نفى وزير الداخلية العراقي جواد البولاني وجود اختراقات كبيرة للميليشيات و «فرق الموت» لوزارته. وانتقد اجراء الحاكم الأميركي السابق بول بريمر دمج الميليشيات في الأجهزة الأمنية للدولة. وقال في حديث إلى «الحياة» إن «وزارته لن تسمح بأن يؤثر في قراراتها أي تدخل سياسي من أي جهة كانت»، مشيراً الى القاء القبض على منفذي عملية خطف الخبراء البريطانيين الأربعة في بغداد قبل شهرين، وقال إن إمكانات الخاطفين «كبيرة جداً». وأكد البولاني أن «التدخل السياسي، إذا سمحنا به، سيعيق عمل الأجهزة الأمنية المرتبطة بالوزارة، ما يؤثر سلباً في انجازاتها، فنحن لا نستطيع ان نرضي جميع الأطراف لأن هدفنا هو تحقيق الأمن للجميع من دون استثناء». وأضاف أنه «تمت احالة عدد من الضباط في الوزارة على القضاء بسبب تورطهم بتهم مختلفة، لا تقتصر على الفساد الإداري، وملاحقة بعضهم لأنهم لم يلتزموا سلوكيات المهنة، بل مارسوا انتهاكات لحقوق الانسان أيضاً». وعن الاتهامات التي توجه إلى الوزارة بأنها مخترقة من الميليشيات، خصوصاً «جيش المهدي»، قال: «تلك الاتهامات ذات أبعاد سياسية مبالغ فيها لإعطاء حجم أكبر لتلك القضية»، مؤكداً أن «عدد منتسبي الوزارة أصبح نصف مليون منتسب حتى الآن، ومن الطبيعي أن يكون للميليشيات وجود ضمن ذلك العدد الكبير، ولكن تمت ملاحقة الميليشيات واعتقل بعض عناصرها، الى جانب احالة آخرين على المحاكم المختصة للنظر في الاتهامات الموجهة اليهم». وزاد ان «فترة التحول السياسي التي مرت بها الوزارة كان من الطبيعي أن تحصل مثل هذه الظواهر، وعليه شرعت الحكومة بتشكيل لجنة لاصلاح الوزارات الأمنية شملت وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى لتشخيص المظاهر السلبية التي رافقت عملية تشكيل عمل هذه المؤسسات». وأضاف أن «الحكومة جادة في تنظيف هذه الأجهزة من تلك الظواهر». وعن نتائج التحقيقات التي توصلت اليها لجان وزارة الداخلية لمتابعة قضية خطف البريطانيين الأربعة، قال البولاني: «وزارة الداخلية لا تتحفظ عن التحقيقات، ولكن ما زالت تلك اللجان في طور البحث والتحقيق للوصول الى الحقيقة كاملة، فتلك الجرائم ليست عادية، بل ترافقها مشاكل كثيرة، والى جانب التدخل السياسي والاقليمي يعاني العراق من تدخل أجهزة أمنية مخابراتية لدول اقليمية وأخرى تجاور العراق ومن مؤسسات تعمل بأجندات خارجية». وأوضح: «أن ما يتعلق بطبيعة التخطيط وتنفيذ العملية كان على مستوى عال»، نافياً تورط ضباط من وزارة الداخلية بالعملية، وقال: «القينا القبض على العصابة التي نفذت العملية، وهي عصابة خطيرة لديها القدرة على التخطيط والتنفيذ وأفرادها كانوا يحصنون أنفسهم بوضع خاص (هويات تعريفية) وأسلحة متطورة، لكن ذلك لم يعرقل عمل اللجان المكلفة التحقيق وتم القبض عليهم، وسيعلن ذلك قريباً في وسائل الإعلام». وعن النجاحات التي حققتها خطة «فرض القانون»، قال: «لقد تم انجاز الكثير وحققت الخطة أهدافها من خلال قتل أعداد كبيرة من الارهابيين واعتقال الآخرين وكشف أوكارهم وتحديد المناطق التي يبسطون نفوذهم عليها»، وزاد أن «المؤشر المهم الذي تحقق جراء «خطة فرض القانون» انها استطاعت ان تحدد التوتر الطائفي في مناطق العاصمة وبقية انحاء البلاد». وعن التسريبات الاعلامية عن اقالة الفريق عبود قنبر قائد «خطة فرض القانون»، أكد أن «ما يردده بعضهم حول إقالته غير صحيح». وعن تحركات الأجهزة الإيرانية في العراق ودورها وأجهزة الدول المجاورة الأخرى، أكد وزير الداخلية ان «قضية التدخل في شؤون البلاد تهدف الى تعطيل مشاريع الحكومة في توحيد الصفوف واستتباب