الأخبار

عيد الغدير والهوية الثقافية الشيعية


 

الاستاذ الدكتور حيدر كريم سكر

 

    يمثل عيد الغدير بعدا مهما في تشكيل الهوية الدينية والثقافية عند الشيعة ، فهو يعد عامل موحد، يجعل الشيعة يشعرون بالوحدة والتضامن بين المؤمنين وايضا يعد معزز لتاكيد المعتقدات والممارسات التي تميز الشيعة ، اذ ان تحقيق منهج الغدير يبعث بالراحة والأمان للناس في العلن وكذلك في نفوس البشر، كونه يعد منهج للسلام والمساواة والعدل لدرجة لو طبق لعم السلام والاطمئنان ، وذلك لان معرفة الغدير وما يمثله في العمق الاسلامي ستكون  معرفة للدين فهو قلب الاسلام وأصله ولو طبق منهج الغدير لاصبح حل المشكلات كافة ممكنا ولجعل الحياة اسهل .

ان عيد الغدير تعبير عن الاعتزاز الشيعي بالهوية الشيعية وذلك لان من اهم صفات منهج الغدير تتمثل في الإنسانية والأخلاق الفاضلة والعدالة الاجتماعية وعدم الظلم واحترام حقوق الانسان واتباع الحق ، لذا تعد قضية الغدير أساس العقيدة الشيعية.

وهذا نابع من كوننا نعتقد أن الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هو إمام الحق للأمة الإسلامية بعد نبي الإسلام الاكرم محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) لهذا فان الأساس و الرصيد الرئيسي للعقيدة الشيعية تتمثل في الغدير وما يحمله من ارث حضاري وعقائدي

لهذا علينا المحافظة على هذه العقيدة عن طريق اشاعة معارف الشيعة وفلسفة الشيعة وعلوم وحضارة الشيعة والتعريف بعلمائنا كل هذا يمثل الهوية الثقافية الشيعية التي تعد بمثابة منظومة ثقافية متكاملة، اذا ما تم استغلالها على اتم وجه لاصبح المسلمين من أعظم أمم العالم إن لم يكونوا أعظمها قاطبة،  فالغدير ثقافة متكاملة تقوم على الأركان الإنسانية التي تحترم كينونة البشر وتحميه من الانتهاك وتضمن حقوقه وحرياته المدنية وسواها.

هذه الثقافة تم تجسيدها عمليا إبّان قيادة الإمام علي (ع) للأمة، فقد قامت هذه القيادة على اسس ، رسخت ثقافة الغدير ، وهي الثقافة القائمة على قواعد العدل السياسي والاجتماعي والحقوقي والاقتصادي والصحي والتربوي، وبالنهاية هي ثقافة الإنسان المُصان من الخوف والامتهان والعوز والإذلال والخضوع والتوسل والتخلف والجهل ، وهي ثقافة حرية الرأي وحماية المعارضة، وهي ثقافة العدل بأبهى صوره، وهي أولا وأخيرا ثقافة السلام التي أثبتتها مواقف أمير المؤمنين الرافضة للحرب إلا عندما تكون دفاعا عن النفس، ولنا من هذا ما يذكره المستشرقون ومن بينهم روجيه غارودي الذي يقول  أن كل ما يتبجح به الغرب اليوم سبقهم إليه أمير المؤمنين (بثقافة الغدير)، التي قامت أساسا على مبدأ عدم سفك الدماء، ونبذ القتال والحرب إلا عندما يكون دفاعا عن النفس.

وقد أخذ بهذه الثقافة وأركانها عدد من مراجع التقليد الأعلام الشيعة ورجالات الدين وجعلوا من منهج الإمام علي ( عليه السلام)  طريقا لهم، وتمكنوا من نشر وتثبيت أركان هذه الثقافة، خصوصا بين الشباب، ومما يجب ذكره هنا أن هذه الثقافة ساعدت قادة الجماهير من المراجع العظام على مقارعة الاستعمار البريطاني في العراق وما ثورة العشرين الا دليلا على نجاح هذه المنظومة الثقافية المتكاملة عن طريق التفاف الجماهير حول مرجعيتهم الدينية التي قادتهم بنجاح الى الانتصار على الانكليز والرضوخ لمطالبهم في ان تكون هناك حكومة عراقية تقود البلد والتي كانت من ثمار هذه القيادة هي تاسيس العراق الحديث في عام 1921 .

كما ان الغدير، تهب المسلمين فرصا جديدة للتقدم، فهذه الثقافة ذات المبادئ العادلة تحضّ المسلمين على تصحيح منهجهم في إدارة أنفسهم ودولهم وثرواتهم وتدعوهم الى تعديل سياساتهم، بالإضافة الى ان تكون ثروة فكرية تزيد من نواصي العلم وترفع من مستويات التفكير والابتكار لدى شباب المسلمين، وهذا كله يمكن حدوثه في حالة واحدة وهي حالة حفظ ثقافة الغدير كمنظومة فكرية ثقافية مبدئية متكاملة، يتصدى لمسؤولية نشرها جميع القادرين على السير وفق نهج الغدير ، لذا على الجميع العمل على جعل ثقافة الغدير معروفة ونشرها بكل ما يملكون من طاقة على توصيل هذه الثقافة ونشرها وتسهيل عملية تطبيقها، وعلى الشباب أيضا أن يستوعبوا هذه الثقافة ويعملوا في ضوئها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك