وقال رايان في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تفاجئنا اثناء تخطيطنا لإنشاء كادر شرطة نهرية قادر على مزاولة نشاطاته بصورة جيدة، بعدم وجود مقومات لبناء او تأسيس هذه الشرطة النهرية من معدات وتجهيزات وخبرة او طاقم مهيأ لمثل هكذا حوادث ضخمة، لذلك فقد اتصلنا بالأجهزة المختصة في المملكة المتحدة من اجل تجهيز بعض المعدات الضرورية كأجهزة الغطس والتنفس داخل الماء، ومعدات أخر تساعد في عمل طاقم الشرطة النهرية، إضافة الى التعاون المشترك مع طاقم الخبراء الاميركي الخاص بهذا الموضوع، والذين أشرفوا ايضا على بعض عمليات التدريب الضرورية والخاصة بعمل فريق النجدة النهرية، مثل كيفية انتشال الجثث من مياه النهر، والتعرف على هذه الجثث وتحديد هويتها، ليتسنى التعامل معها، فضلا عن الزوارق الحديثة ذات التصميم العالي والتكنولوجيا الكبيرة التي قدمها الجانب الأميركي». وأضاف رايان «ان برنامج التدريب هذا هو برنامج موسع وشامل ومتكون من عدة مراحل، وحاليا نحن في مرحلة إعداد طاقم المتدربين حول كيفية التعامل مع الجثث داخل الماء، بالاضافة الى عملنا على تهيئة الظرف المناسب لتدريب طاقم الانقاذ من خلال إيجاد الموقع الملائم لعمليات التدريب في أحد أماكن النهر الآمنة ببغداد». من جهته، تحدث النقيب فراس عبد اللطيف الضابط العراقي المسؤول عن إحدى نقاط الشرطة النهرية في بغداد، عن البرنامج التدريبي الذي تشرف عليه مجموعة من الخبراء البريطانيين والاميركيين قائلا «بالنسبة لهذه الدورات الجديدة، فأنا كنت قد شاركت في اول دورة تدريبية مدتها (20) يوما، حصلت في الولايات المتحدة الاميركية قبل شهرين، تضمنت التدريب حول كيفية العمل على الزوارق الحديثة وكيفية تصنيعها وتصليحها التي تم تقديمها لنا من قبل القوات الاميركية، وهناك دورة اخرى لـ(16) منتسبا ستقام ايضا في اميركا، تشرف عليها قوات البحرية الاميركية (المارينز)، لتدريبهم وزيادة قدراتهم الجسدية وتطوير مهاراتهم على فنون القتال ضمن النهر وسياقة هذه الزوارق أثناء تعرضهم لحادث»، موضحا أن هؤلاء المنتسبين وبعد إنهائهم للدورة المذكورة، سيقومون بتدريب أفراد وكوادر الشرطة النهرية الآخرين في عموم البلاد على المهارات والمعلومات التي تعلموها في الدورة، وسيتم فتح مدرسة تدريب وتأهيل الشرطة النهرية في أحد المواقع النهرية في مدينة بغداد، الغرض منها تدريب كافة منتسبي الشرطة النهرية في مختلف محافظات القطر على الوسائل والأساليب الحديثة لعمل الشرطة النهرية.
