أثبتت الأجهزة الاستخبارية العراقية مجدداً أن "المشعوذين يكذبون ولو صدقوا"، عندما استثمرت "جهل" زوجة أحد قادة تنظيم (داعش) الارهابي في بغداد وغيرتها من ضرتها، للإيقاع به في عملية محكمة تدلل على "حنكة وفطنة"، وتؤكد تطور قدرات تلك الأجهزة التي تمارس عملها ضد قوى "الإرهاب" بمنتهى "التكتم والسرية".
فمن خلال متابعة قيادات (داعش) الارهابي اتضح للأجهزة الاستخبارية أنهم "يكونوا عادة متعلمين ومدركين للأخطار المحيطة بعملهم الإرهابي، وإن أعمارهم تكون أكبر من باقي مسلحي التنظيم، ما يقتضي المزيد من الجهد والمتابعة والصبر للإيقاع بهم"، بحسب ما أفاد به مصدر استخباري رفيع المستوى،
ويقول المصدر، الذي فضّل عدم كشف هويته، إن "الأجهزة الاستخبارية المعنية، حصلت على معلومات دقيقة عن مشاركة المدعو (ح. م. ق) بأعمال إرهابية عديدة غربي بغداد وشماليها"، مبيناً أن "الأجهزة الاستخبارية المعنية شكلت فريق عمل لجمع المعلومات عن ذلك الإرهابي، تمكن من تحديد أوصافه وخارطة تحركاته، حيث نجح بمعرفة أنه متزوج من امرأتين ومتخصص بتوفير مضافات آمنة للإرهابيين القادمين من الخارج ليتم تجهيزهم فيما بعد وتوزيعهم لينفذوا أعمالهم الإجرامية داخل العاصمة".
ويضيف المصدر الاستخباري الرفيع، أن "الهدف كان متمرساً ويتنقل بحذر شديد، حيث لم تفلح جهود مراقبة المنازل التي يحتمل تواجده فيها عن شيء يذكر، كونه كان بارعاً بالتنكر"، ويستدرك "لكن فريق العمل رصد ثغرة من خلال المعلومات التي جمعها عنه، تتعلق بوجود مشاكل كبيرة بين عائلتيه نتيجة تفضيله إحدى زوجتيه على الأخرى".
ويوضح المصدر، أن "فريق العمل اهتدى إلى فكرة يستدرج من خلالها إحدى زوجتيه للإيقاع به من خلالها من دون أن تشعر"، ويبيّن أن "الفكرة تتلخص بزرع أحد رجال الأمن بصفة مشعوذ يقوم بعمل السحر وما إلى ذلك من أعمال تنطلي على الجهلة، حيث تم استئجار بيت صغير بالزقاق ذاته الذي يوجد فيه منزل ذلك الإرهابي، شمالي بغداد، وتم الترويج بشأن كرامات هذا الساحر المزعوم، بأمل استدراج زوجته".
ويؤكد المصدر الاستخباري الرفيع، انه "لم يمر أسبوعان حتى قدمت الزوجة المعنية ومعها امرأة كبيرة السن، حيث شكت للساحر من زوجها، وهو الهدف من العملية كلها، وإهماله لها وسوء معاملتها وتفضيل الأخرى عليها"، مشدداً "هنا بدأ التركيز على إقناعها بضرورة جلب جزء من شعر رأس الزوج حتى يتم عمل السحر المطلوب للتأثير عليه".
ويستطرد المصدر، أن "الزوجة استجابت للموضوع بمرونة عالية، لاسيما أن الساحر المزعوم، تقاضى منها مئة ألف دينار لئلا تشك بالموضوع، وحثها على مواصلة الإدلاء بمعلومات عن الزوج الإرهابي، من دون أن تشعر"، ويواصل وهكذا "جاءت الزوجة بعد أربعة أيام، ومعها خصلات من شعر رأس الهدف، ما فتح الباب للخطوة التالية من خطة الإيقاع به".
ويلفت المصدر إلى أن "الساحر واصل الضغط غير المباشر على الزوجة، وتمكن من معرفة مكان تواجد زوجها الإرهابي المستهدف، وهو في بيت أحد أخواله، في منطقة غربي بغداد"، مؤكداً أنه "كان لا بد من مراقبة المكان بدقة لمعرفتنا بأن بمدى حذر الهدف والتحوطات التي يتخذها تحسباً من المراقبة".
ويمضي المصدر الاستخباري الرفيع قائلاً، إن "فريق المتابعة كان ينتظر اللحظة المناسبة التي حانت عندما أرسل الهدف بطلب حضور زوجته موضوع الخطة، وأولاده لبيت أحد أخواله، وعندها تم تنفيذ خطة خاطفة ومحكمة لمحاصرة الزقاق المعني ومهاجمة الدار وإلقاء القبض على ذلك الإرهابي، الذي كان نائماً وبجواره مسدسه وحزامه الناسف، وسط ذهوله من هول المفاجأة التي شلت حركته حتى أنه عجز عن الكلام".
ويسترسل المصدر، أن "الإرهابي المتهم اعترف للأجهزة الأمنية صراحة لاحقاً، بمشاركته المباشرة بعمليات إجرامية عدة طالت الكثير من المواطنين الأبرياء"، ويعد أن ذلك "يؤكد مجدداً أن المشعوذين يكذبون ولو صدقوا".
https://telegram.me/buratha