الأمن»، مشيراً إلى أن «لكل دولة طريقة في التعامل مع هذا التدخل، ولا نستثني أحداً من ذلك، كي لا نلقي التهمة بهذه الجهة أو تلك»، موضحاً أنه «لا توجد لدينا احصاءات دقيقة لتحديد أي دولة لها اليد الطولى في التدخل في الشأن الداخلي في البلاد»، لكنه أكد أن «تدخل الدول المجاورة في الوضع السياسي في العراق وتأثيره في الوضع الأمني موجود وقائم، ويأتي عبر أجنحة خاضعة لرؤى سياسية أو أمنية في تلك الدول. واعتقد بأن تلك الأجنحة تمول وتدعم الميليشيات والجماعات المسلحة في البلاد». وعن التصريحات الأميركية بأن «فيلق القدس» الإيراني متورط في أعمال العنف في العراق ودعم المسلحين والميليشيات، قال البولاني إن «القوات المتعددة الجنسية لديها طاقة وقدرة على متابعة نشاط أي جهة، ووزارة الداخلية أجرت تحقيقاتها الخاصة للتوصل الى طبيعة ذلك النفوذ والتدخل»، مشيراً إلى أن «هناك مجموعات محدودة متورطة في هذا النشاط، ولدينا متابعات كثيرة ولن نسمح لأحد بأن يؤذي العراقيين». وأكد أن وزارة الداخلية تخلو من أي عناصر «فرق الموت» لأن الاجراءات التي تتخذها «صارمة ولا تستثني أحداً». وأضاف: «لا مستقبل لميليشيات في العراق وبقاؤها مرتبط بالعامل الزمني، ومتى حلت القضية السياسية في البلاد اعتقد أن أول من سينتفض على الميليشيات والجماعات المسلحة هو المواطن العراقي الذي عانى الكثير». وتابع أن «القوانين التي أصدرها بريمر لدمج الميليشيات في أجهزة وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة غير صحيحة، لأن الوزارة تحتاج الى المهنية والالتزام بالقواعد السليمة واخلاقيات المهنة»، لكنه أكد أن «بعض منتسبي الوزارة ممن كانوا يعملون تحت مظلة الميليشيات اثبتوا كفاءة في العمل بعدما أكدوا ان عملهم والواجبات التي يكلفون بها تؤكد ولاءهم للوزارة وللعراق». واضاف: «هناك نوع من الميليشيات شكلت بعد سقوط النظام وتضم الأحزاب والمنظمات التي عملت أيام النظام الديكتاتوري والثاني ميليشيات شكلت بعد سقوط النظام أيضاً، لكن تتحدر غالبية عناصرها من العائلات البسيطة والفقيرة». وأكد انحسار ظاهرة الجثث المجهولة، ونفى ان تعود تلك الجثث إلى معتقلين في السجون التي تشرف عليها وزارة الداخلية. وقال: «لا صحة لما يتداوله بعضهم عن عائدية تلك الجثث إلى معتقلين في سجون الداخلية»، موضحاً «أن الظاهرة نتيجة نشاط ميليشيات أو جماعات مسلحة قد تنتمي إلى هذا الطرف أو ذاك، وهي محددة في مناطق معينة»، مؤكداً أن «اعداد الجثث المجهولة في انحسار ملحوظ منذ بدء تطبيق خطة فرض القانون، وهناك متابعة لهذه القضية، لكن يبقى الصراع في بعض المناطق خاضعاً لنشاط مسلح»، وزاد أن «نسبة انتشار الجثث المجهولة الهوية في جانب الكرخ تصل لـ80 في المئة، وان العنف الطائفي مسؤول عما يزيد عن 60 في المئة من تلك الجثث».
وتابع أن «الداخلية من الوزارات التي لم يشملها الحل، مثلما حل بعض الأجهزة الأمنية الأخرى وبعض الوزارات كوزارة الدفاع، واستطاعت الوزارة أن تسير أعمالها طوال الفترة التي اعقبت سقوط النظام السابق وما زالت مستمرة في اداء مهماتها». لكنه قال: «تم اجراء بعض التعديلات على هيكلة الوزارة، وهو ما نطمح اليه في بناء مؤسسة أمنية عراقية تحظى بثقة المواطنين وتعاونهم». وتابع أنه «وفقاً لذلك بدأنا إعادة هيكلة الوزارة بشقيها: الأول بناء الوكالات والدوائر التخصصية، وحققنا في ذلك نتائج طيبة، والثاني يتركز على تدريب ورفع قدرة منتسبي الوزارة على اختلاف مراتبهم»، مؤكداً أن «المرحلة المقبلة ستشهد تطبيقاً فعلياً لتلك الاجراءات».
https://telegram.me/buratha