اتهم وزير النفط عادل عبد المهدي ما اسماها بـ (الاقطاعات الادارية) بالوقوف امام تحرير الاقتصاد ، مشيرا الى أن" هناك مافيات داخل الدولة وخارجها تعتاش على الاقتصاد الريعي وامواله السهلة،
وقال عبد المهدي في كلمة له أن" أسعار النفط انخفضت حول سعر 30 دولاراً/برميل، وهو حاجز نفسي لم تبلغه اسعار النفط منذ 12 عاماً.. فبلغ الخزين العالمي اعلى مستوياته ، ولم يحقق الاقتصاد الصيني {المستهلك الثاني للنفط} نسب النمو المرجوة ، ويستمر تدفق النفط الصخري، رغم تراجع عدد الحفارات وغلق بعض الابار، وسط توقعات السوق بعودة النفط الإيراني بعد رفع العقوبات، وغيرها من عوامل ضاغطة باتجاه الانخفاض ، وهو ما يسبب قلقاً بل رعباً في الدول المنتجة، وفائدة قلقة في الدول المستوردة ".
واضاف ان" دراسة صدرت عن (اوكسفورد ايكونوميكس) تشير الى انه عندما انخفضت الأسعار من 84 دولاراً الى 40 دولاراً للبرميل، فان الناتج الوطني الاجمالي ارتفع للمستوردين كالهند والصين والولايات المتحدة بمعدل 0.5%-1.0%.. وانخفض للمصدرين كالسعودية وروسيا بمعدل 3.5% ، وان ثبات الأسعار على 60 دولاراً/برميل سيساهم بزيادة الناتج الوطني الإجمالي العالمي بمقدار 0.5% سنوياً ".
وتابع عبد المهدي " في العراق شهدنا تدهوراً سريعاً في الموازنة التي تعتمد اساساً على موارد النفط ، ويشير احد تقارير صندوق النقد الدولي الصادرة مؤخراً إلى انه في مجال القطاع الحقيقي يتوقع ان يكون معدل النمو بمعدل 1.5% لعام 2015 بعد ان حقق معدلاً سلبياً لعام 2014، وهذا ناجم عن النمو في الإنتاج النفطي على الرغم من استمرار تحقيق الإنتاج غير النفطي معدلات سلبية".
ولفت الى ان" ازمة الموازنة العراقية هي أزمة القطاع الحقيقي العراقي، وهو ما يجب أن تتركز عليه الحلول لإنهاء القلق لدى الموظفين والعاملين في القطاع العام، والعاملين والمصالح خارجه. فلقد اجتزنا عام 2015 بكثير من الصعوبات ، واتخذت بعض القرارات الجيدة التي تهدف إلى تشجيع القطاع الخاص ، لكنها بقيت معطلة اما بسبب تشريعات بالية او تقاطع التعليمات والضوابط التي تعمل بها مختلف المؤسسات التشريعية والتنفيذية والرقابية والقضائية لذلك استمرت، بل ازدادت، هيمنة القطاع الريعي، فلم تأت الزيادة في معدلات النمو سوى من زيادة انتاج النفط ، وهكذا ضاعت سنة اخرى، وندخل عام 2016 وما زلنا أسرى اسعار وانتاج النفط، بسبب القيود التي نضعها على انفسنا".
واوضح ان" العراق لديه ثروات وإمكانيات كبيرة ، ولديه من الأصول والموجودات ما تسمح له بتحريك الاقتصاد وتحفيز النشاطات ، ولديه احتياطات مالية جيدة ومديونيته وعجزه ومعدلات تضخمه معقولة واقل من الكثير من الدول المحيطة به ، ولديه مواقع دينية وحضارية تجعله قبلة الزائرين ، ولديه سبيكة من الذهب الاسود تجعله مطمح المستثمرين، وضمانة لاعمار اقتصادي شامل ، وفيه كفاءات ومصالح معطلة تنتظر الانطلاق ، ويتمتع العراق بصداقات اقليمية ودولية كبيرة ".
وتسائل عبد المهدي" لماذا ننتظر لقلب المعادلة والتحرر من قيد اقتصاد الدولة الريعي الاحتكاري؟، والانتقال الى الاقتصاد الاهلي الوطني، بمبادراته ورشده وسرعة حركته واستثماراته المتحررة من قيود البيروقراطية والروتين، التي تسمح بانطلاق القطاع الحقيقي كالزراعة والصناعة والخدمات والحياة المصرفية والتجارية والمهنية والتعليمية والصحية، كما تسمح بانقاذ وانطلاق القطاع العام، واعادة الدولة لدورها الاساس كدولة جباية وخدمة عامة، ويخلصها من آفة الفساد التي ابتلت بها، والجمود والعطل والهدر الذي هو ديدنها. فما الذي يمنعنا من المضي قدماً؟.. وهل هو اختلاف في تشخيص المصالح، ام انها المصالح الضيقة التي تمنعنا من القيام بذلك؟ ".
واكد بالقول ان" ما يمنعنا هي المافيات والمصالح الخاصة داخل الدولة وخارجها، واصحاب الاجندات القديمة/الجديدة، والتي نسميها بـ"الاقطاعات الادارية".. فهي التي تدافع وتقاتل بذرائع مختلفة عن تشريعات وتعليمات وممارسات مخالفة للدستور ومخالفة لمقتضيات العصر والواقع ، مضيفا " وهي التي تقف بوجه تحرير الاقتصاد دفاعاً عن مصالحها وانانياتها. فلقد ربت العهود الماضية كثيراً من المصالح التي تعتاش على الاقتصاد الريعي وامواله السهلة، مدمرة بذلك الاقتصاديات الحقيقية. ولقد ورث كثيرون هذه العقليات والممارسات والمصالح ".
واوضح ان " هذه هي ازمة البلاد الحقيقية، والتي تتطلب شجاعة استثنائية ومواقف جذرية من مجلس النواب والحكومة والقضاء ومراكز القرار والراي في البلاد للتخلص منها والانطلاق في طريق الخلاص.. والا ستستمر الازمة وتتعمق، سواء انخفضت اسعار النفط ام ارتفعت".
https://telegram.me/buratha