وشدد عبد المهدي على أن خطة المصالحة «وحدت اللغة والخطاب داخل الحكومة للتعاطي مع الأمور الشائكة ناهيك من أنها منحت رئيس الحكومة القدرة على المبادرة وطرح الحلول ومكنته من التحرك من دون أن يخاف الانتقادات التي يمكن أن تأتي من هنا أو هناك». وإذا كانت الخطة «خطوة أولى» إلا أنها تتميز بخاصتين مهمتين: الأولى أنها «تبتعد عن التصور الفوقي وتتحاشى الأخطاء السابقة. والثانية أنها تمتلك آلياتها وأهمها تشكيل اللجان على كل المستويات وطرحها تصورات عملية للتصدي للمشاكل بحيث لا تبقى عند الفرضيات». الأمر الآخر الذي يشدد عليه نائب الرئيس العراقي هو أن الخطة توجد القاعدة السياسية لمعالجة الوضع الأمني في العراق، لأن «الجزء الكبير من الوضع الأمني مرده سياسي». ومن هذا المنظور، يرى عبد المهدي أن الغرض المرجو من الخطة هو القيام بعملية فرز بين الجهات التي تقول إنها تعارض أو تقاوم، داعيا إياها الى «الخروج الى الضوء» والإعلان عن نفسها، وأن تقول ما هو برنامجها ومن تمثل. واضاف: «علينا أن نأتي بكل العناصر الجيدة حتى تدخل العملية السياسية، وعلينا أن نفرز كل العناصر السيئة التي تبقى تعتمد العنف أداة سياسية وليس الحوار وتتمسك برؤية أحادية استبدادية وليس الحياة الديمقراطية». وخلاصة عبد المهدي في شأن خطة المصالحة، أن الحكومة تريد أن تعرف ما إذا كانت المجموعات التي تقول إنها تريد الحوار «جادة « في دعوتها. وفي أي حال، «الحكومة تمثل الحالة الشرعية الوحيدة في العراق ولن تقبل أن يرفع أحد السلاح تحت أي عنوان، أكان محاربة الاحتلال أو الفقر أو أية مطالب أخرى».
وتناول عبد المهدي الملاحظات الثلاث، التي سجلها طارق الهاشمي، وهي خلو الخطة من جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق وإطلاق آلاف المعتقلين بأيدي القوات الأجنبية والاعتراف بالمقاومة العراقية واستيعابها في الدولة. وفي ما خص النقطة الأولى، قال عبد المهدي إن «جدولة انسحاب القوات الأجنبية مرهونة بتوافر عدد من الشروط، لأن أخطر ما يمكن أن يواجهه العراق هو الفراغ الأمني، فإذا كنا اليوم في وضع غير جيد فسنكون في وضع أسوأ، ومهما كان الكلام محقا، في شأن القوات الأجنبية، يتعين علينا تجنب تقديم رؤية تسقطنا في الخطأ». وأضاف: «الهاشمي وغيره يرفضون احيانا نشر قوات عراقية لحماية بعض المواقع أو الأطراف ويطالبون مكانها بقوات أجنبية». وطالب عبد المهدي بـ«الواقعية» منهجا للتعامل مع هذه المسألة وتضمن مصلحة العراق. ولذا يعتبر أن الشرط الأول هو كفاية اجهزة الأمن العراقية «للحفاظ على مستوى مقبول من الأمن»، مدخلا للبحث في خروج القوات الأجنبية. وقال: «الحكومة أعدت خطة بالتعاون مع القوات المتعددة بحيث تنسحب من معظم المدن والحواضر، وبحيث لا يعود لها احتكاك مع المواطنين مع نهاية عام 2006». ويرى في ذلك «خطوة مهمة لتجربة كفاءة القوات العراقية». وفي أي حال يؤكد أن عام 2007 «سيكون عاما ملائما للنظر في طبيعة حضور القوات الأجنبية ووضع جداول أكثر دقة مما يمكن الآن». ولكن ماذا عن بقاء قوات أميركية في قواعد داخل العراق في إطار اتفاق دفاعي بين بغداد وواشنطن؟. يجيب عبد المهدي إن هناك «حساسية كبيرة تجاه هذا الأمر، وذلك بسبب نزعة عمومية في المنطقة ضد الأميركيين، رغم وجود قواعد لهم في عدد من البلدان الخليجية والعربية وفي تركيا وغيرها، ورغم أن ثمة دولا كاملة السيادة تحتضن قواعد عسكرية أميركية». وتساءل عن مغزى أن تقوم دول عربية بـ«مهاجمة العراقيين علما بأن عمليات الهجوم على العراق انطلق بعضها من أراضيهم فلماذا لم يمنعوها إن كانوا على هذا القدر من السيادة؟». غير أن نائب الرئيس العراقي يتحاشى إعطاء رد واضح حول هذه النقطة لأن «الأمور مرهونة بأوقاتها وظروفها، ولا أستطيع اليوم أن أجيب بنعم أو لا، والمهم مصلحة العراق التي هي فوق كل شيء آخر».