وحول المشاكل والصعوبات التي تواجه هذا البرنامج، تحدث الخبير البريطاني قائلا «ان الظروف الأمنية هي العائق الكبير الذي يواجهنا، فنحن على علم بالمخاطر الكثيرة التي تواجهنا والمتمثلة بالهجمات العشوائية وإطلاق الصواريخ من مناطق مختلفة ضد المنطقة التي تشهد التدريبات التي تعيق عملنا، لكن همة الفريق المتدرب قوية ولديهم إصرار كبير ومعنوياتهم عالية لمتابعة البرنامج التدريبي، إضافة الى عامل آخر شكل لدينا نوعا من الإحباط وهو عدم معرفة كادر الشرطة النهرية العراقي بالدور الكبير الذي يقدمونها في هذا المضمار، وخلفياتهم عن الخدمة الانسانية التي يعملون بها قليلة جدا، لكن ومع استمرار برنامج العمل التدريبي على المستويين العملي والنظري تصاعد إدراكهم بأهمية هذا الموضوع بدأت مستوياتهم ترتفع وسوف ينتقلون الى مرحلة متقدمة في برنامجهم التدريبي، وهي تطوير قابليتهم الجسدية على تحمل أعباء وظائفهم». من جهته، اشار عبد اللطيف الى وجود استفادة متبادلة في هذا البرنامج بين الطرفين، اي بين المدربين البريطانيين والاميركيين وبين المتدربين العراقيين «فهم يمتلكون معلومات حديثة ومتطورة جدا ونحن نمتلك خبرة وقابلية عملية»، ساعدت في تقريب الكثير من الامور بين الطرفين. وأكد عبد اللطيف، وهو الضابط الآلي لقاطع النجدة النهرية الذي يشرف علي تدريب طاقمه الخبراء البريطانيون، على وجود مشاكل عديدة تعاني منها الشرطة النهرية كالزوارق القديمة والتي تحتاج الى تصليح او بالاحرى تحتاج الى تبديل، مشكلة المواد الاحتياطية والتجهيزات القليلة الخاصة بالغطاسين، وعدم توفير الوقود للزوارق العراقية من جانب وزارة الداخلية، وأجور تصليح تلك الزوارق التي مر عليها الزمن ولم تعد صالحة أصلا للقيام بدوريات نهرية، مضيفا أنه وفي بعض الاحيان يقوم بتصليح العطلات في تلك الزوارق القديمة على حسابه الخاص لتمشية الامور، وذلك بسبب الاجراءات الروتينية والطويلة المتبعة في الوزارة التي تتطلبها عملية صرف تلك المستحقات، وقد تصل مدتها في بعض الأحيان لستة اشهر كاملة من أجل صرفها، لافتا الى حجم النشاطات والجولات النهرية التي يقومون بها في الوقت الحالي قليلة جدا، وذلك بسبب ازدياد الأماكن التي تمنع فيها السباحة، سبب آخر وهو الامكانات المادية القليلة التي يعانون منها، لذلك فجولاتهم مقتصرة فقط على وقوع الحوادث، اضافة الى الحوادث والهجمات المسلحة التي يتعرضون اليها في بعض الأحيان من قبل الجماعات المسلحة، مثلما حصل لهم في إحدى مناطق أطراف بغداد.
وبين عبد اللطيف قيامهم بجولات وواجبات تفتيشية مشتركة مع قوات الجيش العراقي والقوات الاميركية في مناطق وجزر واقعة ضمن مجرى النهر، كان يستخدمها المسلحون لشن هجماتهم الصاروخية او تخزين الاسلحة فيها، كما تم رفع بعض المعدات العسكرية الغارقة في نهر دجلة، والسيارات الغارقة هي الاخرى لها حصة في عملهم، كما تتم مساعدة بعض الدوائر والمؤسسات الحكومية في بعض الاعمال النهرية كدوائر الكهرباء والطرق والجسور وغيرها.
وكشف عبد اللطيف الذي يشارك في العمل الميداني للدوريات النهرية ايضا، عن انتشال ما يقارب 120 جثة من نهر دجلة منذ بداية العام ولغاية الآن في مدينة بغداد لوحدها، وان اغلب هذه الجثث المنتشلة نادرا ما يكون اصحابها قد غرقوا وانما تم قتلهم ورميهم في النهر، بعد ان تعرضوا للتعذيب من خلال العلامات التي تظهر عليها بعد انتشالها من النهر وهي معصوبة الايدي والاعين وتم اطلاق الرصاص عليهم،
الشرق الاوسط
https://telegram.me/buratha