نفوق قطيع من الاغنام قدر عدده بـ 2000 - 3000 رأس وقتل معه راعيه، واضاف المشتكي ان "الجيش لم يكن يؤذينا نحن الاكراد فقط بل اراد تسميم الهواء" ذاكراً: ان الكثير من افراد البيشمركة والمدنيين قد قتلوا جراء القصف الكيمياوي فضلاً عن صفوف المعارضة الموجودين هناك (حزب الدعوة والحزب الشيوعي).
وقال "وفي 22 آذار 1988 قبل الظهيرة حلقت بعض الطائرات في سماء المنطقة وتم القاء بالونات هوائية لتعود في نفس اليوم وفي الساعة الثانية بعد الظهر وبصورة مكثفة لتقصف بالاسلحة الكيمياوية"، واضاف "كان معي عدد من الافراد، ومن شدة القصف تقطعت اجسادهم إلى اشلاء، اما انا فسقط قربي صاروخ لم ينفجر بل انفلق فأصابني سائل هذا الصاروخ الذي لم يتحول إلى غاز فشعرت بالم كبير كمن يصعق بالكهرباء او يسكب عليه الماء الساخن"، وقال المشتكي ان اشخاصاً مدنيين حضروا لمساعدتهم ونقلهم إلى ايران لغرض العلاج.
واستدرك بالقول "اطلب التعويض، ومع انه لن يعيد لي نظري ولكن اريد ان يكونوا عبرة للتاريخ"، ولم يشكك محامي الدفاع بديع فرحان في مصداقية المشتكي واكتفى بسؤاله ان كان المستشفى الذي عولج فيه مدنياً ام عسكرياً فأجيب "مدني".
وتوالت افادات المشتكين عن قضية الانفال حيث انفجر بالكباء احدهم واسمه صلاح قادر في معرض رده هل يطلب التعويض وقال "لن يعوضني فقدان والدي ووالدتي وانا في عمر عشر سنوات".وبدا المتهمون صامتين ولم يقاطعوا سير المحكمة في اشارة إلى رضاهم عن اداء القاضي، وقال المتهم علي حسن المجيد للقاضي "افتخر بانك مثلت القضاء العراقي العادل".
https://telegram.me/buratha