أما حول موضوع إطلاق الموقوفين، فقد دعا عبد المهدي الى التعاطي معه «بدقة وموضوعية وتشخيص ما يكون نافعا لكل الأطراف وليس لطرف على حساب آخر» وكذلك الاستهداء بضرورة المحافظة على السلم الاجتماعي، مشيرا الى امكان اتخاذ «إجراءات استثنائية في ظروف استثنائية». وتناول نائب الرئيس العراقي مسألة الفرز الطائفي الذي يشهده العراق في بعض المناطق، فرده الى مخططات الزرقاوي، في ما بدايته الحقيقية تعود الى أحداث سامراء وردات الفعل عليها التي كشفت عن «بعد طائفي خطير». غير أن عبد المهدي لا يبدو قلقا لإمكانية حدوث فرز طائفي واسع بسبب التركيبة الاجتماعية والسكانية للعراق، ومع ذلك يعترف بوجود «لعبة ازدواج» في الكلام والمواقف لجهة المسألة الطائفية، حيث «لمعظم الناس كلام مزدوج». ويبدي كذلك أسفه لوجود «زرقاويين صغار وكبار لدى كل الأطراف». وقال عبد المهدي: «لا يجوز شرعنة الخطأ» أي التستر على الأعمال الطائفية من أية جهة أتت وعلى ردود الفعل عليها، من أجل تحصين العراق ضد الحرب الطائفية التي يستبعد حدوثها بين العراقيين.
ولكن ماذا عن العلاقة المثلثة مع إيران والولايات المتحدة في ظل اتهامات لطهران بتأجيج الإرهاب في العراق؟ يقول عبد المهدي: «نسعى لقيام عراق جديد متصالح مع ذاته ومع الخارج... سياستنا أن نوجد صداقات مع الجميع ولا نريد أن تحصل على الأراضي العراقية أعمال معادية لإيران، كما لا أريد أن تستخدم إيران العراق ساحة لتصفية خلافاتها مع أميركا». وأضاف عبد المهدي: «بالمقابل لن نسمح لأميركا بان تجعل من العراق ساحة للضغط على إيران». وخلص نائب الرئيس العراقي الى القول: «هذه المعادلة هي كلمة السر عندنا ونحن نقول هذا الكلام وبهذا الوضوح للطرفين. لإيران نقول إن أي عمل معاد للأميركيين على اراضينا يمس المصلحة العراقية. وللأميركيين نقول: افتحوا حوارا مع الإيرانيين فهذه مصلحة أميركا والعراق وإيران والمنطقة». وشدد عادل عبد المهدي على الدور الذي قام به العراق، وهو شخصيا، للتوسط بين طهران وواشنطن في الملف النووي الإيراني وكذلك للتقريب بين إيران والترويكا الأوروبية واعتماده، مع آخرين، قناة للتواصل بين هذه الأطراف.
وعن سورية قال عبد المهدي إن الكثير من المطلوبين والمطاردين العراقيين «ما زالوا يستخدمون الأجواء السورية»، وأنه برغم التحسن الذي يلاحظه العراق في طريقة سورية معه لجهة الرقابة على الحدود «ما زالت سورية معبرا للإرهابيين»، كما أن «الكثير» ما زال مطلوبا من السوريين حتى تستقيم العلاقة مع دمشق. واول ما طالب به عادل عبد المهدي هو أن يحترم الجانب السوري إرادة الشعب العراقي كما ظهرت في الانتخابات.
الشرق الاوسط
https://telegram.me/buratha